الصهاينة اقل مصائب فلسطين والعرب أعظمها
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

تزايد الحصار على الفلسطينين وأصبحوا تحت مطارق متعددة لا يوجد منها من يقف مع الشعب الأكثر صموداً في تاريخ البشرية، الحصار أصبح أقسى وأعنف وربما يكون مميتاً لأن قهر المنهزمين وصل مداه بسبب عزلهم عن شعوبهم، فالنصر كسر شوكة الكثيرين الذين لم يجدوا الحل إلا بمحاولة كسر شوكة الفلسطينين لجعلهم يصفقون للمهزومين ويقدسون خطواتهم، وهذا أمر مستحيل لشعب شعر بالعزة والكرامة، وأصبح يُشاهد ضوءً للحياة في آخر النفق بعد أن قارب  على فقدان الأمل لتساوي الموت والحياة في قلوب ابنائه الذين تغنوا بالنصر حالياً.

 

الحصار على الفلسطينيين توزع على خمس اتجاهات، وكل منها أخطر من الآخر، فالكيان الصهيوني وبدعم مُطلق من العرب المُتصهينين يسعون للسيطرة على القدس، وانتزاع وصايتها من الهاشميين وجعلها مرتعاً للمتطرفين اليهود، لكن المفاجأة الكبرى أن أهل فلسطين زادوا  تمسكاً بالقدس بعد صواريخ المقاومة التي كان لها فعل السحر في تغيير قواعد اللعبة وطُرق الإشتباك، ولضرب الموقف الشعبي زاد الصهاينة من محاولاتهم لاقتحام المسجد الأقصى وشددوا من حصارهم على حي الشيخ جراح وبدأوا محاولات العبث بحي سلوان المقدسي، وجاء هذا الضغط الصهيوني المجنون بقيادة المهزوم داخلياً وخارجياً نتنياهو، لاسترداد جزء من الكرامة المهدورة للصهاينة بشقيهم اليهودي والعربي، لكنهم لن ينجحوا كون صواريخ المقاومة لا زالت على عهد “إن عدتم عُدنا”.

 

الاتجاه الثاني والذي يتم التعامل معه بقسوة وعنف يتمثل في محاولة الصهاينة السيطرة على فلسطينيي فلسطين التاريخية، وبدا جلياً أن إعادة الهدوء للاراضي المحتلة لن يمر بسهولة حيث سيحتاج لوقت طويل بسبب عودة ظاهرة المواجهات اليهودية الفلسطينية، فالفلسطينيون اكتشفوا واليهود تفاجأوا بعد سنوات طوال من الاحتلال أن أبناء الحرية لم يكونوا جزءاً من الدولة الصهيونية في أي يوم من الأيام، لذا فقد بحثوا عن الحرية ودعم الأهل في القدس مع أول بارقة أمل لعودة كرامة الأمة وللذود عن المسجد الأقصى، ليُثبت أبناء فلسطين أنهم لم يتصهينوا كما فعل الكثيرون من العرب، وأثبتوا أنهم رجال من ذوي الهامات المرفوعة ولم ينبطحوا كما انبطح غيرهم من العرب، لذا وفي محاولة لإذلال الفلسطينيين استخدم الكيان القوة المفرطة للسيطرة على فلسطيني الداخل متناسين أن وقت إنفجارهم سر  من أسرار الساعةًأن  البركان الديموغرافي قادم لا محالة.

 

التوجه الثالث كان الأقسى والأكثر رعباً كونه جاء عبر الأهل والأشقاء، فالسلطة الفلسطينية قررت أن تقوم بدور الكيان في قتل ووأد روح المقاومة والحرية، فبادرت إلى اعتقال المئات من أبناء فلسطين بطريقة  الأمن الصهيوني، فطرق الاعتقال ذاتها والقوة المفرطة نفسها وصمت العالم والعرب هو ذاته كون الضحية فلسطيني، وعندها لن يهتم أحد بهوية الجاني، لقد كانت التوقعات أن تُكفر سلطة أوسلو والإتفاقات المُهينة عن تقصيرها في حماية الأقصى وشعب فلسطين وتقوم بتكريم أبطال الهبة الشعبية، لكن الأوامر القادمة من تل الربيع المحتلة طالبتهم باستخدام العنف ضد أهلهم وهذا ما كان، ولكن كل هذا الضلال والغربال لن يمنع شمس الحرية من البزوغ من جديد.

 

أما غزة فقد فرضت شروط وقف إطلاق النار لكنها لم تنجوا من حقد المنهزمين العرب قبل الصهاينة، لتجد نفسها تحارب على جبهة إعادة الإعمار ووقف إطلاق النار، لتكتشف ان الراغبين في كسرها وتحطيم اسطورتها أكثر بكثير من الراغبين في نهضتها وقيادة فلسطين صوب الحرية، فالسلطة ترفض مقاومتهم الشريفة وعديد العرب يرون في بطولاتهم تهور ، فيما الصهاينة يبحثون عن موج البحر ليبتلع غزة، ليكون القادم صعب فالأسلاك الشائكة تتزايد وترتفع والبحر يتقلص والعالم الذليل يدعم الصهاينة بالسلاح ليبقى الأمل في البقاء مرهوناً بقوة الصواريخ ومداها، وغير ذلك سيبقى الأمر حبر على ورق ولن يُصبح واقعاً ملموساً.

 

المواجهة الأخيرة تتمثل بمستقبل فلسطينيو الشتات والذين أظهروا انتمائهم لوطنهم السليب وهذا أمر قد يجعل بعض الدول تعيد حساباتها في التعامل معهم، ففي أوروبا والولايات المتحدة خرجوا ومناصريهم بالملايين لدعم القضية الفلسطينية ولإظهار الإجرام الصهيوني، وتكرر السيناريو في غالبية الدول العربية وفي مقدمتها الاردن التي لا يفصلها عن فلسطين إلا النهر الجامع بين حجرات القلب، فيما شهدت بعض العواصم المرتبطة بمعاهدات التطبيع مع الصهاينة مسيرات خجولة، وقد يدفع مع شارك فيها وبالذات في بعض الدول الخليجية عقاب السجن أو الترحيل.

 

هي خمس مواجهات للقضية الفلسطينية أقلها وطأة على النفس ما يقوم به الصهاينة في القدس وفلسطين التاريخية كونهم صهاينة مُحتلين، ثم ما يفعله العالم بغزة والعرب بفلسطيني الشتات، فيما أشدها ألما وقسوة على القلب ما تفعله سُلطة أوسلو بقمع أحرار فلسطين حتى لا ينهضوا ويصنعوا التحرير الذي تكون بدايته بنهاية سلطة الإحتلال القادمة عبر إتفاقيات الذل والعار، فيما يُدرك العالم أن قضية فلسطين لن تنتهي إلا بزوال الكيان كون المعركة معركة وجود لا حدود .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى