الوقيان: الإرهاب ليس قضية أمنية بل فكرية ولمست الحس القومي لدى الشباب العربي

النشرة الدولية –

الجريدة الكويتية –

اختتمت «لابا» الموسم الأول من برنامج الجوهر، الذي يضم عدة دورات تدريبية، والذي كان بإشراف وتدريب الإعلامية رانيا برغوت، ومشاركة متدربين من الكويت ولبنان والبحرين ومصر، وهم روان زبيد، وألطاف المطيري، وسهير الرفاعي، وناصر السهلي، وهبة نورالدين، وعبدالله المدفعي، ومنى مرزوق، وأحمد الخالدي، وعفاف العوضي، وجنان نبعة.

وأقيمت الدورة في الفترة من 23 إلى 27 مايو الماضي، في حين كانت حلقة الحوار مع د. خليفة الوقيان الاثنين 31 منه، وسوف توضع على قناة «لابا» في «يوتيوب» قريباً، وكان الحوار ممزوجا بين الحضور الواقعي والافتراضي، حيث حاوره بعض الطلبة في الكويت واقعيا، في حين حاوره الآخرون افتراضيا.

وبدأت الحلقة الحوارية عند السابعة مساء، وامتدت حتى العاشرة، وانفرد كل مشارك بـ15 إلى 20 دقيقة تمثل محورا من محاور اللقاء، وفي ختام الحلقة قدم الشباب هدية تذكارية للضيف الأديب الوقيان، الذي عبر عن بالغ سعادته باللقاء، وأكد أنه فوجئ فيه باهتمامات الشباب العربي وحماسهم للغة العربية والحس القومي الذي لمسه فيهم، معربا عن أمله في أن يكون لهذا البرنامج دوره في تعزيز التضامن والوعي القومي بين شباب العرب.

وعبرت رئيسة مجلس إدارة مؤسسة لوياك فارعة السقاف عن خالص شكرها وتقديرها لاستجابة د. الوقيان وكرمه بالوقت الذي سمح به للبرنامج، رغم الإرهاق، وأشادت بجهود الإعلامية القديرة رانيا برغوت، مؤكدة قدرتها المتميزة في التدريب والتوجيه، وتيسير المادة الإعلامية للشباب، وفيما يلي نص الحوار:

  • حدثنا عن طفولتك وذكرياتك مع والديك

– طفولة عادية كأطفال الكويت الذين ولدوا في بداية الأربعينيات، مجتمع بسيط وبساطة في تناول كل شيء، والدراسة كانت على درجة عالية من الجودة، وأنا درست في المدرسة القبلية، وكان أساتذتنا من أعلام زمنهم، وأذكر على سبيل المثال الذي درسني اللغة العربية الشاعر الكبير عبدالمحسن الرشيد البدر والشاعر الكبير أحمد العدواني والأديب محمد الفوزان وأساتذة آخرون من الكويت ومن العرب، وكان حظنا جيداً لأننا تعلمنا من هؤلاء الأساتذة.

  • ما أهم المبادئ التي رسخها والداك بك؟

– أن أكون صادقا وأن أهتم بالتعليم وحسن التعامل مع الآخرين.

  • في مقابلة سابقة لك مع د. تهاني المطيري في برنامج حياة ألوان ذكرت أنك كنت ترغب في دراسة الحقوق، فما سبب عدم دخولك كلية الحقوق خارج الكويت عندما علمت أنها لا توجد في جامعة الكويت؟

– عندما افتتحت جامعة الكويت لم تكن هناك كلية للحقوق، فالتحقت بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وفي ذلك القسم كنا ندرس منهجاً في الدراسات الإسلامية يكاد يعادل ما يدرس في كلية الشريعة الآن.

  • من الشخص الذي شجعك لاستكمال دراستك لدرجة الدكتوراه؟

– لم يشجعني أحد، إذ إنني بعدما انتهيت من الثانوية لم أكمل بعدها مباشرة الدراسة الجامعية لظروف عائلية وظروف والدي الصحية، لكن عندما فتحت جامعة الكويت أبوابها ذهبت إليها، وعندها أصررت على تعويض ما فاتني فاستكملت دراستي العليا، الماجستير والدكتوراه.

رابطة الادباء

  • رابطة الأدباء في الكويت أم رابطة الأدباء الكويتيين؟

– يجب أن نعود إلى الوراء قليلا، أول رابطة أدباء أو ناد أنشئ في الكويت عام 1924م، وفي ذلك الوقت لم يفرق بين الكويتيين والعرب، وفي عام 1958م أنشئت الرابطة الأدبية، وكانت تضم في عضويتها الكويتيين والعرب، وأنا دخلت الرابطة سنة 1966م، وربما قبل سنوات قليلة تم تغيير اسمها إلى رابطة الأدباء في الكويت، واعترضنا أنا ود. سليمان الشطي على تغيير الاسم، لكن الأغلبية في الجمعية العمومية للرابطة كان لها رأي آخر، وكان رئيس الرابطة آنذاك أستاذنا أحمد السقاف.

  • هل تعتقد أن الرابطة خسرت بعد تغيير الاسم؟

– ربما معنويا، والرابطة إلى الآن مفتوحة للجميع من كويتيين وغير كويتيين.

  • توليت الأمانة العامة للرابطة وبعدها وقفت التجربة لماذا لم تكررها؟

– لكي أتيح الفرصة للشباب، وملاحظ في الرابطة أن هناك دائما تغييرا في الإدارة.

  • كيف ترى دعم الرابطة للشباب؟

– الرابطة تقدم كل الدعم والتشجيع للشباب.

الجامعة

  • كتبت حولك الكثير من الدراسات، ومنها دراسة الدكتورة نجمة إدريس، التي منعت من تدريسها في الجامعة، فما الذي حدث بهذه الدراسة؟

– بعدما أتمت د. نجمة دراستها طلبت مني نماذج من كتاباتي لتضعها في ملحق الدراسة، وأعطيتها نماذج من كتاباتي، ومنها مقالة “الإرهاب والأمن الفكري” التي نشرت عام 2000م، وكنت أقول بها إن الإرهاب ليس قضية أمنية فقط بل قضية فكرية، وقامت بعض القوى الحزبية الدينية بالاعتراض على المقال وليس على الكتاب، وذهبت إلى وزير التربية وقلت له أنا من كتبت هذه المقالة، وأنا أتحمل مسؤوليتها، ولا دخل للدكتورة نجمة فيما قلت، وذهبت إلى أمين عام الجامعة آنذاك لكن لم يفعلا شيئا، وجعلوا هذه الجامعات تمارس إرهابها على د. نجمة، وأعتبرها أكفأ دكتورة في قسم اللغة العربية بجامعة الكويت، وقد انزعجت من الإرهاب الفكري الذي مارسته جماعات الإسلام السياسي، وقدمت استقالتها من الجامعة.

  • هل تعتقد أن جعل الرقابة بعد نشر الكتاب فيه شيء من التوريط للكاتب؟

– لا بالعكس هذا هو المطلوب، وإن خرج أحد عن القانون يستطيعون الذهاب إلى القضاء والقضاء برّأ الكثيرين ممن أحالتهم وزارة الإعلام اليه.

قصيدة برقيات

  • كتبت قصيدة برقيات في الشهر الأول من الغزو العراقي للكويت، إلى أي درجة آلمك الغزو وجعلك تكتبها؟

– جزء من العرب خذلوا الكويت، وجزء وقفوا معنا، ولكننا نحن نسمو عن الجراح.

  • هل لا تزال تؤمن بالوحدة العربية؟

– نعم، ما زلت ولا يوجد لدينا حل غير الانتماء العروبي.

  • هل ما زال ألم الغزو يؤثر عليك؟

– الألم موجود ولكن لا أتركه يؤثر علي في سلوكي، والألم موجود في نفس كل كويتي، وكل عربي يوجد لديه ضمير حي، ونحن استفدنا الكثير من درس الغزو العراقي.

التراث الشعبي الكويتي

  • هل هناك علاقة بين الإرث التاريخي وحضارة المجتمعات؟

– الإرث التاريخي هو ترجمة وذاكرة لما خلفه الأولون واعتزاز الأمة بما تركه أعلامها شيء جميل، بشرط ألا نتوقف عنده، وهناك جوانب مضيئة في هذا الإرث تحتاج إلى الوقوف عندها.

  • من المسؤول عن المحافظة على هذا التراث؟

– أذكر على سبيل المثال مركز البحوث والدراسات الكويتية، الذي يرأسه د. عبدالله الغنيم، وهو يقوم بدور كبير في هذا المجال، ونظام هذا المركز لا يشترط الاحتفاظ بالوثائق الأصلية، بل يعيدها إلى أصحابها بعد تصويرها، وإذا كانت تالفة يتم إعادة ترميمها، لكن للأسف بعض الناس ما زالوا يحتفظون بوثائق مهمة، ولا يسمحون للباحثين أو لمركز البحوث بالاطلاع عليها.

 

  • هل أنت مع حملة لجمع الوثائق لتكون مرجعا للباحثين؟

– بالتأكيد، وأتمنى من الجميع تسليم ما لديهم من وثائق لأنها خدمة للوطن، وسوف تعاد إليهم بعد تصويرها وترميمها.

اللغة العربية

  • ما الخطوات العملية التي تدفعنا إلى إنهاء تقديس الماضي؟

– تقديس الماضي حالة مرضية، وأحيانا مبالغ فيها، وحصلت نقلة سريعة إلى حياة جديدة بعد هدم المدينة القديمة، وتخلى الناس عن مقتنياتهم بما فيها بعض الوثائق المهمة، وبعد فترة ربما شعروا بالذنب، فصارت هناك عودة مبالغ فيها للماضي، وانعكس ذلك على تصميم البيوت وتأثيثها وتحويل بعضها إلى متاحف، حتى الدولة حين عملت “يوم البحار” جاءت بحمار وربطته في الشمس الحارة ليخبرونا أن الناس كانوا يستخدمونه في الماضي، هذا أمر معروف وهذا نوع من العودة الساذجة المبالغ فيها للماضي، أما الاستفادة من الماضي فإنها تكون حين تستنهض الجوانب المشرقة والقيم، مثل التراحم وإعلاء قيمة العمل، ويجب التفريق بين الاستعباد للماضي والقضاء عليه، فنحن لا ندعو إلى القضاء عليه، نحن فقط لا نريد أن نكون مستعبدين له.

  • لو عاد بك الزمن للقاء خليفة الشاب، بماذا تنصحه؟

– لا أميل إلى النصح، لأن الظروف المحيطة بك هي التي تحدد تصرفك، نحن عشنا في ظل ثقافة مختلفة عن الثقافة الحالية، وأحب أن أعيش مثلما يعيش أبناء هذا الزمن، البعض يحن للماضي، لكني لا أحب أن أعود لذلك الوقت أبدا. الماضي حالة كسيفة ومضنية، وأنا أحب أن أكون في هذا العصر حيث الحياة المريحة.

  • لو كنت شابا في الوقت الحالي، ولكن مع التجارب والخبرات التي تمتلكها الآن، ماذا ستغيّر في المجتمع؟

– لا يستطيع أي فرد عادي مثلي أن يُغيّر في المجتمع شيئا، نحن بحاجة إلى أن نُبشّر بالأفكار الإيجابية الحيّة الملائمة للزمن، حتى يستطيع الآتون التفاعل معها ومن ثم تغيير المجتمع نحو الأفضل.

أصغر منك بيوم أعلم منك بسنة

فيما يتعلق بالتجربة التي يود مشاركتها مع الشباب، ذكر الوقيان: “قديما كانوا يقولون: أكبر منك بيوم، أعلم منك بسنة، أما أنا فأقول: أصغر منك بيوم، أعلم منك بسنة، الآن نحن لا نستطيع إفادة الشباب أو توجيههم بل على العكس، نحن بحاجة إلى الاستماع للشباب لنستفيد منهم، أنا شخصيا أستفيد من أبنائي وأتعلم منهم كثيرا، وأيضا المجاميع الشبابية الذين ألتقي بهم أستفيد من منهجهم في التفكير. نحن عشنا وتربينا وفق ثقافة معينة تجاوزها الزمن، الجيل الجيد يفكر بطريقة مغايرة. حتى ألعابنا في الماضي كانت ساذجة. نحن عفى علينا الزمن الآن، ربما لنا احترام من قبل الجيل الجديد لكننا لا نستطيع توجيهه. نحن نحافظ على ذاكرتنا وتجاربنا السابقة ونوصلها للآخرين، وهم يتعاملون معها وفق منهجهم الجديد”.

وعن مفهوم الحرية، أوضح أن “الإنسان هو الذي يملك القدرة على التمييز بين ما ينبغي أن يمارس خلاله حريته وما يجب أن يقف عند حدوده، ومن ناحية أخرى القانون هو الفيصل”.

بين اللهجة العامية واللغة الفصحى

حول ما يتردد عن أن اللهجة العامية هي الأكثر انتشارا في كتابة القصيدة، قال الوقيان: “صحيح، لكن الانتشار نفسه ليس هو الهدف الأساس، وإنما البقاء، إذا كان باستطاعة الشاعر أن يكتب بالفصحى، لماذا يحرم ويحرم إبداعاته من الانتشار زمانا ومكانا؟ ومن هنا أطالب الشباب بأن يكتبوا باللغة الفصحى إذا استطاعوا”.

وعن الحافز الأكبر لمستقبل الشباب الواعد وعلاقتهم بالأدب، أضاف: “الحافز الأكبر هو أن يحققوا ذاتهم عبر الكتابة، وتأدية رسالتهم تجاه وطنهم ومجتمعهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى