لا تبحثوا عن غيرنا فالبديل مظلم؟
بقلم: حمزة عليان

الجريدة الكويتية

“لا بديل عن هذا النظام”، لافتة ترفع بوجه دعاة التغيير كلما لاحت فرصة للتخلص من نظام انتهت صلاحيته! هي أشبه بفزاعة بحيث صارت بمثابة الحاجز أو السد الذي يمنع المساس بالأنظمة الدكتاتورية.

مستشارو الأمن القومي ومراكز التفكير دأبوا على صوغ هذه العبارة أمام أصحاب القرار لتخويفهم من القادم والمجهول، في حال تخلّوا عن قيادات أدمنت على الاستبداد.

عندما قاربت “ثورة 17 تشرين” (أكتوبر) اللبنانية عام 2019 من حافة التغيير ورفعها شعار “كلّن يعني كلّن” وقفت “المنظومة الحاكمة” بوجهها ووضعتها أمام المأزق لتخيف الناس منها وتبعدها بادعاء ألا قيادة لها ولا رأس يديرها، وبالتالي فالبديل سيكون مظلماً إن هي تولت السلطة! لذلك احتمت الطبقة الفاسدة بهذه اللافتة لتنقذها من السقوط!

واقعة أخرى تدلل على الفكرة، بعد وقوع صدام حسين عام 2003 في الحفرة وتسليم السلطة لقوى طائفية من قبل الأميركيين، كانت النتيجة ضياع العراق وسقوطه بيد إيران وتحويله إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية ودخوله في نفق مظلم من الحروب والتقسيم، وفي ظل هذا الضياع رفع أنصار صدام شعار أن بقاءه كدكتاتور أرحم للعراق مما وصل إليه لأن البديل قاد البلاد إلى الدمار وعدم الاستقرار!

وهذا ما حصل مع معمر القذافي في ليبيا وعلي عبدالله صالح في اليمن وبشار الأسد في سورية وزين العابدين بن علي في تونس، فالبديل في هذه الحالات كان مخيفاً ومفزعاً! فهل ما آلت إليه أوضاع تلك الأنظمة من تشتت وفوضى وانقسامات يحمي أصحاب هذا التوجه ويمنحهم العصمة ويعطيهم الحق بالتحصن وراء القول: إن الدكتاتورية أرحم لكم من الفوضى؟ وهل المطلوب تقديم ضمانات للبديل؟ أم أن تلك الادعاءات يتحصن وراءها الشامتون، أم أنها لم تكن لترفع لولا الفشل المريع “للبديل” وإخفاقاته بإدارة الدولة وانتقالها إلى مرحلة أكثر تقدماً وحرية مما كانت عليه ومما كان يؤمل منها؟

 

حقبة الدكتاتوريين كانت حافلة بخطابات مؤثرة بعثوا فيها برسائل واضحة إلى قادة القرار في الدول الغربية والساعية للتخلص من هؤلاء الحكام “سترون العجب إذا أقدمتم على إزاحتنا، نحن نخدم مصالحكم أكثر من أي مجموعات تعتقدون أنها الأفضل”، تلك الرسائل بقيت مشفرة ولم تقرأ جيداً إما نحن أو من بعدنا الطوفان!

والمسألة بقيت مثار جدل ونقاش… هل لأن “البديل” غير جاهز لتسلم السلطة، أم لأن “ثوار التغيير” يأكلون لحم رفاقهم وكل فصيل يطمح إلى الاستئثار بالسلطة لوحده! أم أن التغيير بحد ذاته كان عبارة عن استبدال شخص بآخرين؟ ليس لديهم برامج ولا رؤى وبالتالي سيكون ذلك مبرراً لاستدامة الحكم الدكتاتوري إلى أجل غير مسمى!

إذاً بأي صورة سيكون التغيير؟ وما الآلية الضامنة للنجاح والانتقال الآمن إلى الضفة الأخرى من النهر؟ وهل هناك تجربة ناجحة في العالم العربي يمكن الاستدلال بها واعتبارها نموذجاً للتغيير بخلاف ما شهدناه في العشرين سنة الأخيرة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى