حديقة المشاريع المليارية!
بقلم: اسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
القبس
لم تكن مفاجأة لي عندما سمعت عن التكلفة الخيالية لحديقة الحيوانات الجديدة، بـ١١٢ مليون دينار، بل كان الرقم متوقعاً لأي متابع للمشاريع الجديدة في البلاد، بل إنها لو كانت قد دخلت في المرحلة التحضيرية والتنفيذية، لربما تضاعفت تكلفتها بفعل الأوامر التغييرية، كما هي الحال مع غالبية ــ إن لم يكن كل ـــ مشاريعنا «التنموية»!
ولا يهمني هنا إن كانت تكلفة حديقة الحيوانات صحيحة، قالها أحد المسؤولين على لسانه، أو غير صحيحة كما نفى المسؤول نفسه! بل ما يهمني هنا هو أن أسجل موقفاً، كأي مواطن، غيور على بلاده، التي كانت شابة يافعة تبحث عن كل تميز في القرن الماضي، وتحولت إلى عجوز تنشد التنمية وتصرف عليها لكنها لا تجدها واقعاً..!
فغالبية مشاريعنا، مليارية ومليونية، وتكلف أضعاف أضعاف نظيراتها في الدول الأخرى، ولكن المفارقة أننا لا نراها، تصرف أموالنا، وتستنزف ميزانيتنا، ثم لا نرى شيئاً على أرض الواقع، وفي دائرة التأخير التي اصبحت سمة مشاريعنا، تتضاعف التكلفة، وايضا لا ينجز المشروع، الا فيما ندر ان كنا محظوظين، أو في حال تدخل الديوان الاميري مشكوراً وانجزه على نفقته.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، منذ الثمانينيات ونحن نسمع عن حرم جامعة الكويت في الشدادية، ثم وصلنا إلى عام ٢٠٠٤ ولم نرَ سوى توقيعات عقود، وكانت التكلفة وقتها ان لم تخنِّي الذاكرة ٥٠٠ مليون دينار، إلا أن أبناءنا لم يستطيعوا أن يرتادوا الحرم بنصف انجاز الا عام ٢٠١٩، بعد أن بلغت الكلفة نحو ٣ مليارات دينار، حيث لا يزال المشروع قيد التنفيذ ولا تزال كليات لم ترَ النور بعد! رغم مرور عقود عليه! وبإمكانكم أن تقيسوا المثال على غالبية مشاريعنا.
ويبدو أن الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، نست دورها المحوري في ضرورة متابعة المشاريع ونسب انجازها وفق الجداول التي تضعها الجهة المنفذة، واقتصر دورها فقط على ترحيل الموعد المتوقع للإنجاز على موقع نيو كويت سنوياً، فكم مشروع تمددت فترة إنجازه بسبب التأخير دون أن يعتذر لنا المتسببون بالتأخير، عن صرف المبالغ، ومضاعفة التكلفة واستنزاف أموالنا العامة، والأهم من هذا كله لم يعتذروا لنا عن التأخير في أن نرى المشروع منجزاً بالوقت المحدد، وأن نستفيد منه على أقل تقدير.
وأصبح التأخير في إنجاز المشاريع، المكلفة، لا يضاعف الصرف فقط، بل أحياناً كثرة التأخير تلغي الحاجة للمشروع، أو يصبح بلا جدوى، فبالعودة لحرم جامعة الكويت، الذي شيّد ليسع ٤٠ ألف طالب، عندما كان الطلبة المقيدون في الجامعة ٢٠ الف طالب، بينما اليوم، المقيدون في الجامعة قاربوا ٤٠ ألفاً، فعن أي زيادة في الطاقة الاستيعابية نتحدث! فقبول أي طالب زيادة على ذلك سيخلق أزمة قبول، إن لم تكن موجودة بالفعل!!
والأهم من كل ما سبق، أن خطتنا التنموية، ركزت على المباني الكونكريتية، ونست ضرورة تنمية الطاقة البشرية، والاستثمار بها، فهي العنصر الأساسي لدفع عجلة التنمية، فما فائدة المباني بلا بشر قادرين على إدارتها؟!