ما هو أخطر من «كورونا»
بقلم: أ.د. غانم النجار

النشرة الدولية –

اختطفت “كورونا” العالم بشكل كلي، وتغيرت مفاهيم القوة كما نعرفها كمصطلح، ولا يزال العالم غير قادر على الخلاص من الوباء بشكل نهائي، على الرغم مما يقال ويشاع عن التحسن.

وبعيداً عن الجدل الدائر إن كانت “كورونا” مؤامرة، أو كانت من صنع الإنسان، أو أنها تطور طبيعي، وهو جدل مستمر منذ أن ظهرت الأوبئة للوجود، كان الفرق دائماً في طريقة تعامل البشر ودرجة التضامن الدولي في التصدي لأي وباء، وهو أمر يعوق حياة البشر، ويقيد حركتهم، وقد يقتلهم، إلا أن الملاحظ أن التضامن الدولي قد تبخر، واستمرت كل دولة تحاول معالجة الوباء على حدة.

في المقابل، هناك مشكلة إنسانية مستمرة، وتتزايد كمتوالية هندسية، وهي من صنع الإنسان، وهذا ما بينته إحصاءات اللاجئين في العالم لسنة 2020، حيث تضاعف عددهم خلال 10 سنوات، ففي حين كانوا 41 مليون لاجئ سنة 2010، وصل عددهم إلى 82 مليوناً سنة 2020، منهم 5.7 ملايين لاجئ فلسطيني يخضعون لرعاية “أونروا”. وليس السؤال المطروح هو إن كانوا سيتجاوزون المئة مليون لاجئ، ولكن متى سيبلغون هذا العدد؟

هناك شخص واحد من بين كل 95 في العالم تم تهجيره قسرياً، مقابل 159 شخصاً في 2010، نصفهم تقريباً مهجّرون داخلياً، وأوضاعهم هي الأسوأ.

والمؤكد هو أن الأعداد المعلنة أقل من الحقيقية، فليس كل اللاجئين مسجلين رسمياً في مفوضية شؤون اللاجئين.

وتحتل سورية المركز الأول في اللاجئين، بواقع 6.8 ملايين، ثم فنزويلا 4.9 ملايين، ثم أفغانستان 2.9 مليون، ثم جنوب السودان 2.2 مليون.

وتستضيف تركيا العدد الأكبر بواقع 4 ملايين، وأغلبهم سوريون (92 في المئة)، ثم كولومبيا 1.7 مليون، ثم ألمانيا بواقع 1.5 مليون، وأغلبهم سوريون.

وألمانيا هي الدولة الوحيدة التي قررت استضافة هذا العدد، وهي ليست دولة جوار، أو قريبة إثنياً، وقد أدى قرار المستشارة الألمانية المغادرة بقبول اللاجئين، إلى تكلفة سياسية باهظة عليها وعلى حزبها، ومع ذلك استمرت في سياستها بقبول اللاجئين.

في واقع اللجوء السيئ يولد تقريباً مليون طفل، مع كل ما يعني ذلك من سنوات الضياع وعدم التوثيق، وانعدام الجنسية، حيث يبلغ عدد عديمي الجنسية في العالم أكثر من 4 ملايين، إلا أن الأرقام الحقيقية أكبر من ذلك بكثير.

مشكلة اللاجئين من صنع الإنسان، وهي تهجير قسري بالقوة، ولا مدخل لحلها إلا بالتقليل من النزاع في العالم. واستمرار اللجوء القسري هو عودة إلى نظام العبودية والسُّخرة في العالم، واستمرار اللجوء القسري فيه تهديد للأمن والاستقرار بالعالم، كما أنه مظهر من انعدام الإنسانية عند البشر، ولابد للمجتمع الدولي أن يعمل على إيقاف العنف والتقليل منه، فإن لم يفعل، فإننا أمام وباء إنساني ستتجاوز آثاره المدمرة ما فعلته “كورونا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى