إلى المستر ساسولي
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

ننتقد، نتناقش، نتحاسب، نتصارع، بل حتى نتعارك أحياناً، افتراضياً وواقعياً، لكن تبقى هذه ممارسة ديموقراطية داخلية، يجب ألا تصل بنا الى حد نقل بساطها للخارج!

ساءني، كما أعرف أنه ساء كثيرين مثلي، ما وصل اليه حد خلافنا الديموقراطي، بأن نكتب رسائل لرئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي، ونشتكي بعضنا بعضاً إليه! متناسين أن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، كان بمهمة رسمية ممثلاً للبرلمان الكويتي، وليس ممثلاً لشخصه!

نشتكي للخارج، وكأنه ليست لدينا مؤسسات قائمة فعلية نحتكم إليها؟ وكأنه ليست لدينا قاعة عبدالله السالم التي من المفترض أن يحكمها التصويت واللائحة والدستور؟! وكأنه ليست لدينا محكمة دستورية نحتكم إليها في حال واجهنا خلافاً في تفسير مواد الدستور أو خلافاً حول تطبيقه؟!

وهنا، لا أؤيد ابداً ما حدث من انتهاكات واضحة وصريحة بحق الديموقراطية الكويتية، ولا أبرر ما يحصل داخل المجلس أو خارجه، بل ساءتني تصرفات عديدة شوهت الصورة الديموقراطية الجميلة والقدوة التي كنا نعكسها للعالم العربي على الأقل، فلست بصدد الدفاع عن أحد بقدر ما انتقد، إلا أن انتقادنا للشخصيات العامة، يجب أن يكون قائماً على المصلحة العامة، لا تشويه اسم الكويت!

ألم يدرك من كتبوا رسائلهم لمستر ساسولي، وهم يضعون صوراً عن البرلمان الكويتي، أنهم يسيئون إلى الكويت بنشر هذه الصور وهي مؤلمة بلا شك كونها شوهت ممارستنا الديموقراطية، إلا أن نشرها دولياً جارح لسمعتنا الدولية! فعن أي مسؤولية وطنية يتحدثون؟!

ألم يكفنا أننا أصبحنا حديث الأخوة الخليجيين، ومضرب مثل سلبي لهم؟! فأي كويتي منا لم يسمع من صديق خليجي انتقاداً للديموقراطية الكويتية؟! أي واحد منا لم يكن مرة عرضة لانتقاد أحداثنا البرلمانية؟! وأي منا لم تجرحه تغريدة لمغرد خليجي ينتقد ما نعيشه من واقع سياسي رغم أنه انعكاس للحريات التي كفلها الدستور، بينما نمارسها بشكل مسيء أحياناً؟! فلماذا نوسع رقعة الانتقادات هذه؟!

أعلم تماماً، أن الممارسة الديموقراطية، تحتوي على نقاشات حادة، وعلى اختلافات وجهات النظر، بل إن أعتى البرلمانات أيضاً شهدت تشابكاً بالأيدي (رغم أني لا أؤيدها أبداً)، ولسنا بمعزل عن هذه المشاهد بلا شك، ولكن لماذا ننقل ساحة خلافاتنا للخارج؟! لماذا لا نكون قدوة ونبين للآخرين حقيقة الديموقراطية الكويتية وحرية الانتقاد والمحاسبة والمساءلة؟! لماذا ننقل دوماً سلبياتنا بدل إيجابياتنا؟! لماذا لا نسهم في تحسين صورة الكويت دولياً بدل تشويهها؟!

لا نختلف على أن مشهدنا السياسي مظلم في فترته الأخيرة، ويبدو الأمر وكأننا في ساحة معركة، طرفاها يغلبهما العناد، ولا يرضخان لصوت العقل، فحكومة تعطل الجلسات بسبب مقاعدها، ثم تمرر جلسة واقفة على الباب، ونواب، همهم الدستور نعم وعدم انتهاكه، بينما لا يرضخون لحكم التصويت من جهة، ولا يحتكمون للمحكمة الدستورية من جهة أخرى! في مشهد تبدو فيه المخارج واضحة إلا أن المتعاركين لا يريدون الخروج ويرغبون في استمرار التأزيم؟!

وبلا شك فإن استمرار هذا الوضع ما عاد مقبولاً، ولا بد أن يحتكم عقلاء الطرفين على الأقل لصوت الحكمة، فالخلاف بدأ يتمدد، ليصل إلى غضب يعبر عنه المواطنون افتراضياً على مواقع التواصل، بينما لا أحد يدري ما سيجرنا إليه الوضع من تعطيل الحياة العامة في البلاد.

ونصيحتي للنواب الأفاضل، الذين لا نشكك مطلقاً بحرصهم على المصلحة الوطنية، بدل توجيه رسائلكم لمستر ساسولي، التي لا تسهم إلا باعطاء صورة سلبية عن الديموقراطية الكويتية، اذهبوا إلى المحكمة الدستورية لو شهدتهم أي خرق للدستور، وانهوا هذا المشهد الأسود في تاريخ الديموقراطية الكويتية حتى لا نستمر مضرب مثل سيئ لجيراننا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى