في رثاء عمي الكريم
بقلم: أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
عندما فاجأني نبأ وفاة عمي عباس جوهر حيات، لم أستطع أن أوقف شريط الذكريات الذي مر كمشاهد حية من أمامي، وفي كل محطة لي معه موقف، وفي كل موقف، لم أستطع إلا أن ابتسم، تلك الابتسامة التي تأتي مصاحبة للحظات الحزن العميق، على رحيل إنسان، لم يترك سوى الأثر الطيب، والذكر الحسن. تذكرت كيف كنا صغاراً، نلتف حوله في العيد، في منزل جدتي، الله يرحمها، لأن عياديه كانت سخية، كان كريماً للغاية، ليس فقط في العيدية، بل حتى في الحنان والطيبة والابتسامة التي لا تفارقه.
مرت العديد من المحطات أمامي، وأنا أحاول لملمة مشاعر حزني على رحيله، تذكرت كيف كانت له المواقف الشهمة والصلبة في العديد من الأمور، وكيف كان العون الدائم للجميع، وكانت تصرفاته ترجمة فعلية لمعنى «السند» لعماتي ولنا نحن بنات العائلة، وكم كنا محظوظات بأنه كان عمنا، هذا الرجل الحنون القوي الصلب الذي تحتاجه كل امرأة في أسرتها، ليقف سنداً لها متى احتاجت إليه.
الحكيم، المسالم، الهادئ، المتواضع، الراضي، الزاهد، رجل يزن كلماته، ويعرف متى يتحدث، يدرك تماماً أهمية الكلمة وأهمية رزانة العقل، ولذا كان هو بجانب جدتي كلما احتاجت لعون.
رحل عمي عباس، تاركاً إرثاً طيباً من السمعة، وذكريات جميلة مع كل فرد منا، رحل مخلفاً حزناً عميقاً، إلا أن طيبته وحنانه، ترافقنا حتى بعد رحيله، فيبدو أنه أدرك أننا سنحزن ونبكي كثيراً على فقده، فخلف وراءه مواقف جميلة للغاية، تجعلنا نبتسم لذكراه حتى في أقصى درجات حزننا عليه.
رحم الله عمي عباس، وأسكنه فسيح جنانه.