الكثير من الروس لا يثقون بالنظام الصحي في بلادهم… نسب تلقيح منخفضة وشهادات تطعيم مزيفة وتفشي الإصابات

النشرة الدولية –

ذكر تقرير خاص لصحيفة “وول ستريت جورنال” أن السلطات الروسية بدأت تتبنى إجراءات  قسرية بشكل متزايد لإقناع مواطنيها بتلقي اللقاحات المحلية المضادة لفيروس كورونا المستجد، وذلك مع الارتفاع القياسي لأعداد المصابين عقب انتشار “سلالة دلتا” الشديدة العدوى في البلاد.

وكانت السلطات المحلية في بعض مناطق روسيا قد جعلت التطعيم إلزاميًا لموظفي قطاع الخدمات،  مما يعني أن ملايين العمال سيواجهون خطر الحصول إجازات غير مدفوعة الأجر إذا رفضوا تلقي اللقاح.

وفي بعض المدن والبلدات بات بالإمكان إغلاق المطاعم والمحلات التجارية لأشهر عدة في حال لم تتمكن من تطعيم 60 بالمئة من عمالها وموظفيها بحلول منتصف يوليو.

واعتبارًا من أواخر شهر يونيو، بدأت مطاعم ومقاهي موسكو بمنع زبائنها من ولوج أبوابها باستثناء من تلقوا اللقاح أو تعافوا من مرض كوفيد-19 بما لا يزيد عن 6 أشهر، بالإضافة إلى من يقدم نتيجة اختبار “بي سي آر “حديثه تظهره خلوه من الفيروس التاجي.

شكوك.. ومخاوف

وقد أثارت تلك الإجراءات ردود فعل غاضبة ومستهجنة بين الكثير من الروس الذين يبدون شكوكا كبيرا بشأن فعالية اللقاحات المحلية ومخاوفا من آثار صحية قد تكون خطيرة بحسب وجهة نظرهم.

وقد أدى التقييد على الناس لإجبارهم على التطعيم على تنامي الطلب على شهادت اللقاح المزيفة، في وقت  وصل معدل عدد الإصابات في البلاد إلى رقم قياسي يتجاوز أكثر 20 ألف حالة يوميا.

مع ارتفاع أعداد حالات الوفيات بدأت السلطات بدعوة من جرى تطعيمهم إلى الحصول على جرعة ثالثة معززة بعد مرور  ستة شهور على لجرعة الثانية من اللقاحات الملحية الأربعة، في حين لم تعتمد روسيا حتى الآن أي لقاح غربي مثل فايزر أو موديرنا.

وبحسب إحصائيات، مشروع Our World in Data في جامعة أكسفورد البريطانية،  فإن 16 بالمئة من الروس تلقوا جرعة واحدة على الأقل من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا مما يجسد، بحسب بعض الخبراء، عدم الثقة العميقة بالنظام الصحي في البلاد والجهات التي طورت اللقاحات المحلية.

وما زاد من هوة الثقة بين الناس، تأكيدات بعض المسؤولين المحليين في وقت سابق بأن حكومتهم قد تمكنت من هزيمة فيروس كورونا المستجد، بينما أكد أكثر من 60٪ من الروس أنهم لا يريدون التطعيم، وذلك وفقًا لمسح أجراه مركز ليفادا المستقل في مايو الماضي.

“الرزق أهم من الصحة”

ولكن يبدو أن الإجراءات القسرية ستجبر الكثير من سكان روسيا على تلقي اللقاح خوفا من فقدان مصدر رزقهم وحتى إن كانوا “يخشون” على صحتهم من أي آثار سلبية.

وفي هذا الصدد يقول السائق، فلاديمير بيريفوشيكوف، إنه إذا لم يحصل على اللقاح بحلول 15 يوليو، فإن شركة سيارات الأجرة في موسكو التي يعمل بها ستنهي خدماته، ولذلك يخطط لترك عمله  حلول قبل الموعد النهائي.

وتابع:: “أنا لا أثق حقًا في اللقاحات، فقد كان أمرا غريبًا جدًا بالنسبة لي أنه خلال الجائحة أن الدولة لم تتمكن من توفير كمامات واقية مجانية، بينما الآن يطعمون الناس بدون مقابل بلقاحات من المفترض أنها باهظة الثمن”.

وأشار، بيريفوشيكوف، إلى أنه سيحاول أن يجد عملا قبل أن يذهب طفله البالغ من العمر 6 أعوام إلى المدرسة في الخريف القادم، مردفا: “أرجو أن تتوفر لي الخيارات بشأن ذلك”.

أما، ألكسندرا يامشينكو، فتقول إنها وافقت على مضض على تلقي اللقاح لأنها لا تريد أن تفقد وظيفتها، خاصة وأنها تزوجت قبل بضعة أيام.

وتابعت: “تكاليف الحياة المادية في ازدياد، لذلك كان علي أن أحصل على هذا اللقاح.. لو لم أفعل لكنت فقدت وظيفتي”.

على نفس المنوال، أوضح فلاديمير بيرلمان، الذي يدير 13 مطعمًا في موسكو، أن حوالي 80٪ من موظفيه البالغ عددهم 700 يعارضون التطعيم. مشيرا إلى أن تلك النسبة انخفضت إلى 50٪ في الوقت الحالي.

وأوضح بيرلمان أن “موقفه العاطفي هو نفس موقف معظم المواطنين” مشددا على ضرورة أن تكون تلك العملية العملية طوعية”.

وختم بالقول: “الآن أنا شخصيا يجب أن أقنع الناس بفعل ما لا أعتقد أنه أمر صواب..  ليس لدينا خيار أن نكون صادقين مع أنفسنا، فنحن الآن في موقف صعب أما أن نعمل أو نجلس في منازلنا”.

من جانبها، قالت تاتيانا موسكالكوفا، مفوضة حقوق الإنسان في روسيا، إنها تلقت تقارير تفيد بأن الأشخاص غير المطعمين يواجهون تمييزًا من قبل أرباب العمل، بما في ذلك التهديد بالفصل من العمل أو إلغاء العطلات الصيفية أو المكافآت.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قال في وقت سابق إنه يعارض إجبار مواطني بلاده على التطعيم الإجباري، لكنه استدرك قائلا إن بعض مناطق البلاد اضطرت إلى اتخاذ بعض الإجراءات منعا للإغلاق ولتجنب المزيد من الخسائر المادية.

وقال بوتين في تصريحات يوم الأربعاء: “آمل أن يختفي التحيز ضد بعض مواطنينا مع استمرار التطعيم”.

وكانت السلطات الروسية قد جربت في وقت سابق سياسة التحفيز والجوائز المادية كما فعلت بلدان أخرى، مثل باكستان، غير أن جوائر اليانصيب والسحوبات على السيارات وتقديم منح مادية لكبار لسن لم تقنع الكثيرين، مما جعل السلطات في موسكو تنتقل من سياسة “الجرزة” إلى سياسة “العصا”، بحسب بعض المنظمات الحقوقية.

ونتيجة للإجراءات الجديدة، التي جرى الإعلان عنها في منتصف يونيو،  فإن معدل التطعيم في جميع أنحاء روسيا قد تضاعف، حيث بدأت تظهر في موسكو طوابير  للراغبين بالحصول على اللقاحات في مراكز التطعيم المؤقتة في الحدائق العامة ومراكز التسوق.

لكن مع ذلك، قال المتحدث باسم الكرملين يوم الثلاثاء إن روسيا لن تحقق الهدف الذي أعلنته سابقا  بتطعيم 60٪ من إجمالي السكان بحلول الخريف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى