مفارقة الذكورة والعجز
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
«.. انقلبت معايير القوة البشرية منذ أن أنتج جون براونينغ مسدس كولت قبل 110 أعوام، فتغير وضع الجبان والضعيف، وأصبحت العضلات لا تعني الكثير.
كلمة Paradox تعني المفارقة في موقف أو عبارة تحمل شيئاً من المنطق والتناقض. فهي تتضمن عناصر متناقضة، لكنها مترابطة، وتوجد في وقت واحد وتستمر مع مرور الوقت.
ففي مفارقة «كريت»، التي تنسب لفيلسوف يعيش في جزيرة كريت، ما افترضه من أن كل ما يقوله فلاسفة الجزيرة غير صحيح؛ فهل الفيلسوف صائب في استنتاجه أم خاطئ؟
إذا كان الأمر «صحيحاً» فمعناه أن كلامه سيكون كذباً؛ لأنه قال إن ما سيقوله كل فلاسفة الجزيرة عبارة عن كذب.
أما إذا كان ما ذكره كذباً فمعناه أنه صادق في كلامه؛ أي أن فلاسفة كريت، وهو منهم، كذَبة في كل ما يقولونه.
وهذا يعيدنا للاحتمال الأول، وبذلك سندخل في حلقة ليس لها مخرج.
في المنطق، توجد العديد من المفارقات المعروفة بأنها حجج غير صالحة، ولكنها مع ذلك ذات قيمة في تعزيز التفكير النقدي. ومن أمثلة «خارج المنطق» مثال «سفينة ثيسيوس». فإذا كانت السفينة بحاجة لإصلاحات مستمرة مع مرور الوقت عن طريق استبدال كل أجزائها الخشبية، واحداً تلو الآخر، فهل ستبقى السفينة بعدها هي السفينة نفسها؟
كما يمكن أن تأخذ المفارقات أيضًا شكل صور أو وسائط أخرى. وفي الاستخدام الشائع تشير كلمة «مفارقة» غالبًا إلى العبارات الساخرة أو غير المتوقعة، مثل «الوقوف أكثر إرهاقًا من المشي». أو أية عبارة أو اقتراح يبدو سخيفًا أو متناقضًا، ويثبت عند التحقق منه أنه قائم على أساس صحيح.
ومن المفارقات المضحكة التي استرعت انتباهي أننا نجد في عالم الحيوان والإنسان أن الذكر، غالبا، يسعى لجذب انتباه الجنس الآخر لما يمتلك من مزايا ومحاسن. فنرى الطاووس يفرد ذيله الجميل والطير يتلاعب بجناحيه بحركات بارعة، وآخر يستخدم صوته لينادي أنثاه، والأنثى تتجمل لتجذب الرجل، ويقوم هذا ببذل جهد كبير لتحسين بنيته، وتقوية عضلاته والحرص على إبرازها.
عضلات هذه الأيام هي غير عضلات ما قبل «حبوب التقوية»! فالقديمة كانت غالباً نتيجة ممارسات رياضية بدنية مرهقة، واتباع أسلوب حياة غير عادي، إنما الجديدة فغالبيتها تنمو وتأتي من تناول المنشطات، أو Steroids التي تساعد في تسارع تضخم العضلات.
تكمن المفارقة في أن هذه المنشطات التي تساعد في نمو العضلات، وتسهم في جذب الانثى لصاحبها، هي نفسها التي تسهم في ضمور أعضاء الرجل الجنسية، واختلال هرمونات جسمه، وربما التسبب تالياً في إصابته بالعجز الجنسي. كما أنَّ التوقف عن تناول المقويات سيؤدّي إلى ضمور العضلات وترهُّلها.
ومن مفارقات «الأخلاق» في الكويت أن عزف البيانو في بهو أي فنادق يتوقف في الكريسمس ورأس السنة، نكاية بالغربيين. ولكن الفنادق نفسها تسمح للغربي بأن تشاركه الغرفة زوجته، ولكنها لا تسمح للمواطن بـ«الحق» نفسه، بغير إبراز عقد زواج، حتى لو كان سفيراً كويتياً، وفي زيارة قصيرة للبلاد مع زوجته!
هذا التناقض سببه سيطرة أصحاب عقليات عجيبة على وزارة كان يديرها يوماً من منع «جلال الدين الرومي»، من دخول البلاد.