الحلول اليابانية لمشكلة «البدون»
بقلم: بدر سعيد الفيلكاوي

النشرة الدولية –

كان الأباطرة اليابانيون يحكمون بشكل صوري، ليس لهم نفوذ يذكر، والسيطرة كلها كانت بيد القادة العسكريين، إلى عام 1856 حين تحول الحكم إلى مدني، بقيادة الإمبراطور ميجي الذي سيطر على زمام الحكم، ومنها انطلقت اليابان نحو التطور، ولأن لغة العالم في حينها كانت استعمارية، توجهت نحو استعمار الدول القريبة منها، وبدأت بالكوريتين ومنها إلى منشوريا الصينية، ومن الطبيعي أن القوة العسكرية تحتاج لعدد غير محدود من الأفراد، ومع تراكمات الزمن، أصبحت لدى اليابان حاجة شديدة للأيدي العاملة، ولتعويض هذه الحاجة اتجهوا للدول المستعمرة لجلبها بالقوة، وكان أغلب الأيدي العاملة التي جلبت بطريقة قسرية من الكوريتين ومنشوريا الصينية، وكانت تعمل تحت ظروف سيئة، وبطريقة غير إنسانية، فأغلب أنفاق طوكيو للقطارات والشوارع حفرها هؤلاء بطرق بدائية.

خسرت اليابان الحرب العالمية، وانسحبت من جميع الدول التي كانت تستعمرها، رجعت مجموعة كبيرة لدولهم ولكن ظلت فئة من هذه العمالة في اليابان وكانوا قد أنجبوا أطفالا لا يعرفون إلا اليابان كدولة، ولا يتحدث بعضهم إلا اللغة اليابانية، والثقافة اليابانية كطريقة حياة، ولا يملكون أي جنسية، هذا بالإضافة إلى مجموعة هاجرت إلى اليابان بطريقة اختيارية، بهدف العمل أو التجارة مع اليابان وبعد انتهاء الحرب سكنوها وادعى بعضهم أنهم من ضمن المجموعة التي جلبت لليابان قسرا، والآن بعد أن اصبحوا من الجيل الخامس أو السادس وهم يعيشون في اليابان وصل عددهم إلى ما يقارب المليون، وهنا تشكلت مشكلة (البدون) في اليابان.

طرحت اليابان عدة حلول عبر تاريخ طويل من التداول السياسي لهذه المشكلة، فالنتيجة التي حصلت هي تجنيس كل من يرغب في الحصول على الجنسية اليابانية لهذه المجموعة، وفعليا حصل 60% منهم عليها، أما غير الراغبين في الحصول على الجنسية، تحت حجة أن اليابان قامت بأفعال شريرة تجاه أجدادهم، فلا يرغبون في الحصول على جنسيتها، منحتهم اليابان الإقامة الدائمة، وسمحت لهم بإنشاء مدارسهم الخاصة ليتعلموا فيها لغتهم وثقافتهم، ويصل عدد هذه المدارس إلى 5000 مدرسة على امتداد اليابان، ولهم الحرية في الدخول للمدارس النظامية الحكومية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى