نوائب آخر الزمن .. ثلاثة آلاف لا تكفي!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
يخرجُ علينا نواب الأمة في فترات متلاحقة بكل جديد، ونسمع منهم كل غريب عجيب لنشعر أنهم لا يسكنون الأردن ولا يعرفون شيئاً عن الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية التي يعانيها المواطن، حتى أصبحنا نشعر بأن عدد كبير من هؤلاء هبطوا على الوطن بمظلات وأنهم يقطنون في محافظة زيورخ او من ضواحي ستكهولم، فما يصدر عن النواب يُظهر بوضوح الشرخ الزمني والمكاني بينهم وبين الشعب الذي يعُض على أصابعه ندماً لإنتخابه هذا المجلس ومن سبقه من مجالس، حيث انسلخ هؤلاء عن قواعدهم ومجتمعهم منذ اليوم الأول، فيما الكثير منهم طالبوا برفع رواتبهم بسبب زيادة واجباتهم الإجتماعية، وبالتالي يجب علي أنا كمواطن أردني أسدد ضرائبي وكل من يدفع الضرائب أن ندفع ثمن “كشخة” النائب في زياراته ورحلاته بين المحافظات وخارج الوطن.
لقد نسي النواب ان الشعب لم يقم بإجبارهم على الترشح، بل قاموا بأنفسهم بالترشح ودفعوا المال من جيوبهم الخاصة ومنهم من حصل على قرض بنكي حتى يُصبح نائباً، وقاموا بالكذب على المواطنين في جولات مكوكية من بيت لبيت ومن حارة لحارة ومن قرية لأخرى من أجل الحصول على أصواتهم، وأطلقوا الوعد تلو الآخر متناسين أيضا المقولة الحكيمة والتي ربما لم يسمعوا بها ” لا تعطي وعداً وأنت في قمة السعادة” و” لا تعطي وعداً لا تستطيع الوفاء به”، وهذا ما قام به النواب فأغرقوا المواطنين بالوعود الرنانة التي ظهر زيفها وعدم قدرتهم على الإيفاء بها منذ اليوم الأول تحت القبة، ليقف العديد منهم يتباكون للحكومة من أجل مساعدتهم في تعين بعض مُريديهم وزيادة رواتبهم.
لقد ارتدى بعض النواب ثوب المساكين وهم يشكون ضعف الحال وقلة المال لأجل تقديم خدمات للمواطنين، وهذا أمر يأخذ العديد من الابعاد، فوظيفة النائب تشريعية وليس خدماتة ومن أجل ذلك سمح القانون للنواب بالعمل في شركاتهم الخاصة، وهذا يعني تدفق المزيد من المال بين أيديهم، والمطلوب من النائب أن يذهب لمجلس النواب ويشارك في إجتماعاته ويساعد في عملية التشريع وليس التنقل بين الوزارات في عمل خاص به وحده، كون العديد منهم يعتقدون أن الخدمات الخاصة هي الطريق السليمة لعودتهم للمجلس في الإنتخابات القادمة، وتعامل بعض رواد مواقع التواصل الإجتماعي مع ما يقوله بعض النواب على انه إستجداء من الحكومة وربما يذهب سوء الظن بالبعض أنه طريق جديد للخدمات مدفوعة الثمن للحكومة وغيرها من الجهات.
مجلس النواب وللحق يدهشنا بأفعال وأقوال أعضائه ويجعلنا نعتقد جازمين أنه جاء بالتعيين، فالشعب الأردني المثقف لا يمكن أن يُنتج مثل هذا المجلس الذي أصبح يحمل لقب المجلس الأسوء في تاريخ الأردن، فهل يعقل لنائب أن يقول بأن مبلع ثلاثة آلاف دينار لا تكفيه، وهل يعقل أن تُطالب المجالس السابقة برفع رواتب نوابها، والأسوء ان بعضها طالب بتقاعد للنائب أسوة بالوزير الذي يُمنع من ممارسة أي عمل خلال عمله في الوزارة، لقد كان الأصل في المُشرع أن يحجب الراتب عن النائب، وبالتالي يُرشح نفسه من يريد خدمة الوطن وليس من يبحث عن راتب يقتات به ويعول به نفسه، ليتحول إلى موظف حكومي لا يملك رأيه وصوته، وهذا ما شاهدناه في عديد الجلسات التي بدأت بكلمات بطولية وانتهت “بموافق”.
لقد سقط المجلس الحالي من حسابات الشعب وأصبح العبء الأكبر عليه، لذا فإن المواطنين لا يثقون بالمجلس ونوابه وأصبحوا ينتظرون يوم خلعه ومغادرة جميع من فيه إلى بيوتهم، كما يستعجل الشعب لجنة الإصلاح لتجهيز قانون إنتخابي جديد يكون قادراً على وضع الأفضل تحت القبة ويمنع جميع التدخلات في الإنتخابات، ليفرز لنا نواب وطن بالفعل، لا يتغنون فقط بالكلمة التي لا يفقه الكثير منهم معناها بل يجعلون منها واقع ونهج، لقد سقط القناع عن نواب يعتبرون الشعب في نهاية سلم أولوياتهم وظنوا أنهم سيغرفون كما غرف قبلهم الكثيرون من موارد الوطن، لذا فإنني كمواطن اردني أنتظر حل المجلس الحالي حتى أقتنع بأن هناك من يعرف الطريق الصحيح من الخطأ في ظل وجود نوائب وليس نواب.
كالعادة لا أعني نائب بنفسه إلا من قال أنا فهو أدرى بنفسه مني وهو من يتهم نفسه.