تنذكر وما تنعاد
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

من أجل عدم نسيان أمر جلل وخطير، والتمني في الوقت نفسه ألا يتكرر، يقول اللبناني: «تنزكر وما تنعاد»!

فالغزو والاحتلال الصدامي الذي مر علينا قبل 31 عاماً أمر يصعب نسيانه، خاصة لمن عاش أحداث تلك الأيام المرعبة، فخلال ساعات أصبح الجميع «أذلة» وتحت رحمة مجموعة من الأوباش والسفلة والقتلة، الذين تحكموا في مصيرنا وفي وطننا بعد أن كنا معززين ومكرمين فيه!

تعتبر تجربة غزو واحتلال العراق للكويت غير مسبوقة في التاريخ البشري، عندما لم يجد الغازي مواطناً واحداً من الدولة التي قام بغزوها يقبل التعاون معه، بخلاف مواقف بعض المنتمين لحزب الإخوان المسلمين، ليس لأن الكويتيين كانوا «شعباً غير شكل»، بل غالباً لثقتهم بأن كامل أوضاعهم ستكون، في ظل الاحتلال الصدامي الحقير، قريبة من الجحيم.

وحتى لو آمنا بصحة ما يدعيه «ممثلو الإخوان المسلمين» بأنهم أيضاً رفضوا التعاون مع صدام، ولم يقبلوا عرضه بحكم الكويت بدلاً من آل الصباح، إلا أنه ادعاء بلا معنى أساساً، فهؤلاء الذئاب ليسوا سذجاً ليصدقوا وعود ذلك الطاغية المقبور، ويعلمون جيداً أنه سيتغدى بهم عند أول فرصة، وبالتالي فإن تشدقهم بالوطنية «الآن» هو والعدم سواء، فالحقيقة أن لا أحد من الإخوان يؤمن بالأوطان، فكل أدبياتهم وخطبهم وتصريحاتهم، كانت، وما تزال، تصب في اتجاه الوحدة الإسلامية وليس الوطنية، ومقولة مرشد الإخوان «محمد عاكف: «طز في مصر» ما يزال صداها يرن في أذن كل مصري! وما يدعونه من ولاء لقيادة الكويت، ورفضهم لمغريات السلطة كان مبعثه الخبث والخوف، هذا إذا صدقوا أصلاً في «ادعاءاتهم»!

مر أمامي شريط أحداث الاحتلال القاسية وصور الضحايا والشهداء والثكالى والمظاهرات المنددة بالمحتلين والمشانق والسيارات والبيوت المحترقة، وقتل المقاومين وتخريب المصالح الحكومية ونقاط التفتيش أو السيطرة، والجوع النفسي والجسدي الذي كان يعاني منه الجندي العراقي، وغياب الأمن وإغلاق المصارف واختفاء الأدوية الضرورية، ونهب محتويات الجمعيات، وشح الأموال النقدية بأيدينا، ووقوع ملايين المقيمين في حيرة من أمرهم وضياع مستقبل غالبيتهم، وخاصة من الطبقة الكادحة، والإحساس بالقهر والظلم لسماع إذاعات اليمن والجزائر وتونس والسودان ووسائل الإعلام الفلسطينية والصحف المحسوبة عليهم، بالإضافة إلى الأردنية، وهي تقف مواقف سلبية أحياناً، وشديدة العداء غالباً، من مأساتنا وتتهجم على قيادتنا الوطنية، وهم الذين كانوا يوماً «أعز الأهل والأصدقاء والأشقاء»، فكيف انقلبوا لأعداء خلال ساعات، وأصبح من كان يوصف بالعدو هو الصديق، وهو الذي وقف معنا في الأمم المتحدة مؤيداً حقوقنا، وهو الذي رفض استخدام حقه في الرد على صواريخ صدام ضده شعبه ومدنه وأمنه، كيلا يثير «الغوغاء العربية» أكثر ضدنا، وكانت تلك من المرات القليلة التي كظمت فيها إسرائيل غيضها، ولم ترد، فيا لسخرية الأقدار!

ملاحظة: تغريدات ابتهاج «البعض» بعودة طالبان، إحدى أكثر الجماعات ظلماً للمرأة وتشدداً في معاملتها، دليل واضح على تعاسة وضع هؤلاء المبتهجين، فكرياً وسياسياً… وإنسانياً!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى