حين يتساوى الموت بالحياة نقفز للمجهول
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
حياته بسطة صغير تقتات منها أسرته، حياته وظيفته تدر المال ليبقى على قيد الحياة،حياته لقمة عيش وشربة ماء وأجرة بيت، كيف يحيون اذا اخذتم منهم حياتهم، كتبتم الموت بظلمك كتبتم القهر بقراراتكم، أخذتم ماله القليل لتلونوا به ثرائكم ، قهرتموه حتى تساوى الموت والحياة لديه، اتدرون يا من صنعتم القهر والظلم ماذا يختار الشرفاء والنبلاء وكرام النفوس والسموراي حين يتساوى الموت بالحياة، يختارون الموت نعم يختارون الموت لأنه أكرم من استجداء من فقدوا الشهامة والكرامة.
هذا ما وصلنا إليه استقواء على الفقراء وقهرهم، كون أصحاب الواسطة يُمنع الإقتراب منهم أو التصوير كونهم مصانون عن الخطأ وإن أخطأوا فذنبهم مغفور وعيبهم مستور، اما الفقير الذي لا سند له في هذا الكون الفسيح فزلته مصيبة وعذره غير مقبول وقهره مطلوب، وسره مفضوح ولا منجاة له إلا بدفع الثمن بمصادرة رزقه القليل والعيش الذليل أو الإنتحار المرير، لذا أيها الفقير الغريب في وطنك عليك الموت بهدوء وأن لا تقفز من فوق الجسور وعليك أن تكون جَسور وتموت بالجلطة كعلية القوم الذي يعانون من أمراض فرط الشبع.
لقد أخطأت أيها القافز في أحلامنا التي تحولت كوابيس، لقد أخطأت يا من قفزت صوب المجهول لتقول كفى وألف كفى، لقد خانتك الكلمات لتعبر عن الظلم والقهر فآثرت القفز لتتخلص من أعباء الحياة ومرارتها، لقد أخطأت حين جعلت المسؤولين يشاهدوا موتك وعكرت صفو مزاجهم للحظات، فبدلت لحظتهم من الفرح للألم ليس عليك بل على أنفسهم المسالمة التي شاهدت الموت حرقاً وانتحارا، والحمد لله ان اليوم التالي لانتحارك كان الجمعة ويليه السبت وهما يومان سيستجم بهما المسؤولين لنسيان المنظر الأليم.
لن تكون الأخير وسيلحق بك الكثيرون في ظل الفقر المتزايد والقهر المتواصل والظُلم المتلاحق، فمن يُديرون شؤون البلاد لا يأبهون بفقرك وموتك وحياتك، فهناك قضايا أهم تؤرقنا من الركبة للصرة للشعر المجدول، وأنت يا فقيد لقمة العيش لا تملك أي منهن، لذا ستستمر المعاناة التي خلفتها لأهلك وسيقال عنك أكثر مما قال مالك في الخمر، وستتهم بالف تهمة وتهمة وسنستمع لألف قصة وقصة فنحن أيها الفقيد نعيش في كتاب بيدبا “كليلة ودمنه” وكل يختار القصة التي تناسبه حتى لا ينتحر .