رسوب.. مع مرتبة الشرف!
بقلم: أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
سنوات، وحكومتنا الرشيدة تتغنى بدعم الشباب، ديباجة مكررة نسمعها بكل مؤتمر وكل ندوة ويتم حشرها بكل تصريح صحافي، وبيان، وخطط تنمية تضمنت ركيزة رأسمال بشري ابداعي على ذات ايقاع الديباجة.. وصدقناها، مجبرين رضخنا لوقع التكرار.. فصدقناها، لنكتشف اننا خُدعنا، وان الحكومة رسبت في دعم الشباب، بامتياز مع مرتبة الشرف.
وهنا، لن اتحدث عن عجز الحكومة في توفير تعليم جيد، ولا عن ازمة قبول ولا عن خلق فرص عمل وتسهيلات لاحتضان الشباب المبادرين، والتي جميعها لم تلب الطموح الشبابي، بل سأتحدث عن مشروع بسيط للغاية، مخجل ان ترسب حكومة تدير مؤسسات وجهات ومراكز عمل، ان ترسب فيه، وهو مجلس الشباب الكويتي!
قبل ايام عقدت قرعة، لاختيار هذا المجلس، ورغم اعلان الاسماء عبر كونا، ورغم مرور ٤ ايام على الاعلان، تفاجأ الشباب باجراء القرعة من جديد! دون اي اسباب منطقية يمكن ان تصاحب هذه الاعادة لتتكسر امالهم، ليس بعضوية المجلس فحسب، بل بجدية الحكومة، والتي تمثلت بهيئة الشباب، بتلبية طموح هذه الفئة، فكيف يمكن ان تحتضنهم ان كانت عاجزة عن اجراء قرعة.. بلا ضغوط، او اخطاء او تكرار!
وتتلخص الواقعة، بان في يوم القرعة الاول، اكتشف المنظمون خطأ في قرعة الصندوق الخاص بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، ثم بدأت سلسلة التخبطات!
فلم يتم الاكتفاء باعادة القرعة في الصندوق الوحيد الذي تم اكتشاف حالة خطأ فيه، فاعلنت الاسماء، ثم تشكلت لجنة تظلمات، بقرار وزاري، الى هنا وتبدو الاجراءات سليمة، ومنطقية.. الا ان على ما يبدو، ان البعض من المتضررين على الصعيد الشخصي ممن لم تعجبه النتيجة ضغط باتجاه اعادة القرعة.. وحصل على مراده، بينما لا تزال اسباب اعادة القرعة غير واضحة، في غياب تام للشفافية، بيد ان الامر لا يعدو احتمالين، فاما كانت القرعة الاولى خاطئة برمتها وهنا يتبين عجز هيئة الشباب عن اجراء بسيط كالقرعة، او ان تكون القرعة الاولى سليمة والاعادة تمت رضوخا للضغوط، وايضا تتحمل الهيئة مسؤوليتها! وفي كلا الاحتمالين تبدو الهيئة عاجزة عن رعاية الشباب، ناهيك عن احتضانهم وتنميتهم والاستثمار بهم كرأسمال بشري ابداعي!
وهنا، يلح التساؤل علي، ان كانت الهيئة قد شكلت لجنة للتظلمات، لماذا اعادت القرعة، وما كان سبب تشكيل اللجنة؟ ام انها كانت بوابة للعبور لاعادة القرعة.. كون الاسماء لم تأت على «مشتهى» البعض؟! لتسقط هيئة الشباب في اختبار تشكيل مجلس الشباب الكويتي.. للمرة الثانية، حيث لم يكن التشكيل الاول للمجلس بمنأى عن هذه الاخطاء المخجلة!
ولا تهم النتيجة، بقدر ما يهمني هنا، ان اؤكد ان الشباب، الذي يشكل اكثر من ٧٠٪ من مواطني الكويت، يشعر بالاحباط على كل الاصعدة، حيث يلمس عدم جدية الحكومة في رعايته، فالكلام «المدكور» والمزين بعبارات موجهة للشباب، لن يكون مجديا ما لم يكن مقرونا بفعل، فشبابنا اليوم «تكسرت مجاديفه» فمن جهة يقرأ تصريحات تؤكد رعايته، ومن جهة اخرى يرى ان اغلب التوجهات على ارض الواقع تؤكد انها ضد طموحه.
فعلى سبيل المثال، غزا الفساد بعض المؤسسات، حتى اصبح تمكين الشباب غاية لا تدرك مطلقا، متنحية جانبا بضغط الواسطة والمحسوبية، وبموازاة ذلك، يطول طابور انتظار الوظيفة الحكومية، وان توجه الشاب للقطاع الخاص، يبقى متخوفا من عدم الاستقرار الوظيفي في ظل عدم تقديم ضمانات حكومية برعايته، وفي دعم المبادرات لا يبدو الوضع افضل من ذلك!
واليوم، وان كنا بالفعل ننشد تنمية حقيقية، ورؤية نحو مستقبل قائم على الاستدامة، لا مفر من ضرورة دعم الشباب وتمكينهم، علينا اليوم جديا، ان نحول عبارة رأسمال بشري ابداعي، الى واقع ملموس، يلمسه الشباب اولا ليصدقوه، وليكونوا مبدعين لتنمية الكويت، وهذا الامر لا يتحقق الا ان كنا صادقين بالمشاريع الحاضنة للشباب، وبالنأي بها عن الضغوطات السياسية والمحسوبيات والواسطة!