“تحذيرات ومخاوف” من تجدد العمليات الإرهابية عالميا بعد عودة حكم طالبان

النشرة الدولية –

حذر خبراء وباحثون في شؤون الحركات الإسلامية، من احتمالية عودة العمليات الإرهابية في عدة مناطق في العالم، ومن انجذاب الشباب تجاه حركات “متطرفة” في أفغانستان، بعد عودة حركة طالبان “المتشددة” إلى الحكم.

واتفقوا، خلال ندوة نظمها “مسارات الأردن للتنمية والتطوير” بحضور وزيرة الدولة السابقة لشؤون الإعلام جمانة غنيمات، إلى أن “ما جرى في أفغانستان سيكون له تداعيات لا يمكن الاستهانة بها”، داعين حكومات العالم إلى أن يكونوا “أكثر حذرا من الناحية الأمنية والثقافية”.

الخبير والباحث في الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية، أشار إلى وجود جاذبية لدى بعض الشباب تجاه الحركات المتشددة في أفغانستان، قائلا إن “هذه الجاذبية تضاعفت نحو طالبان لعدم وجود خيارات حالية أخرى لدى هذه الفئة، إلا أن 90% من دراسات دولية أشارت إلى أن داعش الجاذب الرئيسي للشباب”.

وأوضح أن “ما حدث في كابل مؤخرا واضح ويحدد عبر ثلاثة نماذج، تتمثل في تنظيم القاعدة، تنظيم داعش، وحركة طالبان”، متسائلا عن كيفية تعامل العالم مستقبلا مع حركة طالبان المتشددة بعد أن كانت تصنّف على أنها “حركة إرهابية”.

ويسابق عشرات الآلاف من الأفغان الزمن للهرب من بلدهم في وقت حذرت الولايات المتحدة من تهديدات أمنية في مطار كابل حيث تعم فوضى عارمة، وصفها أبو هنية بأنها “الأكبر والأكثر فوضوية في العالم”.

أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، وليد أبو دلبوح، قال إن “التطرف نوعان، اختياري وإجباري، إلا أن حركة طالبان قد تترك صناع القرار في حيرة، لأن البعض يعتبرها أكثر استقطابا للشباب للاعتقاد بأنها من الفئات الأكثر اعتدالا في التطرف”.

وأوضح أن “خطاب طالبان والغرب في المرحلة الحالية يظهر أن هناك عدوا مشتركا يجمعهما أمور تنسيقية وتعاونية”، مشيرا إلى أن “طالبان حققت مكاسب خلال 20 عاما الماضية، وخيارها في تغيير نظام الحكم في أفغانستان أصبح مستبعدا، حيث إن الأغلب يطلب ود طالبان لإبعاد الخيار العسكري”.

الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار، قال إن “طالبان لعبت حربا نفسية في معركتها الأخيرة جعلتها تنتصر على الحكومة الأفغانية السابقة بسرعة”، مضيفا أن “الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) ارتكبا خطأ فادحا في انسحابهما من أفغانستان من دون الوصول إلى تسوية سياسية ملزمة بين الأطراف المتنازعة”.

وقال إن “القوات الأميركية التي أمضت نحو 20 عاما في إعادة بناء أفغانستان لم تحقق من هدفها أي شيء”.

أبو هنية، قال إن ما حدث في أفغانستان من هزيمة سريعة للجيش الأفغاني من طالبان، كان مفاجئا، حيث إن الاعتقاد كان بأن تسير الأمور نحو صمود أطول لحكومة أشرف غني”.

ومنذ استعادت طالبان السلطة في أفغانستان، تعهدت باتباع سياسة أكثر ليونة من حكمها القاسي من 1996 إلى 2001، وقامت بخطوات على طريق تشكيل حكومة.

ورغم ما أنفقته الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على مدى نحو 20 عاما لإعداد قوات أمنية حكومية أفغانية، إلا أن طالبان سيطرت على نحو جميع أفغانستان في أقل من 10 أيام وسط انسحاب للقوات الأميركية، حيث اجتاحت الحركة كابل في 15 آب/أغسطس بعد سقوط الحكومة وفرار الرئيس أشرف غني من البلاد.

وأضاف أبو هنية  أن “تقاريرا استخباراتية عالمية كانت تعتقد أن يستمر صمود الحكومة الأفغانية بنحو عامين وتقارير رجحت بنحو 6 أشهر، لكن الأمر المفاجئ بأن صمودها لم يدم لأيام، والإدارة الأميركية اعترفت بفشل استخباراتي في التنبؤ بمآلات صمود حكومة غني”.

وتابع “كانت ذريعة الولايات المتحدة بالذهاب إلى أفغانسان في 2001، هي القضاء على الإرهاب، إلا أن التفجير الإرهابي الذي حدث الأسبوع الماضي بمحيط مطار كابل أثبت عدم صحة ذلك”، موضحا أن “الحقيقة أن من ذهب للقضاء على الإرهاب، قد استفز هذه الجماعات، وأصبحت أكثر خطرا في أفغانستان”.

وأشار أبو هنية إلى “تقارير بينت أن الإرهاب تضاعف 4 مرات منذ أحداث تفجير برجي التجارة العالمي في نيويورك في 11 أيلول/سبتمبر 2001، وتحول الإرهاب من شبكة محلية بأفغانستان إلى شبكة إقليمية وأصبحت أكثر خطرا عبر تنظيمات إرهابية منتشرة في العالم”.

وأوضح أن “تنظيم القاعدة بدا ساذجا وتافها أمام تنظيم داعش الذي امتاز بامتداده الكبير وسيطرته على مناطق عدة في العالم، منها سيطرته الحالية على ما نسبته 1% من القارة الإفريقية”.

وعن تاريخ حركة طالبان، قال: “ظهرت حركة طالبان كتنظيم في عام 1994 وسيطرت بالكامل على معظم مناطق أفغانستان ما عدا الشمال، وبقيت مسيطرة إلى أن دخلت الولايات المتحدة، وأزاحتها بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر”.

“في الفترة الحالية، لدى طالبان تأويل جديد في تطبيق الشريعة دون تشدد أو التحول إلى إمارة إمبريالية، حيث إن طالبان باتت مختلفة، بعد أن عفت عن جميع من تعتبرهم متآمرين مع الولايات المتحدة من الحكومة السابقة، وتبحث عن إشراكهم في الحكم”، بحسب أبو هنية.

وعن تعاملها مع النساء، قال إن الحركة “صرحت أنها لن تتشدد في ارتداء النساء البرقع إلا أنها تطلب الالتزام بالحجاب”.

وقال أبو نوار إن “أفغانستان مهمة للعالم ضمن موقعها الجيوسياسي، ومن الصعب الفصل بينها وبين باكستان”، مضيفا أن “أفغانستان سجينة التضاريس والجغرافيا ضمن 34 ولاية صعبة التواصل فيما بينها، والزيارات المتبادلة بين هذه الولايات تحتاج إلى موافقة من الحركات التي تحكمها بسبب التناقضات الكبيرة فيما بينها”.

“باعتقادي أن من شكل تنظيم طالبان هو الاستخبارات الباكستانية عبر تحالفه مع الصين وتركيا”، بحسب أبو نوار، فيما قال عضو حزب جبهة العمل الإسلامي، أحمد الزرقان إن “طالبان أقرب الناس لفكر الحركة الإسلامية وهم أصحاب أصول وثوابت رغم وجود أخطاء وسلبيات لديهم في تطبيق الحكم في الفترة الأولى”.

وأضاف الزرقان: “في المرحلة الحالية، تغيرت حركة طالبان، لتصبح مقبولة لدى المجتمع الدولي، بعد عفوهم عن الحكومة الأفغانية السابقة وإبداء تأييد إشراكهم في الحكم”.

وفاجأت حركة طالبان العالم عندما اجتاحت كابل الشهر الحالي، منهية عقدين من الحرب، بدون أن تواجه أي مقاومة تذكر من جانب القوات الحكومية التي تم تدريبها وتسليحها من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

مع ذلك، تجمعت قوات حكومية سابقة في وادي بانشير المنطقة الجبلية الواقعة شمال كابل والمعروفة منذ فترة طويلة بأنها معقل لمعارضي لطالبان.

وعن أسباب الانسحاب الأميركي، قال أبو هنية “إن الأولويات لدى الولايات المتحدة في هذه المرحلة تركيز أكثر على المواجهة مع الصين والبرنامج النووي في إيران وتحديات فيروس كورونا، ما جعلها تختار الانسحاب من أفغانستان، وتجري إجلاء يعتبر الأكبر والأكثر فوضوية في العالم”.

وعن أسباب الاختلاف بين داعش وطالبان، قال الباحث في الجماعات الإسلامية، مروان شحادة إن “داعش يتعامل مع جميع الجماعات الإسلامية على وجوب أن تكون تحت ولايته ضمن مبدأ الخلافة والولاية العامة عليه”.

وأضاف أن “داعش يفرض خلافته بحكم السيف على مبدأ إن لم تكن معه فأنت ضده، وصنف طالبان بأنها تنضوي تحته ضمن ولاية خراسان “.

وأشار إلى أن “طالبان حركة منفتحة في التعامل مع الجميع وحافظت على علاقتها مع معظم الأطراف، وتعهدت بعدم السماح لعودة قيام أي جماعة بأعمال خارج أفغانستان، وعندما سيطرت طالبان على كابل، أعدمت الزعيم الأول لداعش ونائبه في ولاية خراسان كرسالة واضحة على عدة مستويات، أولها للتنظيم نفسه لردها على عمليات داعش وللمجتمع الدولي لتأكيد جديتها في محاربة داعش واستئصاله”.

“الأسبوع الماضي، استهزأ داعش – الذي لا يمتلك إلا السيف للوصول إلى السلطة – بحركة طالبان لأن رجالها تحولوا من مقاتلين إلى مفاوضين في فنادق فارهة”، بحسب شحادة.

ومع تسارع عمليات الإجلاء بمطار كابل، قالت الأمم المتحدة إنها تستعد لـ”السيناريو الأسوأ” المتمثل في خروج ما يصل إلى نصف مليون لاجئ إضافي من أفغانستان بحلول نهاية عام 2021.

وعلى الرغم من وعود طالبان بحكم أكثر ليونة، يخشى العديد من الأفغان تكرار حقبة الحكم السابقة حين طبّق المسلحون نظاما صارما، فضلاً عن الخشية من وقوع أعمال انتقامية ضد أولئك الذين يعملون مع الجيوش الأجنبية أو البعثات الغربية أو الحكومة السابقة المدعومة من واشنطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button