أزمة وجودية.. لبنان يفرغ من سكانه
بقلم: جويل تامر

النشرة الدولية –

لبنان 24 –

يعيش لبنان أزمات متلاحقة تبدأ بطوابير الذلّ على المحطات وتمّر بتخزين البنزين والمازوت واحتكار الدواء. لكن الأخطر من هذا كله صفوف اللبنانيين في الأمن العام طلباً لجوازات السفر وهجرة الأدمغة وتفريغ لبنان من طاقاته.

يتوّجه المواطنون منذ ساعات الفجر الأولى إلى مراكز الأمن العام لحجز دورٍ لهم، وتقديم طلب الحصول على جواز سفر جديد أو تجديد جواز السفر القديم، في ظلّ الزحمة الكبيرة التي تشهدها المراكز وخصوصا المديرية العامة كونها المركز الوحيد الذي يعطي جواز السفر بـ24 ساعة، مع العلم أنه يتمّ توزيع ما بين  200 و300 رقم في اليوم” فقط.

اللبنانيون يريدون الرحيل والهرب من جحيم الوطن بأي طريقة كانت، لا يهتمون بساعات الانتظار.

الطلب على الجوازات مرتفع في صفوف فئة الشباب والذين تلقوا عروض عمل في الخارج. أما المقيمون فيتهافتون لإصدار جوازات سفر والاحتفاظ بها تحسبا لأي طارئ.

في هذا الاطار، تقول مسؤولة التوظيف في احدى كبرى الشركات في لبنان أن بعض اللبنانيين يقبلون براتب 1000$ فقط لوظيفة ليست حتى من ضمن اختصاصهم في الدول العربية فقط لأنهم تعبوا من الوضع الراهن”.

وتضيف: “الموظفون في الشركات الكبيرة والذين يتقاضون رواتب مرتفعة وبالدولار يرحلون من لبنان بحثا عن جنسية”، وتلفت الى أن “بعضهم يسافر لمتابعة دراسته للحصول على جواز سفر أجنبي ولا يريد العودة نهائياً وهم أشخاص يحبون العائلة ولم يرغبوا أبدا بمغادرة لبنان سابقا”.

وتتابع: “الفئة المتزوجة من المغادرين تتجّه نحو الخليج والدول العربية حتى لو برواتب متدنية بحثاً عن الأمن والأمان”.

شهد لبنان على مرّ التاريخ موجات متعددة من الهجرة، لكن كثيرين ممن عايشوا الحرب يقولون إنه بالرغم من هولها لم يكن هناك ضيق اقتصادي بحجم الضيق الذي يمر به لبنان، خصوصا في ما يتعلق بحجم انتشاره. فما نشهده اليوم هو أكبر أزمة مالية واقتصادية ومصرفية واجتماعية في تاريخنا.

صحيح أن اللبنانيين تعايشوا منذ الحرب مع تراجع الخدمات من كهرباء ومياه، غير أن الأزمة الحالية ذهبت أبعد من ذلك، فقد طالت معيشتهم اليومية ووصلت تداعياتها حتى الى أمنهم الغذائي وصحتهّم ودراستهم.

الوضع خطير ولا يُطمئن، لبنان في حالة اجلاء انساني واليوم أصبح عدد المهاجرين منه أكثر من سكانه،  هل ما زال باستطاعتنا القول انه وطن؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button