المركز التربوي اللبناني يقلّص المناهج إلى 18 أسبوعًا…. حلول لتأمين الكتب المدرسية

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

لا خلاف على توصيف العام الدراسي بالأصعب على الإطلاق، التحديات جسيمة وتفوق إمكانيّات ثلاثية الأهل المدارس والمعلمين على تذليها، تبدأ بالواقع المالي المأزوم وتنتهي عنده. كيف للأهل أن يبتاعوا الكتب بأسعارها المليونية؟ كيف لرواتبهم المتآكلة أن تستوعب الأقساط المرشّحة للزيادات؟ كيف للمعلمين أن يكملوا رسالتهم فيما الراتب يكفي لبضع صفائح بنزين إن وجدت؟ كيف للمدارس أن تؤمّن المحروقات للمولدات؟ ماذا عن مصير كلّ طلاب لبنان في التعليم الرسمي والخاص؟

المناهج تقلّصت إلى 18 أسبوعًا

كلّنا معنيّون بإنقاذ تعليم مليون و300 ألف تلميذ، صحيح هي مسؤوليّة وزير التربية بالدرجة الأولى، لكن الواقعيّة تقتضي الإعتراف بأنّ هذه المهمّة، تقع على عاتق كلّ المسؤولين والمعنيين في الظروف الراهنة. وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب أعلن عن خطّته للعودة حضوريًا، جوبه بانتقادات، وإن كانت لا تستهدف الخطّة بحدّ ذاتها، بل واقع الحال، في بلد انهارت عملته وتآكلت الرواتب واستفحل الغلاء. الخطّة ليست مقفلة، بمعنى أنّها تتضمّن خيارات عدّة تحاكي مستجدات المرحلة، وهي مشتركة بينه وبين المركز التربوي للبحوث والإنماء، وتستند إلى جملة مرتكزات، أبرزها تقليص المناهج لتكون على مدى 18 أسبوعًا، لكل المراحل من الروضة لغاية الثالث ثانوي، وفق ما أكّد رئيس المركز التربوي للبحوث والإنماء جورج نهرا في حديث لـ “لبنان 24″، هذه المناهج أكتملت وأصبحت موجودة على الموقع الإلكتروني الخاص بالمركز “أرسلنا الرابط إلى كلّ المدارس، من خلاله يمكن للمعنيين بالقطاع التربوي، معرفة المنهج المعتمد لهذه السنة الدراسية على مستويات المحتوى والمحاور والدروس المطلوبة”.

الكتب المدرسيّة جاهزة

المركز التربوي أنجز الكتاب المدرسي الوطني الورقي والرقمي، ووضعه على منصّة المركز”أنجزناه منذ العام الماضي، أرسلنا اللينك إلى كلّ المدارس في القطاعين الرسمي والخاص، وبات بإمكان أيّ مدرسة أن تحمّل التطبيق وتحصل على كلّ الكتب المنتجة من قبل المركز التربوي”.

بالنسبة للكتاب الورقي أطلق المركز العام الماضي مناقصات، لكنّ الأسعار الخيالية للكتب حالت دون إقدام الشركات على المشاركة، اتجه المركز بالتنسيق مع الوزير إلى اليونيسف، وأثمر ذلك تلزيم طباعة وتوزيع الكتاب المدرسي الوطني مجانًا على كلّ طلاب المدارس الرسمية في لبنان في كل المراحل التعليميّة، بما فيها الثانوي، وذلك للمرة الأولى بتاريخ لبنان.

ونظرًا لصعوبة تأمين الكتاب الورقي هذا العام بفعل ارتفاع الأسعار، يعمل المركز على جملة حلول وفق نهرا “كنّا قد أطلقنا مناقصة، ولكن أيّ شركة لم تتقدّم للمشاركة، هناك احتمال إجراء مناقصة بالتراضي. في الوقت نفسه بدأنا مفاوضات مع اليونيسف لنرى إمكانية تمويل طباعة وتوزيع الكتاب المدرسي الوطني على المدارس الرسمية والخاصة، إذا كانت الأخيرة ترغب بذلك. والمخرج الأخير في حال فشلت كلّ الخيارات المذكورة، يكمن بطباعة الكتاب الإلكتروني pdf الموجود لدى المركز، عندها نسعى للتخلي عن الملكيّة الفكرية، ونقدّمه مجانًا للمدارس الرسمية والخاصة، عبر السماح لهم بطباعته. خصوصًا أنّ الكتاب الورقي لا يمكن الإستغناء عنه، لاسيّما بالنسبة لطلاب المراحل الأولى والثانية. لذلك نحن متمسكّون بتأمين الكتاب الورقي، ولن نترك وسيلة، ونسعى لحلّ المشاكل التي تعترض العام الدراسي واجتراح الحلول، هذا دورنا في سبيل إنقاذ التعليم في لبنان”.

المركز التربوي يساهم أيضًا بتدريب الكادر التعلميي في القطاعين الرسمي والخاص مجانًا “بحيث يمكن لكلّ المدارس إرسال المعلمين للخضوع لدورات تدريبية إن رغبوا، تشمل المنهج الذي تمّ تقليصه، برنامج الدعم النفسي الإجتماعي، بحيث سيصار إلى إطلاق أنشطة دعم نفسي إجتماعي للطالب والمعلم والأهل، برامج تدريبية على المنصّة التي أنشأها المركز وعلى كيفية تصميم الدروس”.

كل الدروس على منصّة “مواردي”

في إطار التحول الرقمي الذي بدأه المركز التربوي للاستجابة للأزمة الناجمة عن فيروس كورونا، أنجز فريق تقني وتربوي منصّة “مواردي MAWARIDY”، تتضمن هيكليّة المناهج الحاليّة “في منتصف أيلول الحالي أي قبل حوالي أسبوعين من بدء العام الدراسي، تصبح كلّ الدروس الرقميّة متوافرة على المنصّة وجاهزة، وقد جرى التدقيق والموافقة على المحتوى وعلى الإخراج الطباعي، بحيث يمكن للمعلّمين الحصول عليها مجّانًا. تشتمل على المواد التعليمية بكافة لغاتها، وهي متاحة للأهل والطلاب والهيئة التعليمية. كنا قد طلبنا من كلّ المعلمين الذين أنتجوا دروسًا وموارد رقيمة خلال فترة التعليم عن بعد، وضع هذه الموارد بتصرّف المركز مع الحفاظ على الملكيّة الفكريّة لكلّ معلم، وذلك بهدف تحقيق التشارك وخدمة المتعلّم”. تمتاز منصّةُ “مواردي” بسهولة ربطها مع أيّ نظام إدارة تعلّم، كما أنّها تتلاءم مع كل أنواع الشّاشات، وتأخذُ بالاعتبار عدم توفُّر ألواح ذكيّة في متناول الطلاب.

مشاكل العام الدراسي كثيرة ومتشعبة، منها تأمين المحروقات والوقود، في الإطار يلفت نهرا إلى الإتفاقية بين وزارتي التربية والطاقة لتأمين المازوت للمدارس “هناك اتجاه نحو الطاقة البديلة، بحيث باتت 122 مدرسة رسمية توّلد كهرباء من خلال الطاقة الشمسيّة، والعمل جارٍ لتجهيز 80 مدرسة أخرى، كذلك في المبنى الرئيسي للمركز التوبوي أنجزنا مشروع الطاقة الشمسية”.

تجديد المناهج

الخطوة الأهم تكمن بتجديد المناهج، بعد انقضاء أكثر من 23 عاما على آخر تحديث لها، في السياق يقول نهرا “وضعنا خطة تجديد المناهج، أو رؤية ما بعد 2023، وذلك ثمرة دراسات عن واقع المناهج والواقع التربوي في العالم والتكنولوجيا وسوق العمل والتشريعات القانونية. المرحلة الأولى تنجز في 15 أيلول، تليها مرحلة وضع الإطار المرجعي للمناهج التعليميّة اللبنانيّة والمرتكزات الاجتماعيّة والفلسفيّة، ثم إسقاط المقاربة التربوية على المواد التعليميّة، وهي ستكون جاهزة عام 2023، تليها مرحلة تجريبيّة (بايلوت) في بعض المدارس النموذجيّة، بناء على النتائج نكون في العام 2024 أمام مناهج تعليميّة جديدة”.

مصير العام الدراسي على المحك، لا يحتمل طلاب لبنان سنة دراسية ثالثة عن بعد، هي أيضًا غير مضمونة بفعل أزمة المحروقات والكهرباء، كما لا تحتمل الأوضاع المادية نصف حلول، إنقاذ العام الدراسي لا يقع على كاهل إدارة دون سواها، بل هو مسؤولية وطنية جامعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button