العدادات الذكية وروبن هود الكويت
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
يقول المبدع زياد الرحباني: «صحيح اني ما درست طب بيطري بس باعرف الحيوان من أول نظرة!».
عيّن أحد المواطنين نفسه، ومن شقته الاندلسية شبه الفاخرة، مدافعاً عن حقوق الفقراء والمهمشين من المواطنين، وتقمّص دور «روبن هود الكويت»، مرسلاً الرسالة الصوتية تلو الأخرى مهاجماً «التجّار» محذراً من «جشعهم ومخططاتهم» التخريبية، وسعيهم إلى مص دماء الفقراء والمساكين من المواطنين والمقيمين، وكان آخر تلك الرسائل ما تعلّق برفضه قرار وزارة الكهرباء تغيير العدادات القديمة والمتهالكة بعدادات جديدة وذكية، وادعائه بأن تركيبها سيؤثر على حياة الطبقة الفقيرة «الكادحة»، التي سينقطع التيار الكهربائي عنها في «عز الصيف» بمجرد انتهاء رصيد العداد، أو عدم تعبئته بما يكفي.
عانت الكويت منذ أكثر من ستين عاماً من الزيادة الرهيبة في استهلاك الكهرباء، وما صاحب ذلك من هدر من جهة، وسرقة التيار من جهة أخرى، هذا بخلاف عدم احتساب الكهرباء على الكثيرين بسبب سوء نوعية العدادات في البيوت والمصانع والمباني!
من أجل التغلّب على كل هذه المشاكل، حمّرت الحكومة عيونها قبل عشر سنوات تقريباً على الفساد «الكهربائي والمائي»، وقررت تحديث نظام تحصيل قيمة الاستهلاك من خلال تركيب عدادات ماء وكهرباء ذكية.
كالعادة، تراجعت الحكومة عن تحمير العين، وعن وعودها، وأصبحنا نسمع بين كل سنة وأخرى عن قرب ترسية مناقصة استيراد وتركيب عدادات جديدة، ومر وقت طويل وخسرنا خلاله أكثر من ملياري دينار، دون مبالغة، ونحن ننتظر وصول العدادات الذكية.
بفضل جهود المخلصين في وزارة الكهرباء، نجحت الوزارة أخيراً في تركيب بضعة آلاف منها في مختلف المناطق على سبيل التجربة، وجار استيراد وتركيب باقي المطلوب، لوضع حد نهائي لهذا النزيف المالي.. والأخلاقي!
تعتبر عدادات الماء والكهرباء الذكية خطوة حضارية مهمة في تحصيل حقوق الدولة، ووقف الهدر الرهيب في المال العام، وتقليل عمل الوزارة الروتيني، ووقف المهمة البائسة وشبه المستحيلة لقارئي العدادات، حيث سيتيح هذا النظام الذكي للوزارة التحكّم بها عن بُعد. كما يمكن للمستهلك تعبئته بين الفترة والأخرى، وهو لا يختلف عن الطريقة التي يعمل بها الهاتف النقال، فلا خدمة من دون تعبئة، أو دفع.
كما يمكن للوزارة معرفة تعطل الجهار أو حدوث أي تخريب أو تلاعب فيه عن بُعد. كما يمكنها قطع الكهرباء من المستهلك، أو إعادته متى تطلّب الأمر ذلك. وبذلك لن تضطر الوزارة مستقبلاً إلى رفع شكاوى على المستهلكين المتقاعسين.
كما ستخفف العدادات الذكية على مالكي العمارات السكنية، التي بها عشرات أو مئات الشقق، مهمة محاسبة السكان وملاحقة التحصيل وغير ذلك من أمور، وسيتم الاستغناء عن جيش الموظفين، سواء قارئي عدادات أو محاسبين ومحضري كشوف الاستهلاك الشهرية وغيرها من أعمال روتينية!
نرجو من «روبن هود الكويت» أن يكرمنا بسكوته، ويتوقف عن التباكي على حقوق الفقراء ويستمر في المطالبة، أو الحلم بحصته من أرباح مؤسسة التأمينات الاجتماعية.