“نهاية حرية الإعلام” في أفغانستان… حركة طالبان تعتدي على الصحفيين بعنف وتمنع بث الأغاني
النشرة الدولية –
شهدت صناعة الصحافة والإعلام في أفغانستان، التي تم الاحتفال بها باعتبارها أحد أهم الإنجازات التي حققتها البلاد خلال العقدين الماضيين، تحولًا مفاجئًا بعد سيطرة طالبان على البلاد، وأصبح بقاؤها مهددًا بعد تضاؤل عدد الصحفيين والاعتداء عليهم جسديا، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز .
وتعرض صحفيين اثنين لاعتداءات عنيفة من قبل أعضاء الحركة، الأربعاء، بسبب تغطيتهما احتجاجا في كابل. وأظهرت الصور ظهري الصحفيين يغطيهما بالكدمات والجروح الناجمة عن الجلد المتكرر بالكابلات، مما أثار احتجاجا دوليا.
وقالت ندا، مذيعة محطة تلفزيون محلية في كابل، إن “وضع الإعلام حرج للغاية. لا أحد يجرؤ على سؤال طالبان عن أخطائهم الماضية والفظائع التي ارتكبوها”.
وأكد أكثر من عشرة من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام الأفغانية، الذين قابلتهم صحيفة نيويورك تايمز، أن شبكات التلفزيون والصحف والمواقع الإخبارية المحلية واصلت تغطيتها في ظل الخوف والترهيب والرقابة الذاتية.
لم تصدر طالبان بعد أي تعليمات محددة لوسائل الإعلام، لكنهم قالوا إن جميع الوسائل الأفغانية يجب أن تعيد ضبط تغطيتها على أساس القوانين الإسلامية والمصالح الوطنية، وجميعها مصطلحات غامضة يمكن أن تمهد الطريق بسهولة لاضطهاد الصحفيين الذين ينتقدون الحكومة الجديدة.
بعد سيطرة طالبان على كابل في منتصف أغسطس، فر المئات من العاملين في مجال الإعلام، بما في ذلك عشرات الصحفيين، من البلاد، وفقًا لإحصاءات الصحيفة الأميركية.
وقال أحمد قريشي، مدير مركز الصحفيين الأفغان، إن أكثر من نصف المؤسسات الإعلامية الأفغانية أوقفت عملياتها بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والمشاكل مالية.
كل شيء تغير
وأضاف قريشي: “كان الأمر بمثابة حلم”، في إشارة إلى الحريات الصحفية التي أعقبت الإطاحة بطالبان في عام 2001. وعلى مدى عقدين من الزمن، كشفت وسائل الإعلام الأفغانية عن الفساد، وكشفت انتهاكات حقوق الإنسان، وحصلت على جوائز وتقدير دوليين.
وعلى مدار السنوات الماضية، مولت الولايات المتحدة شبكات التلفزيون والصحف والمحطات الإذاعية، مما ساعدها على الوصول إلى ملايين الأفغان في جميع أنحاء البلاد. وتباهت وسائل الإعلام الأفغانية بمئات المنافذ العاملة في البلاد. في يوليو، قال وزير الإعلام والثقافة السابق في الحكومة، قاسم فايزادة، إن 248 شبكة تلفزيونية و438 محطة إذاعية و1669 منفذًا مطبوعًا و119 وكالة أنباء نشطة في جميع أنحاء أفغانستان.
لكن القريشي قال إن “كل شيء تغير بين عشية وضحاها بالنسبة لوسائل الإعلام” بمجرد عودة طالبان إلى السلطة على الرغم من وعود الجماعة بالحفاظ على حرية الصحافة.
فقد اختفت المسلسلات التركية والهندية التي كانت تُعرض على معظم شبكات التلفزيون لساعات كل يوم في الأسابيع الأخيرة، كما توقفت برامج الموسيقى عن البث.
كما لم تسمح طالبان للصحفيات بالعودة إلى العمل في محطة الإذاعة والتلفزيون المملوكة للدولة، ومنعت معظمهن من العمل مع وسائل الإعلام في المحافظات، وفقًا لمراسلون بلا حدود.
وقال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، في بيان الأسبوع الماضي: “يجب أن تتمكن الصحفيات من استئناف العمل دون التعرض للمضايقة في أسرع وقت ممكن”.
وضغطت طالبان أيضًا على بعض المنافذ الإعلامية لمراجعة تقاريرها الإخبارية قبل نشرها، وفقًا للعديد من الصحفيين الذين قالوا إنهم رفضوا الامتثال.
وقالت حياة، وهي مراسلة لشبكة تلفزيونية: “ما نراه في وسائل الإعلام المحلية هذه الأيام لا يعكس الحقائق على الأرض على الإطلاق. ليس لدينا خيار آخر في الوقت الحالي، علينا التنازل والرقابة على أنفسنا حتى نجد طريقة للمغادرة”.
اعتداءات عنيفة
يوم الأربعاء، اعتقلت حركة طالبان عشرات المتظاهرين حول كابول والصحفيين الذين كانوا يغطون الاحتجاجات، وعرضتهم للانتهاكات في السجون المكتظة، وفقًا للصحفيين الذين كانوا حاضرين.
وجاءت الحملة على المظاهرات والتغطية التي تلتها بعد إعلان طالبان يوم الثلاثاء أنه لن يتم السماح بالاحتجاجات دون موافقة الحكومة. وقالت الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 19 صحفيا اعتقلوا يومي الثلاثاء والأربعاء.
وقال رافينا شامداسداني، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف للصحفيين إن أحد أعضاء طالبان قد هدد صحفيا محبوسا قائلا: “أنت محظوظ أننا لم نقطع رأسك”، ثم ركله في رأسه.
وقال تقي دريابي، أحد المراسلين الذين تم القبض عليهم، إن نحو ستة أعضاء من طالبان قيدوا يديه خلف ظهره عندما كان ملقى على الأرض على بطنه، ثم بدأوا بركله وضربه حتى فقد وعيه. وأضاف: “لقد ضربوني بقوة لدرجة أنني لم أستطع المقاومة أو التحرك. جلدوني على أردافي وظهري، وركلوني في وجهي”.
وذكر ستيفن باتلر، منسق برنامج آسيا في لجنة حماية الصحفيين، أن طالبان تثبت بسرعة أن الوعود السابقة بالسماح لوسائل الإعلام المستقلة في أفغانستان بمواصلة العمل بحرية وأمان لا قيمة لها.
وقال ذبيح الله مجاهد، نائب وزير الإعلام والثقافة بالإنابة، لمراسلون بلا حدود الأسبوع الماضي: “سنحترم حرية الصحافة، لأن التقارير الإعلامية ستكون مفيدة للمجتمع وستكون قادرة على المساعدة في تصحيح أخطاء القادة. نعلن للعالم أننا ندرك أهمية دور وسائل الإعلام”.
وذكر قريشي أن “حرية الصحافة ماتت في أفغانستان. والمجتمع بدون صحافة حرة يموت”.