هل سحبت أنقرة مرتزقة سوريين من ليبيا؟

النشرة الدولية –

النهار العربي – عبدالله سليمان علي

ليس في مناطق الشمال السوري التي تحتلها القوات التركية أي إشارات حول عودة أعداد من المرتزقة السوريين من ليبيا إلى سوريا تنفيذاً لاتفاق بين أنقرة والقاهرة، بحسب ما نقلت وكالة “تاس” الروسية أمس، عن مصدر مقرب من قوات المشير خليفة حفتر.

وقال مصدر مطّلع من “الجيش الوطني السوري” المدعوم والممول من تركيا لـ”النهار العربي” إن “قيادة الجيش وقيادات الفصائل المعنيّة لم تتبلغ -حتى الآن- نية أنقرة سحب المقاتلين السوريين من ليبيا”، مشدداً على أنه “لم تصل أخيراً إلى مناطق “درع الفرات” أي دفعة من المقاتلين السوريين العاملين في ليبيا، لا في إطار عمليات التبديل الروتينية ولا في إطار عملية انسحاب مفترضة”. واعتبر أن ما يجري تداوله من أنباء حول سحب أنقرة المرتزقة السوريين من قاعدة الوطية الليبية مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة، لافتاً الى أن هناك قنوات تواصل رسمية بين قيادة الجيش الوطني وقيادة الجيش التركي هي وحدها المسؤولة عن إيصال مثل هذه القرارات الاستراتيجية.

ونقلت وكالة “تاس” عن مصدر في “الجيش الوطني الليبي” بقيادة خليفة حفتر قوله إن “تركيا تسحب مسلحين سوريين منتشرين في قاعدة الوطية في غرب ليبيا، ضمن إطار اتفاق أبرم بينها ومصر”.

وأوضح المصدر الليبي للوكالة الثلثاء أن “طائرات نقل عسكرية تركية من طراز “إيرباص إيه 400″ تجلي المرتزقة السوريين من قاعدة الوطية ضمن إطار الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين القاهرة وأنقرة”. ولم يقدم المصدر أي تفاصيل بشأن عدد المسلحين الذين تم سحبهم والمكان الذي نقلوا إليه.

وذكر المصدر أن مسألة سحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا كانت من أهم المواضيع المطروحة على أجندة المحادثات التي جرت أمس بين حفتر ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح والرئيس المصري عبدالفتاح السياسي في القاهرة.

وعقد وفدان مصري وتركي في الفترة الماضية محادثات نوقشت خلالها قضايا إعادة تطبيع العلاقات وأيضاً شروط المصالحة بعد نحو سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية ومن ضمنها ما يتعلق بالملف الليبي.

وبحسب مصادر دبلوماسية مقربة من المحادثات التي أجريت سابقاً فإن الملف الليبي وسحب المرتزقة من ليبيا كان من بين الشروط المصرية لإعادة تطبيع العلاقات.

ويشكل ملف “المرتزقة السوريين” إحدى أهم العقبات التي تمنع تنفيذ اتفاق التسوية الليبية، اذ ينتظر الليبيون إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ‏كانون الاول (ديسمبر) المقبل، حسبما حدد أعضاء ملتقى الحوار ‏السياسي بعد جولات واجتماعات مباشرة وافتراضية على مدار ‏شهور خلال الفترة الماضية، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ‏ليبيا‎.‎

وقد بدأ ملف المرتزقة أخيراً يشكل صداعاً لرأس القيادة التركية بسبب التعقيدات التي تحيط به والانعكاسات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تترتب عليه. وشهدت مدينة طرابلس مطلع الشهر الحالي تظاهرات لمسلحين سوريين احتجاجاً على تخفيض رواتبهم، طالبوا خلالها بالسماح لهم بالعودة إلى سوريا.

واعتبرت صحيفة “أحوال” التركية المعارضة أن “تركيا المثقلة بأزمات اقتصادية ناجمة في جزء منها عن فقدانها شركاء غربيين وعرباً بسبب سياسات الرئيس التركي العدوانية ونهجه الصدامي تسعى إلى تسوية الخلافات العالقة مع القاهرة والسعودية ودول أوروبية وذلك لتجنب عزلة إقليمية ودولية.

ورأت الصحيفة أن التجاوب التركي مع شروط القاهرة في ما يتعلق بسحب المرتزقة السوريين محاولة لتحقيق هدفين بضربة واحدة: أولها إبداء حسن نوايا للمصالحة مع مصر وثانيها أن ورقة المرتزقة في ليبيا انتهت أو أن أنقرة لم تعد تحتاج للإبقاء على الآلاف منهم وتريد تقليص عددهم بشكل كبير والإيحاء بأنها تنفذ عمليات إجلاء لمرتزقتها تنفيذاً لما يطالب به المجتمع الدولي بشدة.

وتريد تركيا أيضاً التخلص من أعباء هؤلاء المالية بينما تحاول ضغط النفقات بسبب الأزمة الاقتصادية وتداعيات الوضع الوبائي الناجم عن تفشي فيروس كورونا ومتحوراته من السلالات الجديدة.

وفي منتصف الشهر الماضي أقامت ميليشا “سليمان شاه” المعروفة باسم “العمشات” نسبة إلى قائدها محمد جاسم أبو عمشة، عرضاً عسكرياً بالقرب من مدينة طرابلس شارك فيه المئات من المرتزقة السوريين حملوا العلم التركي إلى جانب ما يسمى علم الثورة السورية.

وكشفت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة” المعارضة في تقرير منشور بتاريخ 1 أيلول (سبتمبر) الجاري أن ما يقارب خمسة آلاف مرتزق سوري ونحو 800 شخص من كوادر طبية وعناصر شرطة مدنية ما زالوا متواجدين في ليبيا. وأشار التقرير إلى أن عمليات نقل الأسلحة والمعدات العسكرية من تركيا إلى ليبيا لا تزال مستمرة، وأنها تتم بحراً بموجب اتفاقيات عقدتها تركية و”حكومة الوفاق/السراج سابقاً”، وسبق أن وثقت منظمة “سوريون” نقل تركيا لشحنات أسلحة جواً ترافقت مع عمليات نقل مرتزقة.

وأكد التقرير الصادر حديثاً أنه “على الرغم من المطالب الدولية والأممية المتكررة بسحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب، إلا أن تركيا لم تصدر أيّ أوامر لسحب المرتزقة وإعادتهم إلى سوريا، كما لم تقم بأي تمهيد لهذه الخطوة، بل على العكس تماماً فإن عمليات تجديد عقود المقاتلين/المرتزقة الموجودين حالياً في ليبيا مستمرة ومدة التجديد تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر، في حين تتم إعادة سوى عدد قليل منهم ممن رفضوا تجديد عقودهم، وتمت اعادتهم خلال 4 رحلات جرت في شهري حزيران (يونيو) وتموز (يوليو)، (لم يحدد المصدر عدد المرتزقة اللذين اختاروا العودة وعدم تجديد العقد).

وأشار المصدر كذلك إلى أن عمليات تبديل/مناوبة المقاتلين المرتزقة بين سوريا وليبيا قد تراجعت وتيرتها واقتصرت على تبديل نحو 25 إلى 50 مقاتلاً فقط خلال الفترة ذاتها. وقال قيادي سوري في حديثه مع منظمة “سوريون” أنه لا توجيهات لدينا بسحب العناصر في مدة محددة، وتستطيع تركيا سحبهم خلال أسبوع واحد”.

وتدعم شهادة المصدر شهادات سابقة حصلت عليها “سوريون” في شهر حزيران (يونيو) تحدث فيها أحد المرتزقة المتواجدين في ليبيا عن تجديد عقده، إضافة إلى شهادة طفل تم تجنيده على يد “فرقة الحمزة/الحمزات” ومتواجد في ليبيا قال إنه تم جلبه من سوريا إلى ليبيا خلال النصف الأول من عام 2021، ما يعني أن عمليات تجنيد مرتزقة جدد لا تزال مستمرة.

من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن عقود تجنيد المرتزقة تختلف عن عقود عناصر الشرطة المدنية والكوادر الطبية، اذ تم تجنيد المرتزقة بناء على اتفاق/عقد مع تركيا أو شركات أمنية تركية، في حين أنه تم جلب/توظيف/ استخدام عناصر الشرطة المدنية والكوادر الطبية بناء على عقد موقع بينهم وبين وزارة الداخلية الليبية في “حكومة الوفاق” وبناء عليه تم منح بعضهم الجنسية الليبية، وأكد ذلك المصدر السابق قائلاً: الشرطة المدنية غالباً يذهبون من أجل الحصول على جنسية لهم ولعائلاتهم، المقاتل يذهب فقط للقتال في الجبهات والحراسة وعقودهم مشروطة مع تركيا، أما عقد الشرطة المدنية فمرتبط بوزارة الداخلية الليبية”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى