أطفالنا وأطفال الكنيسة الكاثوليكية
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

يتعرّض الأطفال في شتى الدول لمختلف أنواع الاستغلال، من حرمان من التعليم، وتشغيلهم في مهن متعبة، وتجنيدهم في الحروب الدينية والقبلية العبثية، وفي تجارة الجنس وغير ذلك. ولا توجد دولة في العالم بمأمن من مثل هذه الانتهاكات المهينة للطفولة، ولكرامة الإنسان، وخطورة تأثيراتها النفسية على مستقبل الضحايا.

بالرغم من الفضائح العديدة المتعلقة بتورّط رجال دين مسيحيين كبار في انتهاكات جنسية، فإن هذه الجرائم حظيت طوال عقود بتستر كبار رجال الدين عليها، خاصة في الكنائس الكاثوليكية.

كما منعت وسائل الإعلام من الخوض فيها، بحجة حماية خصوصية الضحايا وسمعة المتهمين «الحساسة»!

من أسباب وجود مثل الانتهاكات الخطيرة في الكنيسة الكاثوليكية، بشكل خاص، ما يعود إلى القواعد الصارمة، التي لا تسمح للعاملين في سلك الكهنوت بالزواج. ومع هذا لم تفكّر جهة في تغيير هذا الأمر، بالرغم من أن التغيير في داخل كل الكنائس المسيحية، من دون استثناء، طال أموراً كثيرة وخطيرة!

نتج عن مختلف الضغوط على رأس الكنيسة الكاثوليكية صدور قرار من البابا فرانسيس في عام 2019، وهو البابا الأكثر انفتاحاً واستجابة للتغيير، بإلغاء سياسة السرية التي تتبعها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في قضايا الاعتداءات الجنسية، وشكل ذلك في حينه خطوة كبيرة، وكان على الكنيسة التحرّك من يومها لضمان العدالة والإنصاف لجميع ضحايا هذه الاعتداءات البشعة، ولكن ذلك لم يحدث بالشكل المطلوب، ربما خوفاً من تداعيات المساءلة المدنية والجنائية على كامل التسلسل الهرمي في الكنيسة، وما سيتبع ذلك من مقاضاة الجناة وفرض الإبلاغ الإلزامي على جميع رجال الدين والموظفين الذين لديهم معرفة بهذه الانتهاكات.

كما لم تتحرّك الكنيسة بقوة لفرض سياسات عدم التسامح مطلقاً مع اتهامات الاعتداء الجنسي على الأطفال في جميع المؤسسات الخاضعة لإشرافها، والتأكد من أنها ترفض على الفور أولئك الذين يتبين أنهم أساؤوا معاملة الأطفال.

كما أن وصف الاعتداء الجنسي على الأطفال كجريمة «زنا» خطأ قانوني وإنساني فادح، يقلل من الطبيعة الإجرامية للإساءة التي تُلحق بالأطفال الضحايا، فهي جرائم اعتداء جنسي على الطفولة. ويجب بالتالي على السلطات السياسية تكملة جهود الكنيسة الإصلاحية من خلال التعليم العام والخدمات الاجتماعية، وقيامها بدورها لحماية الأطفال من مثل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. ووقف بقية الممارسات الإجرامية الأخرى بحقهم، كبيعهم وتشغيلهم في مهن البغاء، وفي إنتاج المواد الإباحية، وهو الأمر المنتشر في دول أوروبية عدة.

ما أود التركيز عليه هنا أن لا جهة محصنة ضد المساءلة. ويجب بالتالي إخضاع جميع المؤسسات، والدينية بالذات، ولأي دين انتمت، للتحقيق والشفافية، فطبيعتها الدينية لا تعني افتراض عصمتها، أو خلوها من الانتهاكات.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى