شعر الفردوسي وكلام الشاهبانو

النشرة الدولية –

لم أحترم أو أعجب يوماً بحكم شاه إيران، فقد كان ظالماً وفاسداً، ومسؤولاً مباشرة عن الثورة الشعبية العارمة التي وقعت في إيران نهاية السبعينيات وأدت لتسلّم رجال الدين الحكم.

لم يتعلم الشاه من دروس التاريخ ولا من تجاربه شيئاً، فسبق أن فقد حكم بلاده في الخمسينيات وفرّ من ثوارها، وأعاده الإنكليز والأميركيون لعرشه، ليعود ويهرب ثانية عام 1979 ويموت ذليلاً خارج وطنه.

الشاة محمد رضا هو الابن البكر لـ«رضا عباس قلي خان»، الضابط السابق الذي ولد عام 1878 وتدرج لرتب عسكرية وسياسية عالية، قبل أن ينقلب عام 1925 على آخر ملوك القاجار، ويجبر البرلمان على تنصيبه شاهاً، ليقوم بعدها، وبدعم من الجيش، بإصلاحات واسعة، مقتدياً بـ«أتاتورك»، وسط معارضة قوية من رجال الدين والإقطاع.

تميز حكم رضا خان بالبطش، وعاش صراعاً مع المرجعيات الشيعية، خاصة بعد أن أمر بخلع الحجاب وفرض الزيّ الغربي.

أسس جامعة طهران، التي كانت يوماً الأفضل في المنطقة، وغيّر اسم بلاده من فارس إلى إيران، بعد ضم أقاليم عربستان وبلوشستان ولرستان لدولته، وغيّر لقبه العائلي من خان إلى «بهلوي»، وهو اسم اللغة الفارسية القديمة.

وقع رضا شاه في خطأ قاتل بتحالفه في الحرب العالمية الثانية مع هتلر، ربما لاعتقاد الاثنين بسمو الجنس الآري، الذي ينتميان اليه!

تدخلت القوات البريطانية والسوفيتية في بلاده عام 1941 ونفته، ليموت بعد ثلاث سنوات في جوهانسبورغ.

تنتشر بين بعض القوميين العرب وأمثالهم من الإيرانيين أبيات شعر فارسية في هجاء العرب والاستهزاء بهم، وهذا أمر يوجد ما يماثله بين غالبية الشعوب، خاصة التي وقعت الحروب بينها ونتج عنها عداوات امتدت لمئات السنين. ويوجد بطبيعة الحال ما يماثل تلك الأبيات سوءاً لدى الطرف الآخر. ويعتقد البعض، ومنهم الأستاذ «شايف كيف»، أن هذه الأبيات المسيئة بحق العرب وردت في ديوان «الشاهنامة» الأشهر في تاريخ الأدب الإيراني، للشاعر «الفردوسي»، ووجودها دليل على مدى احتقار الفرس للعرب.

تبين بالبحث والسؤال أن البيتين، على الرغم من شهرتهما الكبيرة، وتضمن بعض الطبعات الشعبية من الشاهنامة لهما، إلا أنهما لم يردا في الطبعات القديمة من الشاهنامه. وسبق أن ذكر «أبو الفضل خطيبي» أحد كبار الباحثين في الشاهنامة، والأكثر موثوقية، إن كلمة «تفو» ليست من كلمات الفردوسي، ولم يتضمن ديوانه الضخم أبياتاً تتعلق بصراع الفرس مع الأجناس والشعوب الأخرى، وبالذات حول القضايا العرقية. والأهم من كل ذلك أن البيتين ظهرا بأساليب مختلفة في نسخ شعبية أخرى، مما يؤكد قضية التلاعب أو الدس!

والبيتان هما:

من شرب لبن الإبل (في رواية أخرى: بولها) وأكل الضب

بلغ الأمر بهم مبلغاً أن يطمحوا في تاج الملك

فتباً لك أيها الزمان (وفي رواية أخرى: تفو عليك) وسحقاً

في مقابلة مع إمبراطورة إيران السابقة «فرح ديبا»، ذكرت أنها دخلت محلاً للتسوق في مدينة أميركية، فرحب عدد من المتسوقين بها، وأخذوا صوراً معها، فتقدم منها شاب أميركي وسألها إن كانت شخصية شهيرة، فأجابت بنعم، فسألها من أين هي، فأجابت، من إيران! فرد الشاب متسائلاً بفرح: هل أنت «كوكوش»؟

تعلق الإمبراطورة السابقة قائلة إنها لم تحزن لعدم معرفة الشاب بها، بل فرحت كثيراً لوصول شخصية من وطنها، مثل كوكوش، لتلك الشهرة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى