علينا إنقاذ لبنان
بقلم: ريل كلير

النشرة الدولية –

استعمل حزب الله خبرته المستجدة في تبييض الأموال دولياً كي يصبح لاعباً أساسياً في عمليات تهريب المخدرات في أميركا اللاتينية، فهو يساعد عصابات المخدرات في الولايات المتحدة وكندا عبر تنظيم التهريب وتبييض الأموال والتخطيط للاعتداءات.

كانت بيروت تُعتبر باريس الشرق سابقاً، لكنها تحوّلت اليوم إلى مدينة أشباح، وبسبب الجمود السياسي، والفساد المستفحل، والتأثير الإيراني الخبيث عن طريق حزب الله، والانهيار الاقتصادي الوشيك، يتجه لبنان للتحول إلى دولة فاشلة بامتياز، ستترافق هذه الأزمة مع عواقب كارثية، فتُهدد المصالح الأميركية وأمن المنطقة كلها.

تزامناً مع تفشي فيروس كورونا في عام 2020، اتضحت أخيراً عواقب استفحال الفساد في أعلى مراتب الحكومة اللبنانية على مر سنوات عدة، وفي شهر أغسطس من السنة الماضية، انفجرت كمية هائلة من نترات الأمونيوم المخزّن في مرفأ بيروت، مما أسفر عن خسائر ضخمة وتهجير 300 ألف شخص من منازلهم. هذه الكوارث المتلاحقة أجّجت الاحتجاجات في البلد وزادت المخاوف الدولية، لكن يواجه قادة لبنان معركة شاقة بمعنى الكلمة، فقد شكّل رئيس الوزراء الجديد نجيب ميقاتي حكومة حديثاً وتلقى دفعة أولية من الدولارات من صندوق النقد الدولي، لكن لم يتضح بعد إلى أي حد ستتمكن الحكومة الجديدة من تطبيق الإصلاحات اللازمة لاسترجاع الاستقرار السياسي والاقتصادي.

يبحث اللاعبون الخارجيون عن أفضل الطرق لتوسيع نفوذهم على طول الخط الساحلي في شرق البحر الأبيض المتوسط عبر لبنان، فتريد الصين حتماً أن تنشأ دولة تابعة لها هناك، حيث يناقش الصينيون منذ فترة حزمة إنقاذية مع حزب الله مباشرةً، وقد دعم أمين عام الحزب، حسن نصرالله، عروض المساعدة الصينية علناً، وهي تشمل تطوير مرفأ طرابلس كجزءٍ من “مبادرة الحزام والطريق” الصينية، كذلك، أوصى نصرالله بأن يتجه لبنان “شرقاً” بحثاً عن مخرج لأزمته الراهنة. تشعر أطراف أخرى في البلد بالقلق من هذه المقاربة نظراً إلى تقارب العلاقات بين لبنان وفرنسا واتكال البلد اقتصادياً على الدولار الأميركي وتحويلات المغتربين في الغرب، لكن يسهل أن تزداد جاذبية خطة الإنقاذ الصينية فيما يتجه البلد إلى الهاوية.

في الوقت نفسه يبدو تأثير إيران واضحاً، لا سيما في ظل وجود حزب الله، عميل إيران الذي يقوده أتباع القادة الثوريين الإيرانيين الذين تدربوا على يد الحرس الثوري. نشأ حزب الله في الأصل لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان الذي يطغى عليه الشيعة خلال الحرب الأهلية اللبنانية، ثم توسّع دوره بدرجة هائلة داخل البلد، وبعد انتهاء الحرب، وسّعت هذه الجماعة عملياتها وانخرطت في السياسة ورسّخت مكانتها وسط الناس عبر إدارة المستشفيات وقنوات إخبارية وتقديم خدمات اجتماعية أخرى. تسمح سيطرة حزب الله على السياسة اللبنانية لإيران بفرض نفوذها الخبيث ومتابعة بناء “محور المقاومة” المزعوم في أنحاء الشرق الأوسط، وأكثر ما يثير القلق هو اكتساب حزب الله مصادر دخل جديدة لتمويل نشاطاته الإرهابية. استعمل حزب الله خبرته المستجدة في تبييض الأموال دولياً كي يصبح لاعباً أساسياً في عمليات تهريب المخدرات في أميركا اللاتينية، فهو يساعد عصابات المخدرات في الولايات المتحدة وكندا عبر تنظيم التهريب وتبييض الأموال والتخطيط للاعتداءات. اتّهمت المحكمة الاتحادية في جنوب نيويورك المسؤول الحكومي الفنزويلي وعضو حزب الله البارز طارق العيسمي بالتهريب بموجب “قانون تعيين كبار مهرّبي المخدرات الأجانب”، ولا شك أن نشاطات الحزب في مجال تبييض الأموال، بما في ذلك العمليات المرتبطة بالتجارة، تُضعِف حُكم القانون، إذ يسهل أن يُسبّب لبنان مشكلة جيوستراتيجية للولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاء آخرين حين يخضع لسلطة إيران الكاملة ويعطي حزب الله حرية التصرف في جميع المجالات.

لا يمكن أن تتابع الولايات المتحدة والغرب عموماً تجاهل هذه الأزمة الوشيكة. لقد أثبتت التجارب المتكررة في أفغانستان وسورية واليمن وأماكن أخرى أن فشل الدولة ينتج تداعيات كارثية، ومن المعروف أن الدول الفاشلة تؤدي إلى تهجير الناس وقد تتحول إلى قواعد للإرهابيين وتسمح لهم بإطلاق اعتداءات ضد الغرب، حيث يُعتبر لبنان تحديداً بالغ الخطورة لهذَين السببين معاً، وآخر ما يريده العالم هو ظهور دولة فاشلة أخرى.

ما من حلول سهلة لهذا الوضع، لكن يمكن البدء بدعم المنظمات غير الحكومية كي تقدّم المساعدات إلى الشعب اللبناني مباشرةً والشخصيات السياسية غير الداعمة لحزب الله، كذلك، يمكن اللجوء إلى العقوبات الفردية على شخصيات محددة في لبنان كتلك المتورطة في سرقة المال العام لمعاقبة المسؤولين وحثّهم على التعاون، وتقضي طريقة أخرى بمتابعة قمع المنظمات الإجرامية العابرة للحدود وعمليات تبييض الأموال التي تقوم على التجارة ويشارك فيها حزب الله، ويمكننا أن نبدأ بإحداث فرق حقيقي عبر هذه الجهود مُجتمعةً وسواها.

* بيل كاسيدي ومارك مالك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى