جورج قرداحي .. وكرسي الوزارة
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولية –

ليس محظوظاً جورج قرداحي بتولي حقيبة وزارة الإعلام تحديدا في بلد مثل لبنان وفي ظرف كهذا، فهي وزارة فقدت قيمتها السياسية والمؤسساتية في منظومة الدولة اللبنانية منذ أكثر من عقدين من الزمن وبصورة خاصة خلال النصف الأخير من هذا العقد الذي تآكلت فيها ملامح تلك المنظومة بل صورة وشكل الدولة اللبنانية، ففي لبنان اليوم لا رجع صدى للصوت الرسمي ابتداء من رئيس الجمهورية مرورا برئيس الحكومة والبرلمان وصولا لكل أصوات رجال الدولة والحكومة، فيما يوجد في لبنان عشرات الآلاف من الأصوات المسموعة والمؤثرة والتي يرتد وقعها مباشرة على الشارع وعلى الناس أعمالا وأفعالا وفي أغلبها ضد الدولة ومنظومتها وهذه الأصوات هي لقيادات حزبية أو شخصيات متنفذة أو شخصيات ذات صوت عال في عالم الإعلام والدعاية السياسية والأمثلة كثيرة وعديدة..

 

ورغم كل ما أشرت إليه توجد مساحة ما في عالم «الفوضى اللبناني» لشخصية مثل جورج قرداحي كإعلامي لامع وشخصية محبوبة من قبل الجمهور اللبناني بالدرجة الأولى والجمهور العربي بالدرجة الثانية ليترك بصمة مؤثرة بالصورة والصوت والمنطق المعتدل تمكنه من «سد الفراغ» الذي يتركه غياب خطاب الدولة.

 

في بلد مثل لبنان ومنذ زمن بعيد لم يعد وبكل أسف للوزير من قيمة فعلية، في الوقت الذي تعاظمت فيه قيمة زعماء الأحزاب السياسية ومساعديهم الأمنيين وتراجعت قيمة الثقافة والمثقفين والسياسيين الوطنيين أصحاب الخطاب العقلاني والفكري، وباتت ثقافة «الزعرنة السياسية»، و”التشبيح المالي والأمني» هي السائدة وبات قادة هذه الثقافة هم من يقررون ويرسمون ويعبثون وتحديدا في ظل الظروف الصحية التي يعيشها الرئيس ميشال عون الذي يواجه صعوبة في التواصل اليومي والمباشر مع الكثير من القضايا والتفاصيل المهمة في بلد يغرق في أكبر مديونية في تاريخه وتاريخ المنطقة، ويعيش أزمة حياتية ومعيشية أحالت «باريس الشرق» إلى ما يشبه «كابول او نواكشوط».

 

بسبب كل ما سبق لم أصدق للوهلة الأولى أن جورج قرداحي سيقبل بهذا المنصب والذي لن يضيف له أي شيء جديد وبكل المقاييس وعلى الأصعدة كافة، وعندما علمت بقبوله المنصب أدركت أن الرجل يريد ممارسة التحدي الأكبر في مسيرته المهنية، يريد القول أنا «جورج قرداحي» الإعلامي والمثقف أعمل في وظيفة اسمها «وزارة الإعلام اللبنانية» وسوف أكسب التحدي، هذا بتقديرى السبب الأساسي لقبوله المنصب، وفي كل الأحوال سيكون التحدي الذي اختاره جورج قرداحي أقرب «للمقامرة»، صحيح أنه مؤهل من الناحية النظرية «لسد الفراغ في الخطاب الرسمي» لحكومة تشكلت على وقع التناقضات إلا أن «الاشتباك العنيف والصراعي للخطب والمواقف السياسية المتباينة» في فضاء ملغوم مثل الفضاء اللبناني قد يُفشل أياً كان.

 

جورج قرداحي صاحب العقد السابع من العمر يخوض تحدي العمر وهذه المرة مع ذاته، أما جمهوره فهو بكل تأكيد أكثر من مليون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى