شفيق الغبرا.. رحيل جسد وبقاء الفكر* د. عادل رضا
النشرة الدولية –
هناك «نجوم» في الحياة يظلون عبر الزمن مستمرين في الوجود والتواجد حتى وإن ذهبوا «جسديا»، فالذكريات معهم «ثابتة» وأفعالهم بالواقع «مستمرة» وأفكارهم نابضة بالحياة وإن اختلفنا معهم في هذه «الفكرة» وذاك «الموقف» وتلك الأيديولوجية وحتى إن اعترضنا على مسألة «سياسية» معهم، فهم يكونون من الشخصيات التي يمكن الاختلاف معها واحترامهم في الوقت نفسه.
إن المرحوم د.شفيق الغبرا كان من هؤلاء الناس، وهو بغيابه الجسدي، فقد خسرت الكويت والأمة العربية أحد مفكريها ورجال جامعتها الكبار، فقد كان قامة علمية كبيرة في نشاطه الفكري من خلال مقالاته وكتبه ومشاركاته بالندوات والمحاضرات واللقاءات التلفزيونية والصحافية وتصديه لما يضر الوطن الكويتي بالخصوص والأمة العربية بالعموم، كيف لا وهو كان المناضل الحركي من اجل دولة فلسطين المحتلة قضية العرب الأولى بالكفاح والكلمة.
وكان الناقد السياسي الحاد من دون أن يغضب منه أحد ويتعامل مع الجميع بكل تواضع، فهو نموذج الأكاديمي المثالي، صاحب الابتسامة التي لا تفارق وجهه، وهو «الديبلوماسي» لأبعد الحدود، وأستاذ الجامعة المتميز، صاحب الإصدارات الرائعة عن الكويت وفلسطين والعروبة والكتابات المهنية، رغم اختلافنا الفكري معه ولكنه كان من الشخصيات الكويتية الوطنية والقومية العربية المهمة، التي تستطيع أن تتحاور معها في «رقي» ومن غير «شخصانية» وهذه ميزة يفتقدها الكثيرون ويتميز بها الراحل الكبير الغبرا، حيث كان معروفا بالصوت الهادئ الذي يستمع إليه الآخرون ضمن سياق واحد متصل يريد أن يقدم الفكرة، ويرغب في إيصال «المعلومة» دون اللجوء إلى الصياح وأساليب الصراخ والاستعراضات الصوتية الفارغة غير الحضارية.
خالص العزاء والمساواة لعائلة الفقيد وبالخصوص رفيقة دربه «أم يزن» د.تغريد القدسي، وهي التي عاصرت د.الغبرا بمراحل كفاحه الطويل بالسياسة والنضال، ومع مرضه كانت له السند والعون والزوجة الصالحة والرفيقة الصديقة.