النواب المدعى عليهم في انفجار مرفأ بيروت بلا حصانة لاسبوعين والقاضي يتحرك لاستجوابهم
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
السرعة التي أصدرت خلالها محكمةُ الإستئناف في بيروت قرارها بردّ طلبات المُدعى عليهم، النواب نهاد المشنوق علي حسن خليل وغازي زعيتر، لكفّ يدّ المحقّق العدلي، شكّلت انتصارًا مزودجًا للقاضي طارق البيطار، كونها أحبطت محاولات المُدعى عليهم لاستبداله من جهة، ومن جهة ثانية أتاحت له ملاحقتهم لمدّة أسبوعين، من دون قدرتهم على التمسّك بحصاناتهم النيابية، منذ لحظة تبلّغ القاضي بالقرار ولغاية التاسع عشر من الشهر الحالي. والسبب أنّه وفق أحكام الدستور، لا يمكن ملاحقة النواب خلال دورة انعقاد المجلس، إلا في حال منح الأخير الإذن بالملاحقة، وهو الأمر الذي لم يحصل. حاليًّا البرلمان ليس في عقد استثنائي، والعقد العادي الثاني يبدأ في أول ثلاثاء بعد 15 تشرين الأول، أي بعد أسبوعين، وبالتالي يمكن للقاضي البيطار ملاحقة النواب في الفترة الفاصلة عن بداية العقد العادي الثاني، بفعل سقوط الحصانات تلقائيًّا، خارج دورة انعقاد المجلس.
ماذا بعد قرار محكمة الإستئناف؟ ما هو المتاح للقاضي البيطار؟ وهل يملك المتّهمون وسائل قانونية أخرى لاستخدامها ضده؟
القرار الصادر عن محكمة الإستئناف نهائيٌّ، بمعنى أنّه غيرُ قابل للمراجعة أو الطعن به، ويعتبر نافذًا فور صدوره. بناءً عليه يمكن للقاضي أن يستأنف تحقيقاته من حيث توقّفت قبل أسبوع، وفق ما أكّد أمين عام مساعد في منظّمة لبنان للأمم المتحدة المحامي سلام عبد الصمد في اتصال مع “لبنان 24″، بالتالي يمكن للقاضي منذ لحظة تبلّغه القرار أن يستدعي من يشاء من المُدّعى عليهم، كي تأخذ العدالة مجراها، سعيًا لإحقاق العدالة التي ينتظرها الجميع. من هنا يُتوقع أن يحدّد القاضي مواعيد لاستجواب النواب الثلاثة المدعى عليهم، المشنوق وزعيتر وحسن خليل، كما يمكنه إصدار مذكّرات إحضار أو مذكّرات توقيف غيابيّة بحقّهم، في حال رفض هؤلاء المثول أمامه.
المدّعى عليهم لا يبدو أنّهم بوارد الإستسلام بعد ردّ طلباتهم، بدليل أنّ الوزير السابق يوسف فنيانوس، تقدّم بإخبار ضدّ القاضي البيطار أمام النيابة العامة التمييزيّة بتهمة “التزوير”. في حين تتّجه الأنظار إلى كيفية تصرّف النواب الثلاثة، زعيتر وحسن خليل والمشنوق، خلال المهلة الفاصلة عن عودة حصاناتهم، بالتزامن مع بدء العقد العادي لمجلس النواب، قد يلجأ هؤلاء إلى الإستمهال لتقديم الدفوع الشكلية، أو استنساخ ما فعلوه مع القاضي السلف فادي صوّان بـ “ارتيابهم المشروع”.
عبد الصمد رأى في قرار محكمة الإستئناف في بيروت “انتصارًا للعدالة وللحقيقة ولمعنويات القاضي البيطار كما أنّه انتصارٌ للقضية المركزية، قضية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، إلى جانب ردّ الإعتبار لذوي الضحايا والشهداء وللجرحى، على اعتبار أنّ طلب الرد وبالشكل الذي تقدم به المدعى عليهم غيرُ مقبول، إنّما هو كيديّ وتعسفيّ، بدليل أنّ محكمة الإستئناف، عندما قضت بردّ الطلب، ردّته بالشكل لعدم الإختصاص النوعي وغرّمت مقدّميه. يبقى أنّ القرار أثبت أنّ القضاء بخير، وطالما القضاء بخير لبنان بخير، عملًا بالمقولة المشهورة العدل أساس الملك”.
بأي حال قرار المحكمة لم ينصف القاضي البيطار فحسب، خصوصًا أنّه أتى بعد الكشف عن تهديدات بتطييره ومحاولات للإطاحة به، بل أعاد للبنانيين عمومًا ولأهالي ضحايا الرابع من آب خصوصًا الأمل بكشف المتورطين في جريمة المرفأ، وأعاد الخيط الذي كاد ينقطع بين الناس من جهة والقضاء من جهة ثانية. أبرز مؤشر على ذلك، تصدّر هاشتاغ #طارق_البيطار و #مرفأ_بيروت منصّات التواصل الإجتماعي، عقب الإعلان عن قرار محكمة الإستئناف، وما تضمّنه من تغريدات داعمة للقاضي البيطار ومشيدة بالقاضي نسيب إيليا، وحده جمهور الممانعة بدا مستاءً وراح يشير إلى تدخلات إميركية لحماية البيطار.
بأي حال، وعلى رغم أهمية قرار محكمة الإستئناف، لا زال المسار القضائي طويلًا وشائكًا، والكباش بين المدعى عليهم والقضاء لن يقف عن حدود هذه الجولة.