الوطن البديل بين الحقيقة والوهم… وبين المفهوم التقليدي والمفهوم العصري الحديث* دانييلا القرعان
النشرة الدولية –
باحثة وأكاديمية اردنية
الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين، ولا شيء غير ذلك لا في الماضي ولا اليوم ولا في المستقبل.
منذ أكثر من ثلاثة عقود ومصطلح “الوطن البديل” يجري تداوله في الأوساط الشعبية والسياسية والإعلامية بين الحين والآخر، دون أن نعي بشكل واضح ما المقصود بهذا المصطلح، وهل هو خطر حقيقي أم مجرد أوهام سياسية؟ وإذا كان خطرا حقيقيا على من يشكل الخطر الأساسي؟ وهل هنالك أوطان بديلة أخرى غير الأردن يجري البحث عنها في كواليس السياسات الدولية؟
“الوطن البديل تصفية نهائية وقتل القضية الفلسطينية ” الصراع العربي الإسرائيلي يتمركز حول محورين هامين ” الأرض والشعب” فمن جهة طموح المشروع الصهيوني في قدرته على الاستيلاء والسيطرة على الأرض الفلسطينية وتفريغ الشعب الفلسطيني منها، ومن جهة أخرى صمود وثبات الشعب الفلسطيني على أرضه وتثبيت هويته السياسية والوطنية، بمعنى في مرحلة ما بعد النكبة كان الخطر المحدق الذي يهدد الشعب والقضية هو مؤامرات الدمج والتوطين وطمس الهوية الوطنية واقتلاع الشعب الفلسطيني من جغرافية المنطقة، ومنع أي حضور سياسي له وتحويل القضية الفلسطينية الى قضية لاجئين. ومع ذلك بقيت الاستراتيجية الصهيونية تبحث عن بدائل أو مشاريع تفضي الى نفي الشعب الفلسطيني وحل قضيته دون أن تنسحب من الأراضي المحتلة، وكان من بين هذه الخيارات المطروحة مشروع الوطن البديل.
الخطر الأكبر المتمثل الآن ردة الفعل الأردنية الكبيرة وتخوفها مرة أخرى من الوطن البديل أو أي حل أمريكي إسرائيلي مستقبلا منحصر في زاوية تخوفهم من تغيير الميزان الديموغرافي بمعنى خشية أن يصبح الفلسطينيون هم الأكثرية العددية في الدولة وبالتالي يخسر الأردنيون امتيازاتهم. يتخوف الكثير من الأردنيين على مستقبلهم السياسي والاقتصادي وعلى مصالحهم ووظائفهم وهويتهم الوطنية التي أصبحت في خطر أمام المخططات الرامية لإيجاد وطن بديل للفلسطينيين في الأردن.
إن تعبير الوطن البديل ليس بالضرورة أن يعني التعبير الأصلي القديم ولم يعد الشيء نفسه دائما، قد يكون افتعال معارك وهمية في الأوساط الأردنية، ويمكن اعتباره شماعة يجري توظيفها أحيانا في صراعات وحسابات قوى داخلية، ويراد بذلك أن أي خبر صغير في الأوساط الأردنية قادر ان يتحول الى شرارة قادرة الى اشعال الهواجس، على سبيل المثال الجدال حول قانون الانتخابات الجديد الذي يراد إدخال هواجس الوطن البديل في نقاشاته، وطمس الهوية الوطنية الاصلية وجعلها هوية جامعة. لكن في جميع الأحوال سواء كانت مرتبطة بإنشاء وطن بديل أم لا نحن كأردنيين نرفض مصلح الهوية الجامعة ونعترف بالهوية الأردنية ونعترف بالدور العشائري الأردني الذي لا غنى عنه ابدا. ونرفض مصلح انصهار الهويات الفرعية من أجل الهوية الوطنية الجامعة، بل الهويات الفرعية هي أساس قيام الدولة الأردنية.
ملخص لما يجري سواء كان الحديث عن الوطن البديل بمفهومه التقليدي بوطن بديل للفلسطينيين في الاردن أو بمفهومه العصري ” طمس الهوية الوطنية لكل من الأردنيين والفلسطينيين والاستعانة عنها بالهوية الجامعة التي ربما يكون لها اهداف سياسية أخرى ستبان خلال الأيام القادمة، فإن الأردن يرفض اليوم مشروع الوطن البديل وبشكل حاسم لا يقبل التأويل وكما جاء على لسان سيدنا شخصيا، وإننا كشعب أردني بجميع أطيافه وأحزابه والمعارضين والقوى والفعاليات الشعبية التي لها انتماء حقيقي للأردن نرفض مصطلح ما يسمى الهوية الجامعة وصهر الهويات الفرعية الأردنية ونعترف بالهوية الأردنية الحقيقية، كما ونرفض في جميع الاشكال مصطلح الوطن البديل؛ لأن الشعب الفلسطيني أحق بأرضه الحقيقية وموروثه الديني والثقافي والتاريخي، والأحق بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف على التراب الفلسطيني.