فلسطين.. ودروس الحرب العالمية الثانية

النشرة الدولية –

تعرضت العديد من الطائرات المقاتلة البريطانية لإصابات برصاص المدافع الألمانية المضادة للطائرات خلال الحرب العالمية الثانية.. لذلك قرر سلاح الجو البريطاني إضافة بعض الدروع الحديدية الواقية لها، ولكن هذا سيزيد من أوزانها وقدرتها على المناورة، فطُلب من علماء رياضيات ومهندسين المشاركة في دراسة لمعرفة أين يمكن وضع دروع الحماية.

ومن تحليل الإصابات تبين أن الطائرات التي عادت سالمة تلقت ما متوسطه رصاصتين في القدم المربعة بالقرب من ذيل الطائرات، بينما تلقت رصاصة واحدة تقريباً في القدم المربعة الأقرب للمحرك.

وبالتالي كان من المنطقي إضافة التسليح لذيل الطائرات بسبب تعرضها لطلقات أكثر. ولكن عالم رياضيات يُدعى أبراهام والد قال عكس ذلك؛ وإن الحاجة تتطلب حماية أجزاء الطائرة التي لم تتعرض للرصاص، أي حول المحركات. فالطائرات التي أصيبت في محركاتها لم تعد لقواعدها على الاطلاق! وضرب مثالاً على ذلك وضع المصابين في ميادين القتال، فعدد من أصيبوا بأرجلهم أو أكتافهم بطلقات رصاص أكثر من الذين تلقوها في صدورهم، وهذا يعني أن الأخيرين ماتوا. ووردت هذه القصص التاريخية في كتاب «كيف لا تكون على خطأ» How Not to Be Wrong لجوردان ألنبيرج.

لو نظرنا للصراع العربي- الإسرائيلي لوجدنا أن «المقاومة» اتبعت تقريباً، وخلال أكثر من سبعين عاماً، الاستراتيجيات نفسها والخطط نفسها في صراعها مع إسرائيل، وارتكبت القيادات و«المنظمات» الأخطاء نفسها المرة تلو الأخرى. فمنذ البداية وقفت مع الجانب الخاطئ، وراهنت على هتلر، فقط لأنه يكره اليهود، وليس لأنه الأكثر فائدة للقضية! فهتلر، كما ورد في كتاب للكاتب الفلسطيني ناصر النشاشيبي (1920 – 2013)، كان يحتقر العرب، ووضعهم، ضمن تصنيفه العرقي، في الدرك الرابع عشر، قبل اليهود وأصحاب البشرة السوداء!

واستمرت رهانات الزعماء الفلسطينيين الخاسرة طوال عقود، وكان آخرها وقوفهم يوم غزو الكويت إلى جانب الطاغية صدام حسين، ضد الشعب الكويتي الذي كان الأكثر بذلاً وإخلاصاً للقضية منذ يومها الأول!

كما وضعوا قضيتهم بأيدي «أشقائهم» المختلفين في، وعلى، كل شيء، فانعكست خلافاتهم على قضيتهم، ولم يتعلموا من هذا الدرس شيئاً، فما زالوا يراهنون عليهم.

كما راهن جانب كبير منهم على «الإخوان المسلمين»، واستمروا في ذلك الرهان بالرغم من كل الضرر الذي أصابهم، لأنهم وضعوا الولاء لأصحاب المعتقد الديني قبل الولاء لأصحاب العقيدة الوطنية. أما رهانهم على إيران، فحدث ولا حرج.

كما استمروا في التعلق بأحلام التحرير الكامل، وأوهام الخطب المدغدغة للمشاعر، وما أكثر من يعتقدون بقرب زوال إسرائيل وقرب عودة الحق بمجرد قراءة مقال لكاتب إسرائيلي يتنبأ فيه بذلك الزوال، أو سماع تصريح شخصية غربية يقول الشيء نفسه، غير مدركين أن كل هذه الأقوال والتصريحات لن تغير شيئاً على أرض الواقع، ولن يتقدم حل القضية شبراً ما لم نتناسَ ونتصالح ونجلس وندرس أخطاء قرن كامل، دفع الشعب الفلسطيني خلالها ثمناً باهظاً، وأضاعت قياداته كل الفرص الممكنة.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى