الدبلوماسية دون الوطنية… طريقة مبتكرة للتواصل مع كوريا الشمالية!
بقلم: ذي دبلومات
النشرة الدولية –
استكشف وزير الخارجية الكوري الجنوبي تشونغ إيوي يونغ ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن طرقاً “مبتكرة” للتواصل مع كوريا الشمالية على هامش جلسة الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، تُعتبر الدبلوماسية دون الوطنية مقاربة مبتكرة تستطيع الولايات المتحدة استعمالها للتواصل مع بيونغ يانغ، نظراً إلى تاريخ المبادرات بين الدولة الأميركية والمسؤولين المحليين وكوريا الشمالية على مر عقود طويلة.
تقدّم الدبلوماسية دون الوطنية فرصاً للمدن والولايات كي تُحسّن روابطها الثقافية والاقتصادية والسياسية مع نظيراتها ومع الحكومات الوطنية في الخارج، لكن العقوبات وقيود السفر المفروضة تطرح راهناً تحديات كبرى وقد تعوق نجاح هذا النوع من التواصل مع كوريا الشمالية، لذا يجب أن تتواصل الحكومة الوطنية مع الكيانات المحلية المستعدة لهذه المبادرة في أسرع وقت، فقد تضمن هذه الخطوة أيضاً أن يرتكز التواصل دون الوطني على مبادئ محددة ويعطي نتائج مثمرة، تزامناً مع تخفيف أي مخاطر سياسية أو قانونية أو أمنية.
لن يكون التواصل دون الوطني بحد ذاته حلاً للتحديات القائمة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، لكن سبق أن حققت زيارة مسؤول محلي خرقاً معيناً في مسائل محددة مع بلدٍ يفتقر إلى أي علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، فمنذ أكثر من عشر سنوات، قبل أن تُجدّد إدارة أوباما العلاقات الدبلوماسية الرسمية، أصبح حاكم ولاية إلينوي، جورج راين، أول حاكم أميركي يزور كوبا منذ الثورة الكوبية، وسرعان ما مهّدت تلك الزيارة لفتح مكتب لصحيفة “شيكاغو تريبيون” في هافانا وبدء وصول الصادرات الزراعية والإنسانية من الولايات المتحدة. سيكون التواصل المبني على مبادئ واضحة، وتحديداً بين القادة السياسيين، أساسياً للتعمق في فهم الدول التي لم يزرها إلا عدد صغير من الأميركيين، فقد زار عشرات الأعضاء والموظفين في الكونغرس كوريا الشمالية مثلاً، لكن يقتصر عدد الأعضاء الذين سافروا إلى ذلك البلد في الكونغرس الراهن على اثنين، وحين أقسم أعضاء هذا الكونغرس اليمين، كان عمدة بلدة “هومير” في إيلينوي قد قصد كوريا الشمالية أكثر من جميع أعضاء الكونغرس مجتمعين، فهذا الوضع ليس مؤشراً إيجابياً بالنسبة إلى سياسة واشنطن واستراتيجيتها تجاه كوريا الشمالية.
في عام 2019، اقترح عضو مجلس مدينة نيويورك، جو بوريلي، تسمية الشارع الواقع أمام بعثة كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة “طريق أوتو وارمبير” تكريماً للسائح الأميركي الذي احتُجِز في كوريا الشمالية بتهمة سرقة ملصق ومات قبل أيام من عودته إلى الولايات المتحدة وهو في حالة غيبوبة. وبعد وفاة وارمبير، أقرّ عضو مجلس مدينة شيكاغو، إدوارد بيرك، قراراً لمنع أي رحلات جوية تتجه إلى كوريا الشمالية من الوصول إلى مطار “أوهير” الدولي في شيكاغو، فضلاً عن وقف الأموال التي يتم إيداعها أو استثمارها عبر المؤسسات المالية التي تقوم بصفقات مع كوريا الشمالية في المدينة.
سبق أن بدأ المسؤولون المحليون في المناطق يتخذون خطوات معينة للتواصل مع كوريا الشمالية ومواجهتها في آن، ولهذا السبب، يُفترض أن تنشأ قناة رسمية للاستفادة من الخبرات المحلية، بما يشبه “مكتب الدبلوماسية دون الوطنية” في وزارة الخارجية الأميركية مثلاً، كي يطّلع المسؤولون الوطنيون على أي مبادرات دبلوماسية دون وطنية ويحرصوا على ألا تُضعِف تلك الجهود الدبلوماسية التقليدية، ومن المتوقع أن تُشجّع هذه المقاربة المسؤولين الوطنيين ودون الوطنيين على عدم توجيه رسائل مختلطة خلال رحلاتهم الخارجية.
تقدّم الدبلوماسية دون الوطنية إذاً فرصة ثابتة، ولو أنها لا تزال غير مستغلة، كي يتواصل المسؤولون الأميركيون مع بيونغ يانغ بطريقة مبتكرة، فإذا أبدت إدارة بايدن استعدادها لإزالة الحواجز التي تعوق هذا النوع من التواصل، قد يتمكن المسؤولون في المدن والولايات من تحقيق الإنجازات، وترسيخ التفاهم المتبادل، وبناء روابط لا غنى عنها بين الشعبَين الأميركي والكوري الشمالي.
* مات أبوت