اللي بالجدر يطلعه الملاس
بقلم: حسن العيسى
النشرة الدولية –
تهنا وقرفنا مع معارك الشتم بين مجموعة النواب المطالبين بالعفو عن المهجرين وبعض المحكوم عليهم بقضايا الرأي، اتهامات للنائب عبيد الوسمي بأنه أصبح خاتماً بيد السلطة، واتهامات أشد قسوة تصوره على أنه حصان طروادة، وأنه لم يكن يوماً صاحب قضية، وأنه صنيعة السلطة منذ البداية! سبحان الله مغير الأحوال، مضت بضعة أيام على دخوله مجموعة المفاوضين مع الحكم، وإزاء صمته انهالت عليه تهم الخيانة، وهو بالأمس القريب كان أحد أفضل الرموز السياسية المتحدثين عن المعارضة، هل هكذا تتغير الأمزجة السياسية بتلك السرعة؟ “ويا الله تزيد النعمة” على هذه السياسة العاطفية.
من ناحية أخرى، صاحب السمو الأمير فوض رؤساء المؤسسات الثلاث ـ التشريعية والتنفيذية والقضائية – لوضع ضوابط العفو، لكن هناك من يقول إنه في النهاية ستكون تلك الضوابط تحكمية خاضعة للبعض الذين يريدون تصفية المعارضة تماماً، ولن تكون هناك قواعد موضوعية تحكمها، المقصود هنا تحديداً رئيس المجلس النيابي ورئيس مجلس الوزراء! لماذا هذه السرعة بإصدار الأحكام على المفوضين دون انتظار ما قد ينتهون إليه؟ وما إذا كانت هناك نية صادقة لتحقيق العفو أم لا؟
لماذا لا ننتظر ما قد ينتهي إليه الرؤساء الثلاثة؟ وعندها يمكن الحكم على نتائج الأمور، شريطة أن تحدد المدة التي يمكن أن تصدر بها قرارات العفو ومن تشمل ومن تستثني وأسباب الاستثناء، وهل كان الحياد القانوني المجرد هو سيد الموقف في قرارات العفو أم المزاج الفردي؟
القضية الأساسية التي يجب الإيمان بها والعمل من أجلها هي قضية الحريات والقوانين السيئة، التي شرعت جرائم الرأي حسب مدونات الاستبداد، وكانت – كما كررنا – هي مسؤولية السلطتين التشريعية والتنفيذية، أو بلغة أدق هي مسؤولية انفراد سلطة الحكم بالقرار السياسي منذ البداية، ولم يكن المجلس النيابي منذ بداياته، وحسب دستور الدولة الذي طالما تفاخرنا به، غير “ترقيع شكلي للدولة الدستورية” وتحصيل حاصل، فالسلطة المشيخية كانت ومازالت واحدة لم تتغير.
لنكف عن توجيه الاتهامات “حالياً” لعبيد الوسمي أو غيره، حتى تتضح الأمور، فقد يكون بها الكثير من الظلم المؤلم للدكتور عبيد، وطبيعي نتحفظ عن دعوته للابتسام، فنحن بدولة ديموقراطية… وآخر الكلام، يقول المثل “اللي بالجدر يطلعه الملاس”.