الديانة والثقافة والأخلاق والماء
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

يؤدي الغالبية شعائرهم الدينية غالباً من دون كبير اكتراث بما حولهم وبمتطلبات البيئة والمحافظة على الثروات الطبيعية، وغيرها من تعقيدات العصر الحديث، ولا يلامون على ذلك، لاعتقاد السواد الأعظم أن المهم هو أداء الشعائر والفرائض، وغير ذلك لا يعني الكثير.

فالناس، بمن فيهم المسلمون، وفي أية بقعة كانوا هم في الحقيقة أبناء بيئتهم. والبيئة في الإسلام المبكر كانت بسيطة، حيث لا حركة مرور ولا تلوث هواء ولا ضوضاء، ولا جبال قمامة، ولا شيء من أمراض العصر أو الظواهر المصاحبة للتقدم الصناعي مثلاً، وبالتالي لم تلق قضايا البيئة كبير اهتمام في دولنا!

قمت قبل أسبوعين تقريباً بالاتصال بأحد مسؤولي أمانة الوقف، الجهة التي تحتفظ بأموال طائلة مخصصة للأعمال الخيرية، وقلت له ما معناه إن العالم ربما سئم من تكرار موضوعات ومجالات الصرف على الأعمال الخيرية، وحصرها في حفر آبار وتوظيف الدعاة، وطباعة كتب، وربما حان الوقت للخروج من هذه الشرنقة، فكل المليارات التي صرفت، على غير التعليم العصري، مثلاً، ذهبت هباء ولا يزال من صرفت عليهم الملايين على سابق جهلهم وتخلفهم ومرضهم!

وقلت له إن من الضروري الخروج إلى مجالات خير أرحب وأكثر منفعة، كالاهتمام بالبيئة. فكميات المياه التي تهدر مثلاً في آلاف المساجد والمدارس والمصالح الحكومية، أمر لا يمكن السكوت عنه. وكيف أن بالإمكان توفير أكثر من %70 من هدر المياه في هذه الأماكن من خلال تركيب حنفيات تعمل بالاستشعار، وهو مشروع لن يكلف الكثير مقارنة بفوائده العظيمة.

والحقيقة أن تجاوب المسؤول كان جميلاً، ونكتب لنذكّره بوعده الطيب.

بسبب تدني سعر مياه الشرب، فإن الكويت هي الأعلى خليجياً في استهلاك الفرد، حيث يبلغ 440 ليتراً.. في اليوم!!

فهل يستطيع أي «مؤمن عاقل» تصوّر هذا الرقم المخيف، ومدى خطورته على دخل الدولة وعلى البيئة؟

فالمياه يتم تكريرها من البحر، وعملية التكرير تحتاج ملايين الأطنان من النفط، وتنتج عن التكرير ملوثات عالية السمية بحراً وجواً، وكل تقليل في الاستهلاك يؤثر إيجاباً في المال العام وصحة المواطن، فهل يعي أو يفهم أو يود أن يفهم من يضع المناهج أو من يدير المدارس والمساجد والأماكن العامة هذه الحقائق ويتمعن في هذه الأرقام.. أشك في ذلك كثيراً؟

يتكلف إنتاج 1000 جالون من الماء بين 8 إلى 9 دنانير، ويباع للأفراد بـ800 فلس، ولصاحب الصهريج بـ500 فلس فقط!!

كما أن نسبة كبيرة من المياه المكررة تسرق، أو تتسرب في الأرض، وليس هناك كثير اهتمام بمعالجة هذا الهدر الرهيب، فالخير «واجد»!

وبمبادرة شخصية للتقليل من استهلاك المياه في البيت والمكتب، قمت بتركيب حنفيات تعمل بالاستشعار. كما قمت بوضع ما وزنه كيلوغرام من البحص داخل حاويات الماء في كل دورة مياه، لتقليل الهدر. وأتوقع أن الوفر، بعد سنة فقط، ومن بيت واحد، سيقارب العشرين ألف ليتر!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى