أريج حمَادَة حولت المحاماة إلى شغف ونجاحات: المرأة الكويتيّة ستدخل عصراً ذهبياً جديداً في عهد الأمير الشيخ نواف الأحمد الصباح
النشرة الدولية –
النهار العربي – روزي الخوري –
محامية كويتية لامعة، الأستاذة أريج حمادَة لم تمارس مهنة المحاماة فقط، بل حوّلت مهنتها إلى شغف وسلسلة نجاحات، في مسعى دائم إلى إحداث التغيير والبصمة التاريخية في مجال القانون والمحاماة. إنجازات عديدة سطّرتها على صعيد القانون والاستثمارات والمرأة يصعب تعدادها، لكن قاسمها المشترك المثابرة والصمود وإزالة كل العوائق بكل عزم، حاصدة أوسمة وتقديرات عدة.
وقد خصّت “النهار العربي” بحديث عن تجربتها الغنيّة في المجالات كافة.
• حائزة وسام الشرف من المنظمة الدولية للمشروعات الصغيرة باعتبارك شخصية نسائية ملهمة. بماذا ألهمت المرأة الكويتية؟
– أنا سعيدة جداً بهذا التكريم الذي حصلت عليه من منظمة دولية عريقة تقودها مجموعة رائعة ومحترفون من رواد الأعمال، وكان ذلك في يوم المرأة حيث عقد مهرجان سينمائي لرائدات الأعمال من مختلف دول العالم، وقد شاركت في هذا المهرجان في فيلم قصير، شرحت فيه مسيرتي والتحديات التي واجهتني وكيف تغلبت عليها.
أما في ما يتعلق بالإلهام، فيا للأسف انشرت في السنوات السابقة ظاهرة سلبية، هي أن المواطن الكويتي – وليست المرأة فقط – لا يستطيع تحقيق النجاح وطموحاته إلا بالواسطة، فالترضيات السياسية ساهمت كثيراً في إقصاء الكفاءات الوطنية وإحباطها، فكان الدعم يقدم لمن لا يستحق، وللمحسوب على فئة معينة أو بالواسطة، ما عزز ثقافة الكسل. فالموظف الكويتي ظهر غير قادر على الإنجاز والعمل بحجة اعتماده على الغير، وكل ذلك بسبب الواسطات والترضيات السياسية، كما أن مهنة المحاماة ذكورية، ومجتمعنا لا يثق بالمرأة القانونية إلا في المنازعات الأسرية. بالنسبة الى الحمد الله، أسست مكتبي الخاص في نهاية عام 2017 بجهد شخصي من الناحية العملية والمهنية وبدعم عائلتي فقط، وكان ذلك بعدما اكتسبت خبرة عملية 25 سنة منها 13 سنة محامية للبنك الأهلي المتحد، وقد أسسته مع صفر من الموكلين، وأعتبر ذلك مغامرة لأنني قررت ان أكسر السقف الزجاجي في مهنة المحاماة، فانا أعتبر أول محامية في الكويت تؤسس مكتب محاماة متخصصاً بالمنازعات التجارية والمدنية.
وعينت لاحقاً نائبة رئيس لجنة الاستثمارات الدولية بمنظمة المحامين التجاريين لقارة آسيا ومقرها اليابان، بعد عملي معهم مدة سنتين، وتم ترشيحي للمشاركة بفريق العمل للجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية (الأونيسترال) 4 مرات لصياغة قانون إنشاء محكمة الاستثمار الدولية وقانون المشروعات الصغيرة، وأنا أول محامية خليجية تشارك في هذه الاجتماعات ممثلة عن منظمة دولية، وبصفتي مراقبة لأعمال الحكومات.
وبجهد شخصي، اعتُمِدت بالتصنيفات الدولية باعتباري محامية بارزة بالأعمال التجارية لعام 2020/2021، وإدراج اسمي بقائمة أفضل المحامين التجاريين في العالم، وذلك وفقاً لإحصائية مجلة IFLR1000، وهي أحد أنشطة شركة يوروموني العريقة.
كما تم اختياري للمشاركة كمتحدثة في أهم المؤتمرات الدولية الخاصة بالمحامين في دول عدة.
• ناشطة في حقوق المرأة وفي التواصل الاجتماعي، إلى أي دعم برأيك المرأة الكويتية بحاجة اليوم؟
– المرأة الكويتية رائدة، واستطاعت أن تحقق النجاح على المستوى المحلي والخليجي والعربي والدولي في مجالات عدة، وقد تقلدت مناصب مهمة واستطاعت إثبات وجودها ونجحت في هذه المناصب، ولكن لا بد من إتاحة الفرص لها بالتساوي مع الرجل في مختلف المجالات.
وحالياً في عصر سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الصباح، أشعر بتفاؤل بأن المرأة الكويتية ستدخل عصراً ذهبياً جديداً، إذ تم اختيار العديد من الشخصيات النسائية المشهود لها بالكفاءة لتقلد مناصب حكومية.
• هل القانون الكويتي ينصف المرأة؟ وهل هي حاصلة على حقوقها كاملة؟
– الدستور الكويتي أنصف المرأة طبقاً للمادة 29 التي تنص على أن “الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين”.
إلا أنني لا أستطيع أن أنفي أن بعض النصوص القانونية بحاجة الى تعديل، لأنها تعزز العنف ضد المرأة، ونسعى أنا والكثير من الناشطات الى المطالبة بإلغائها وتعديلها، كما أن هناك العديد من الحقوق المدنية المنقوصة للمرأة، ونتمنى في المستقبل تعديل هذا الوضع.
• مقارنة بالقوانين المعمول بها في الدول العربية، أين تصنفين دولة الكويت قانوناً؟
– حتى أستطيع الإجابة عن هذا السؤال يجب أن أكون مطلعة على جميع القوانين العربية، ولكن أود أن تكون إجابتي مقتصرة فقط على القوانين الكويتية خاصة. إن طريقة صياغة القوانين في الكويت تتم وفقاً للمدرسة القديمة، وكذلك استخدام طريقة النسخ من قوانين دول أخرى، وهذا أمر غير صحيح لأن كل بيئة لها ظروفها الخاصة، وما يصلح في بلد قد لا يصلح في بلد آخر، كما أننا دولة تجارية، والعمل التجاري في الكويت متطور جداً فيما يتم تشريع القوانين بطريقة قديمة ولا تجاري هذا التطور السريع في العمل التجاري، وهو ما سبب إعاقة العمل التجاري في كثير من الأوقات.
• استطعت الحصول على خمس سوابق قضائية وتمكنت من إصدار أحكام قضائية جديدة تصدر للمرّة الأولى في محاكم الكويت. ما هي هذه الأحكام وماذا تمثّل لدولة الكويت؟
– السابقة القضائية هي حكم تصدره محكمة لأول مرة في قضية، فيؤسس قاعدة قانونية تأخذ بها المحاكم الأخرى، المساوية لها والأدنى منها درجة والواقعة في نطاق اختصاصها للحكم، في قضايا مشابهة للقضية الأولى، ويكون ذلك باجتهاد القضاء في القضية في حالة عدم وجود مادة قانونية تنظم هذا الوضع، فيصدر القاضي حكمه بناءً على اجتهاده الخاص بعد سماع مرافعة المحامي ودفاعه.
والسوابق القضائية لها أثر إيجابي على الدولة، إذ إنها تسد الثغرات القانونية وتساعد على تحقيق العدالة في الأمور التي لم ينظمها القانون، كما يستند اليها سائر المحامين في القضايا المشابهة، ووجود السوابق القضائية يساعد على تطوير العمل القانوني، لأن تشريع القوانين يحتاج الى وقت طويل جداً، وهذه النقاط يكون لها أثر إيجابي على دولة الكويت، لأن تحقيق العدالة حتى في حالة غياب التنظيم القانوني لبعض المواقف يعزز الاستقرار والراحة النفسية والاطمئنان لدى الأفراد والمجتمع.
وتحقيق السوابق القضائية هو حلم كل محام ومحامية، ويتم ذلك عبر تقديم دفاع بأفكار خارج الصندوق، وبتطوير مهارة التحليل والاستنتاج ليكون للمحامي دفاع خاص وجديد فيحصل على حكم جديد يصدر لأول مرة.
• عام 2021 أسّست شركة شنغهاي الكويت للاستثمارات، ما العلاقة بين القانون والاستثمار وأي إضافة حقّقت فيها؟
– فكرة تأسيس شركة شنغهاي الكويت هدفها تجربة الأسواق الاستثمارية الجديدة. فالسوق الصينية ضخمة، ولأول مرة في تاريخ الصين تفتح أبوابها للمستثمر الأجنبي، حيث تم تشريع قانون الاستثمار الأجنبي حديثاً لمميزات كبيرة لجذب المستثمرين والأجانب، ولكن الى الآن لم أبدأ العمل بها، فقد انتهيت من إجراءات تأسيسها في شهر أغسطس 2021، وأنا في انتظار الفيزا للتوجه الى الصين ومباشرة عمل شركتي هناك، وأتمنى التوفيق في هذه الخطوة الجديدة، ونشاط الشركة هو أن أكون حلقة وصل بين المستثمرين في الشرق الأوسط والصين، أقدم الاستشارات الاقتصادية كدراسات الجدوى وتأسيس الشركات وإعداد العقود ومراجعتها والتحكيم والضريبة التجارية واستشارات الشحن في السوق الصينية.
• مناصب عديدة توليتها، أي منصب أرضى طموحك وحقق لك ما تصبين اليه؟
– لم أتولّ مناصب عديدة، فقط توليت منصباً دولياً واحداً بتعييني نائبة رئيس لجنة الاستثمارات الدولية في منظمة المحامين التجاريين لقارة آسيا، ومقرها اليابان، وهو عمل تطوعي.
أما بالنسبة الى إرضاء طموحي فلا سقف له، فأنا أسعى الى إحداث التغيير، وأن تكون لي بصمة تاريخية في مجال القانون والمحاماة.
• مواقفك وانتقاداتك السياسية اللاذعة أحياناً يقول البعض إنّ الغرض منها الوصول الى منصب معيّن، كيف ترديّن وهل من منصب تطمحين للوصول اليه؟
– أود أن أوضح بداية أنني نشأت في بيئة بعيدة من السياسة، ولم يكن لي أي اهتمام بالجانب السياسي ولم أكن متابعة الحوادث السياسية، ولكن دخولي عالم “تويتر” جعلني أتابع الحوادث السياسية وأتفاعل معها بالتعليقات. وحين بدأ صوتي يكون مؤثراً في المجتمع الكويتي كامراه أطرح رأياً سياسياً مستقلاً لا أتبع أي تكتل سياسي، شنوا علي حملة تنمر وتشويه سمعة قاسية جداً مدتها خمس سنوات، بدأت عام 2014 وانتهت عام 2018 لغرض إضعاف صوتي وإقناع الناس بسوء نياتي، لكي لا يسمع رأيين، ولكن الحمد لله استطعت التغلب على هذه الحملة بثقتي بالله وبنفسي ودعم عائلتي لي وإيماني بأنه لن يصح إلا الصحيح، وأنها مجرد مسألة وقت وسيتضح للجميع كذب كل ما يقال، وهذا ما حدث فعلاً.
أما الحصول على المناصب في الكويت فأراه سهلاً جداً، ولو كنت فعلاً أخطط للحصول على منصب، فأنا على يقين أنني كنت حصلت عليه بلمح البصر، إلا أنني ذات طموح مهني وعاشقة لمهنة المحاماة، وأحب الانطلاق في العمل بدون أي تقييد، فالمنصب يقيّد الإنسان ويحرمه الانطلاق، لذلك طموحي هو تحقيق النجاح في مجال القانون والمحاماة، ولا أرى نفسي في المناصب الحكومية المقيدة، ولكني في خدمة الكويت في أي مكان.
• إذا تسلّمت أيّ منصب سياسي، ما الأولويات التي ستعملين عليها؟
– يصعب تحديد الأولويات إن لم يتم تحديد المنصب، لأن كل منصب له أولويات خاصة به.
• ماذا تقولين للمرأة الكويتية؟
– أقول للمرأة توقعي العقبات ولكن لا تسمحي لها بمنعك من التقدم، وبادري بالعمل ولا تنتظري المقابل، فالشمس لا تنتظر استيقاظك لتمنحك النور. تذكري دائماً أنه من الدوافع المهمة التي تساعد على الثبات والاستمرارية تحفيز الذات والاحتفال بالإنجاز حتى لو كان إنجازاً بسيطاً والإيمان بالله والثقة بالنفس.