لبنان بين قرداحي واليسا .. !
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولية –

السجال الحاصل هذه الأيام بسبب تصريحات جورج قرداحي بشأن اليمن والتي أثارت كل هذا الضجيج في العالم العربي وعصفت بالعلاقات اللبنانية – الخليجية تطارده اسئلة كثيرة تتعلق بتوقيت إحياء مقابلة قرداحي في برنامج «برلمان الشباب» الذي يبث على «اليوتيوب» والتي تم تسجيلها في الخامس من اغسطس الماضي والذي تحدث فيها عن الحرب باليمن، السؤال كيف ولماذا جرى الانتباه لها قبل أيام فقط؟! علما أن جورج قرداحي أصبح وزيرا للإعلام بحكومة نجيب ميقاتي منذ اثنين وثلاثين يوما.

أما اللافت الآخر في هذه الزوبعة أن قرداحي له مواقف مؤيدة ومعلنة للرئيس بشار الأسد ولإيران وحزب الله منذ سنوات طويلة ومعروف أنه محسوب سياسيا على حزب «المردة» بزعامة سليمان فرنجية المقرب من دمشق، فلماذا الآن تثار هذه الزوبعة ولمصلحة من؟

لبنان هو بلد مسيس من رأسه حتى أخمص قدميه، وتاريخيا كان ساحة للصراعات الدولية والإقليمية ولم يستقر وهنا أقصد استقرارا نسبيا إلا خلال الحقبة «الحريرية» التي نجح خلالها رفيق الحريري في توفير مظلة حماية ورعاية دولية وإقليمية تشاركت فيها الولايات المتحدة الأميركية مع فرنسا وإقليميا السعودية مع سوريا وبقيت هذه المظلة صامدة إلى أن تم اغتيال رفيق الحريري عام 2005، عندها دخل لبنان حالة التناحر الداخلي بدرجة عالية من الحدة والعنف أفقدته كافة مزاياه التي كانت موجودة في زمن «الحريرية السياسية» من استقرار مالي وانتعاش اقتصادي واستقرار سياسي–مجتمعي وانفتاح على العالم..

ما يمر به لبنان في الظرف الراهن أخطر بكثير من الحرب الأهلية (1975 – 1990)، فرغم ضراوة الحرب وبشاعتها وفظائعها وقتذاك لم يشعر اللبناني بالجوع والقهر الذي يعيشه الآن، فلبنان بات مصنفا في نظر العالم بأنه «دولة فاشلة»، في رصيده مديونية هي من أعلى المديونيات في العالم، وفيه غياب شبه تام للأمن الغذائي والأمن الصحي، ويساهم وجود السلاح غير الشرعي بيد حزب الله في استمرار اختطاف ما تبقى من الدولة اللبنانية وأجهزتها.

في ظل هذه الحالة المحتقنة وضعف المرجعيات السياسية وتعدد الأزمات من معيشية إلى سياسية إلى أمنية إلى صحية، سيكون الأثر الأكبر «لزوبعة قرداحي» ليس في الخارج بل في الداخل اللبناني حيث ستعمل وبكل أسف هذه الزوبعة على تعميق الأزمة المركبة والمتعددة الأوجه التي يعيشها هذا البلد منذ أكثر من خمسة عشر عاما وربما تكون تغريدات الفنانة «اليسا» التي هاجمت بها جورج قرداحي هي البداية حيث علقت على تصريحاته قائلة إنها «لا تمثل لبنان ولا سياسته ولا انتماءه ولا خطّه»، ودعت قرداحي إلى ترك البلاد والذهاب إلى من يواليهم تقصد الحوثيين.

التفاعل اللبناني الداخلي مع زوبعة قرداحي بدأ مع الفنانة اليسا المعروفة بميولها السياسية لحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وأعتقد أنه لن ينتهي عندها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى