صحيفة “ذا دايلي ستار” اللبنانية تغلق أبوابها نهائيا وتسرح جميع موظفيها جراء إفلاسها
أعلنت صحيفة “ذا دايلي ستار” اللبنانية التي تصدر بالإنجليزية إغلاق أبوابها نهائيا، بعد أزمة مالية دامت لسنوات، وأبلغت موظّفيها الإثنين بالقرار برسالة عبر البريد الإلكتروني.
وقال الصحافي تيمور أزهري عبر حسابه على تويتر إن جميع الموظّفين تمّ تسريحهم من عملهم عبر رسالة من الإدارة وصلتهم عبر البريد الإلكتروني.
وأفاد أزهري أن “للكثير من الموظفين أكثر من راتب شهري في ذمّة الإدارة، عدا عن تعويضات تسريحهم من العمل التي باتت الآن واجبة على إدارة الصحيفة التي تصدر باللغة الإنجليزية”.
وقال رئيس تحرير الصحيفة نديم لادقي في رسالة وصلت عبر البريد الإلكتروني “إلى فريق العمل: بقلب حزين، يؤسفني إبلاغكم أنّه تمّ تسريح جميع موظفي الصحيفة اعتبارا من الحادي والثلاثين من أكتوبر 2021”.
وذكرت مصادر أن الأسباب التي دفعت الصحيفة إلى الإقفال هي “أسباب مالية” وسط الأزمات التي تضرب لبنان، وأن الإقفال “نهائي”.
وأكن نقابة المحررين بأن قرار “ذا دايلي ستار” يعبّر عن أزمة الصحافة اللبنانية المستمرة من دون تدخل المعنيين لإيقاف التدهور
وتأسست “ذا دايلي ستار” الصادرة باللغة الإنجليزية سنة 1952 على يد الصحافي كامل مروة والذي أسس في تلك المرحلة أيضاً صحيفة الحياة، وكان من أهداف “ذا دايلي ستار” الوحيدة الناطقة بالإنجليزية في لبنان آنذاك الوصول إلى المغتربين والقرّاء غير العرب.
وتوقفت الصحيفة عن الصدور مرّتين في تاريخها، كانت الأولى خلال الحرب الأهلية لتعود من جديد في مرحلة الإعمار في العام 1996. والمرة الثانية في العام 2009 حيث أغلقت الصّحيفة مؤقتا بسبب الأزمات المالية.
ولسنوات كانت “ذا دايلي ستار” منصّة انطلاق للعديد من الصحافيين اللبنانيين والأجانب، ولكن في السنوات الأخيرة عانت كسائر المؤسسات الإعلامية من أزمات مالية وكانت تتأخّر في دفع رواتب موظفيها.
وفي العام الماضي أوقفت الصحيفة الطبعة الورقية، وقالت في بيان نشرته على موقعها الرسمي إنها علّقت النسخة المطبوعة مؤقتا بسبب التحديات المالية التي تواجه الصحافة اللبنانية والتي تفاقمت مع تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.
وقالت الصحيفة إن موقعها الإلكتروني ومنصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي مستمرة في أداء عملها. لكنها منذ الثالث عشر من أكتوبر توقّفت عن تحديث صفحتها على الإنترنت. وشهد شهر ديسمبر الماضي عدة استقالات من الصحيفة احتجاجاً على عدم دفع الرواتب المتأخرة للعاملين فيها.
وتعود ملكية الصحيفة بشكل غير مباشر لعائلة الحريري بحسب ما ورد على الموقع الإلكتروني لمنظمة “ميديا وونرشيب مونيتور ليبانون” التابعة لمنظمة مراسلون بلا حدود ومؤسسة سمير قصير.
ففي عام 2010 اشترتها مجموعة من رجال الأعمال المقرّبين من عائلة الحريري. وتملك عائلة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري كافة أسهم الصحيفة، بينما يملك ابن كامل مروة مالك مروة ورئيس التحرير نديم لادقي 0.007 في المئة من الأسهم لكل منهما، وفق مؤسسة “سكايز” للحرية الإعلامية.
ورأت نقابة المحررين أن قرار “ذا دايلي ستار” يعبّر عن أزمة الصحافة اللبنانية المستمرة “من دون تدخل المعنيين لإيقاف التدهور”، مشيرة إلى أن “ما يهمها بالدرجة الأولى حقوق العاملين في الصحيفة”. ويسعى صحافيون لإنشاء كيان بديل لهم عن نقابتي الصحافة والمحررين بسبب اعتراضهم على أدائهما تجاه المهنة والعاملين فيها.
ومنذ عامين يعاني اللبنانيون من أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية وانهيار قدرتهم الشرائية.
وانعكست هذه الأوضاع على الصحافة اللبنانية بكافة أنواعها وباتت أمام ضائقة مادية ذات أسباب متعددة، منها تراجع سوق الإعلانات وانخفاض التمويل السياسي والتباطؤ في مواكبة تطور الإعلام.
فقد توقفت عن البث إذاعة “راديو وان” الناطقة بالإنجليزية بعد 37 عاما على تأسيسها خلال الحرب الأهلية عام 1983. وسبق ذلك إعلان مماثل من إذاعة “جرس سكوب” التي توقفت عن البث في نوفمبر 2019 بعد عشر سنوات من إطلاقها.
وفي سبتمبر 2019 أعلن رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري تعليق عمل تلفزيون “المستقبل” وتصفية مستحقات العاملين في المحطة التي خرجت إلى النور في مطلع التسعينات. وجاء ذلك بعد أشهر على توقف صحيفة “المستقبل” المملوكة للحريري أيضاً لتتحول إلى منصة رقمية فقط.
وعانت أغلب مؤسسات الحريري من ضائقة مالية كبيرة كان أبرزها انهيار شركة “سعودي أوجيه” عام 2017، والذي خلّف الآلاف من العاطلين عن العمل. ومثّل توقف صحيفة “السفير” عن الصدور في ديسمبر 2016 نقطة تحول في مسار تدهور الصحافة في لبنان.
وحولت صحيفة “النهار” التي توقفت عن دفع رواتب موظفيها منذ أشهر طويلة موقعها الإلكتروني إلى موقع مدفوع الأجر. وكذلك فعلت العديد من المحطات التلفزيونية على مواقعها الإلكترونية.
ولجأت محطات تلفزيونية إلى صرف عدد من العاملين لديها أو تخفيض رواتبهم بسبب الأزمة المالية في البلاد. وفي التاسع من أغسطس الماضي صدرت صحيفة “ذا دايلي ستار” متشحة بالسواد احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد.