الجزائر تطلق قناتها الدولية “Al 24 news” لتحسين صورتها في الخارج
أُطلقت رسميا قناة الجزائر الدولية “Al 24 news” التي تراهن عليها السلطات لتحسين صورتها في الخارج، في خطوة تجسد توجهها إلى التمكن من المعركة الإعلامية.
وتعتبر القناة الجديدة منصةَ تسوق للمواقف والخيارات الدبلوماسية الجزائرية، خاصة في ظل التحولات الأخيرة التي تخيم عليها حالة من الارتباك والتوجس بعد تفاقم التوتر مع كل من فرنسا والمغرب، ويبدو أن السلطة استشعرت متأخرة حاجة البلاد إلى ذراع إعلامية تتبنى أفكارها وتصوراتها المختلفة وتدافع عنها.
وأظهرت الإطلالة الأولى للقناة أنها تحمل توجها دوليا وإقليميا يهدف إلى الترويج للمواقف الدبلوماسية والرسمية للبلاد وتسويقها إلى الرأي العام الدولي، ووضع التطورات الإقليمية والعالمية في متناول الجمهور الجزائري وفق الرؤية التي تريدها.
وذكر مصدر مطلع لـ”العرب” أن السلطات المختصة سخرت إمكانيات مادية ولوجستية ضخمة من أجل ضمان انطلاقة قوية قادرة على منافسة الفضائيات العربية والدولية التي ظلت مهيمنة على الجمهور الجزائري طيلة العقود الماضية، وأن القناة ستكون مستقلة ماليا وتحريريا عن القنوات التلفزيونية الحكومية الأخرى.
وقال مدير القناة سليم أقار في الندوة الصحافية التي أعلن فيها عن الانطلاقة إن “AL 24 NEWS ستكون القناة الدولية الأولى في المنطقة المغاربية، وأنها استقطبت خيرة العاملين في القطاع الإعلامي الجزائري من أجل ضمان محتوى وشكل قادر على منافسة القنوات الفضائية الموجهة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
وأضاف أقار أن اختيار الذكرى الـ67 لاندلاع ثورة التحرير لإطلاق القناة “حمل رسالة رمزية ودلالية عن المغزى والغاية منها لتسويق الوجه المشرق لتضحيات وإنسانية الثورة الجزائرية من أجل افتكاك حرية الشعب والبلاد من أعتى قوة استعمارية” في إشارة إلى فرنسا.
ولف الغموض القناة المذكورة طيلة الأشهر الماضية بسبب اختلاف التصورات داخل دوائر القرار حول مهمة ورسالة القناة وآليات عملها، إلى أن استقر بها المقام إلى الهوية البصرية والتحريرية المعلن عنها مساء الأحد من قبل المسؤول الأول عن القناة.
وأفاد المصدر المطلع بأن “مشروع القناة تمت دراسته طيلة الأشهر الماضية، وكانت الفكرة في البداية بأن يتم إطلاقها في العاصمة البريطانية لندن، وتم إسناد المهمة التحضيرية إلى طاقم من الإعلاميين الجزائريين المهاجرين في عواصم غربية وعربية، غير أن الطرح لم يحظ بإجماع دوائر القرار السياسي آنذاك”.
وأضاف المصدر بأن “القرار النهائي عاد في نهاية المطاف إلى رئيس الدولة عبدالمجيد تبون الذي أمر بتوطين القناة داخل التراب الجزائري”، كما تم تغيير الطاقم الإداري والتحضيري بفريق جديد قادم من مختلف المؤسسات الإعلامية المحلية الحكومية والخاصة بما فيها الصحف المكتوبة.
ولفت إلى أن الإدارة سخرت إمكانيات مادية ولوجستية لضمان الانطلاق الجيدة والجادة، وتم الحرص على استقدام الكفاءات في مختلف المجالات الفنية والتقنية والتحريرية، على اعتبار أن المحتوى سيركز على إبراز الجوانب المغيبة عن الرأي العام الدولي في ما يتعلق بالشأن الجزائري سواء كان سياسيا أو دبلوماسيا أو اقتصاديا.
لكن انطلاقة القناة أثارت انتقادات الشارع الجزائري الذي أعاب عليها منذ البداية شعار الهوية التجارية والبصرية، وذهب البعض إلى أن القناة هي تقليد لقناة “فرانس 24” الفرنسية والقناة الإسرائيلية “i 24 news”وأن اللمسة الإبداعية غابت عن المشروع، بدليل أنه لم تطلق أي مسابقة ولو شكلية لاختيار شعار القناة.
وأعرب مدونون على شبكات التواصل الاجتماعي عن خشيتهم من أن تكون القناة نسخة أخرى عن القنوات التلفزيونية الرسمية التي تبقى عاجزة عن استقطاب الجمهور الجزائري بسبب الرؤية الأحادية الغالبة على محتوياتها الإعلامية والسياسية، فضلا عن غياب روح الإبداع ومجاراة المحتويات المستحوذة على اهتمامات الجمهور الجزائري.
ويظهر محتوى القناة الجديدة من أولى إطلالاتها التي بدأ بثها بداية نهار الاثنين، حيث تم استعراض صور لأمجاد الدبلوماسية الجزائرية، كحضور الرئيس الراحل هواري بومدين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأيضا ترؤس الرئيس السابق الراحل عبدالعزيز بوتفليقة لها، فضلا عن زيارة شخصيات عالمية إلى الجزائر على غرار الرئيس الكوبي الراحل فيدال كاسترو في سبعينات القرن الماضي، وكذلك المناضل العالمي نيلسون مانديلا.
وبحسب المدير العام للقناة سليم أقار فإن المشروع الإعلامي الجديد سيقدم محتوى بثلاث لغات يكون فيها الحيز الأكبر للغة العربية و35 في المئة للغة الفرنسية ونسبة متواضعة للغة الإنجليزية، غير أنه لا يستبعد رفع الحجم الإنجليزي تماشيا مع سياسة التخلص التدريجي من اللغة الفرنسية القائم في الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة بسبب السجال الدبلوماسي والسياسي المتصاعد بين الجزائر وفرنسا.
وأكد أقار في تصريح للصحافيين أن “القناة ستفتح قريبا مكاتب لها في عدد من العواصم الأوروبية والعربية، على غرار تونس والقاهرة ودمشق، فضلا عن موسكو ومدريد ولندن”، وهو ما يعطي انطباعا أوليا بأن القناة ستكون متواجدة حيث تسمح الحكومة الجزائرية بالنشاط لقنوات تلفزيونية من تلك الدول.
ويبدو أن باريس غائبة حاليا عن أجندة المشروع الإعلامي الجديد رغم تواجد الملايين من الجالية الجزائرية في فرنسا، حيث يختصر البث الآن على القمر الصناعي نايلسات فقط، كما يبدو أمرا طبيعيا وفقا للحالة الراهنة للعلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وباريس، إذ حظرت الحكومة الجزائرية عمل قناة “فرانس 24” كما رفضت الترخيص مؤخرا لقناة “تي.أف 1” للقيام بإنتاج تحقيقات على أراضيها.
ورغم أن القناة يبدو أنها تعمل على صناعة شخصية منفصلة عن القنوات الحكومية التابعة لتلفزيون الدولة، حيث اقتصر الحضور في حفل الافتتاح على بعض مسؤولي المؤسسات العمومية فقط وغاب المسؤولون الكبار في الحكومة، إلا أن التحدي الأكبر أمامها سيكون استقلالية المحتوى والاختلاف عما هو متداول في الإعلام المحلي وحضور التعاطي المتوازن تجاه القضايا المطروحة والمضمون المقدم للجمهور في الداخل والخارج.
وتمتلك الجزائر ثماني قنوات تلفزيونية هي القناة الأولى العامة وقناة إخبارية وقناة القرآن الكريم وقناتين باللغتين الفرنسية والأمازيغية، إلى جانب ثلاث قنوات أخرى متخصصة هي “المعرفة” و”الشبابية” و”الذاكرة”.
وكالات