رجفت .. خافت .. شافت.. صاحت.. جاوب مرود .. ماتت حمدة
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

تتحدى الفقر والعوز فتعمل بجد وجهد لعلها تحصل على بعض الدنانير تساعدها وأسرتها على صعوبة الحياة، الحياة التي أصبحت طابقين فهنا غني وفقير وفي كل زاوية نجد جائع ومتخم، الحياة التي يتقاسم فيها أبناء الأردن وبناته شظف العيش بعد أن غَلَقَ أصحاب رأس المال الأبواب أمام الباحثين عن العمل الشريف، الحياة  وقهرها واحتياجاتها التي تجعل من الإنسان عبدأ، ومن حامل العِلم صامت في حضرة الجهلاء، وتحاول ان تصنع من الحُر تابع، الحياة القاسية أحياناً والرؤوم أحياناً أخرى على عهدا لم تتغير، لكن سطوة المال تغيرت وأصبح بيد من لا يعرفون الرحمة والذين قست قلوبهم، ليتنشر القهر والظلم والفقر والتنمر على المحتاجين في هذا الوطن.

نعم، حمدة هي كل فتاة أردنية عزيزة النفس طيبة القلب قوية الشكيمة، حمدة تلك الفتاة الصامدة على تراب الوطن من العقبة حتى الرمثا ومن الرويشد للأغوار، كلهن حمدة التي لا ترضى بالذل في وقت يكسر ظهرها الحاجة، حمدة هي الأم التي تضع الرجال وتربيهم على الكرامة والعزة، وحمدة هي تلك الفتاة صاحبة الشعر المجدول تتباهى بملابس المدرسة وحقيبتها المتواضعة، حمدة مثال للمحبة فهي تقف مع جاراتها في الفرح والترح، حمدة هي كل أردنية في كل موقع هي الطبيبة والمهندسة والمعلمة، حمدة جمعت بنات الاردن في وجهها وألمها وترحها، فحمدة وطن وجب أن نحافظ عليه وأن لا نسلمه لأصحاب القلوب الجاحدة.

حمدة تبكر في صحوها، وتغادر لعملها، وفي اليوم الأول كما قال الشاعر عمر الفرا “اليوم الأول تحدت حمدة..اليوم الثاني صرخة حمدة .. اليوم الثالث نزلت دمعة ” وأضيف على شعره الرائع، في اليوم الرابع فقعت حمدة، ماتت حمدة من قهر ظالم ومن عنجهية قاهر ومن تنمر أرعن، فقعت حمدة لتبكيها بنات الوطن وتسيل دموع الرجال الشرفاء وتعتصر قلوبهم ألماص وحرقه، فحمدة شقيقة كل رجل وبنت كل شريف ووالدة كل طفل، وحين فقعت حمدة سمع صوتها وطن بأكمله لكن هذا الصوت لم يصل لقلوب لا تعرف الرحمة وتُجيد فن التنمر، قلوب كالحجارة أو اشد قسوة محكومة بالمال.

آه يا حمدة، تبكيك  كل بنية حرة، تبكيك الصحراء وترابها، تبكيك زميلات العمل، آه حمدة بموتك سنشعل الشموع وننير الدروب حتى لا يختبء فاسد أرعن، لقد أصبحت منارة وطن لكل من تتعرض للظلم والقهر والتنمر، يا حمدة غادرتي الأهل والأحبة لتسكني مساكن الصالحين، فتحت الأرض يا أخيه أكرم من فوقها، ففي القبر لا ظُلم ولا قهر ولا تنمر ولا إنتقاص من حقوق البشر، ففي القبر يكون الحساب على قدر العمل، وهناك ستجدين رب رحيم يعفو ويغفر ويقتص للمظلومين من الظلمة، فلا تجزعي فأنت في ضيافة الله، أما هم فسيحاسبهم القانون وسيردون إلى عالم الغيب والشهادة لينالوا جزائهم، رحمك الله يا حمدة الوطن وشمعته، رحمك الله يا من أعدت لذاكرتنا المثقوبة كلمات عمر بن الخطاب ” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى