حوار الطرشان في لجان النواب!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
عديدة ومتنوعة هي اللجان المنبثقة عن مجلس النواب الاردني، والتي تعتبر في الأصل المُحرك الرئيسي للمجلس أو مصنع الطاقة والقرار، ودور اللجان ينحصر في بحث القرارات ومتابعة الجهات التنفيذية والتحقق منها ومعها في بعض الحالات التحقيق معها، ويتم بناء التحقيق حول نقاط محددة لإظهار الحقائق بصورة جلية، وحدث هذا في العديد من الجهات التشريعية في العالم، ويكون دوماً الحديث بهدوء ودون إنفعال حتى تصل الرسالة، ونتذكر أنه حين تم التحقيق في أحد لجان الكونغريس الأمريكي مع مستشارة الأمن القومي الأمريكي حينها كونداليزا رايس، بشأن التهم الموجهة للعراق حول إمتلاكه أسلحة دمار شامل وظهر أن العراق بريء من هذه التهمة، فقد استمر التحقيق الذي نقلته عشرات الفضايات مباشرة على شاشاتها لمدة خمس ساعات متواصلة، ولم نسمع خلال الساعات الخمس عضو في الكونغرس يصرخ عليها أو يرفع صوته بطريقة استعراضية، بل لم نجد من يقاطعها خلال الدفاع عن الرئيس الأمريكي والحكومة، فالحوار قائم على التواصل بلغة واضحة من رايس واستماع دقيق لكل كلمة.
هذا الحال الأمريكي الحزين المُبكي والذي لا نشاهدة في مجالس النواب العربية، لذا لن نُشاهد الصورة الحضارية في أسواق لجان النواب، والتي يتسابق أعضائها للصراخ بصوت مرتفع على الوزير أو من ينوب عنه، كونهم يريدون البحث عن شعبويات زائفة وإشعار المتابعين أنهم المخلصين للوطن وأنهم أصحاب المعرفة وغيرهم جهلاء، فيرتفع الصراخ من إثنين أو ثلاثة بذات الوقت لنجهل هل نحن في لجنة نيابية أو سوق للخضار؟، كما أن الحوار لا يكون مبني على منهجية الحوار نقطة نقطة للخروج بصورة حقيقية وصحيحية عن مجريات الأمور، بل يكون دون ترتيب ويقفز النواب من نقطة لأخرى ويُريدون من الوزير أن يقفز معهم، لتفقد الجلسات معانيها وقيمتها بعد أن تتحول “لحوار للطرشان”، فالنواب لا يستمعون لما يقول الوزير أو من ينوب عنه، والآخر غير قادر على إيصال رسالته في ظل الصراخ المُتعالي من النواب.
الحوار ولغة الإتصال هما أساس المعرفة ودونهما لا يكون هناك قيمة لأي إجتماع أو تحقيق، فبالحوار الهاديء تصل المعلومات بكل دقة، وبالحوار الهادي يمكن توجيه الأسئلة والخروج بنتائج منطقية، وبلغة الإتصال يستطيع الطرفان التعبير عن القضية بوضوح، وبالتالي يكون التفاهم أساس الجلسات للخروج بقرارات ترضى الله والوطن، لكن مما شاهدناه من جلسات إستعراضية لا يسعنا إلا أن نقول حمى الله الوطن ممن يحاولون القفز على أكتافة والظهور كابطال دون الإهتمام بالحقيقة، كونهم يعتقدون أن بطولات “السوشال ميديا” أهم من الحقائق، فهل تتعلم اللجان آليات الحوار أم سنبقى كما نحن صراخ دون نتيجة.؟