الحكومة تتمسك بوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش وترفض قرار المجلس الرئاسي وقفها
النشرة الدولية –
دعت حكومة الوحدة الوطنية الليبية وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش إلى “متابعة عملها بالوتيرة نفسها”، بعد ساعات قليلة من قرار المجلس الرئاسي الليبي وقفها عن العمل “احتياطياً” بسبب تصريحات نسبت إليها عن موقوف في قضية لوكربي، وسرعان ما نفتها.
وقال بيان للحكومة إن مجلس الوزراء يدعم المنقوش و”يكرر تقديره لكل جهودها الوطنية المبذولة في أداء مهماتها بالشكل المطلوب، مؤكداً على جهوده من أجل توحيد المؤسسات وتقريب وجهات النظر وحل المختنقات السياسية استناداً إلى الحوار والتواصل الإيجابي بين جميع الأطراف، بحيث يمكن إنجاز الاستحقاق الوطني المهم المتمثل في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أجواء إيجابية وسليمة”.
وانطلق مجلس الوزراء في رفضه لقرار المجلس الرئاسي من أن “مخرجات الحوار السياسي الليبي الموقع في جنيف لا تعطي أي حق قانوني للمجلس الرئاسي في تعيين أو إلغاء تعيين أعضاء السلطة التنفيذية أو إيقافهم أو التحقيق معهم، والتي تعتبر صلاحيات حصرية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية”.
بدورها نشرت وزارة الخارجية الليبية في الساعة الأولى بعد منتصف ليل السبت – الأحد بتوقيت طرابلس بياناً ورد فيه أن وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش “فنّدت صحة ما نسب إليها بخصوص المواطن الليبي أبو عجيلة مسعود، نافية بشكل قطعي ذكرها للمعني خلال مقابلتها مع قناة بي بي سي البريطانية”.
وأضاف البيان أن المنقوش أوضحت “أنها أجابت عن سؤال متعلق بضحايا لوكربي وضحايا تفجير “مانشستر أرينا” الذي وقع سنة 2017 واتهم بتنفيذه مواطن بريطاني من أصول ليبية، منوهة الى أن هذه المسائل من اختصاص مكتب النائب العام في ليبيا، وهو من يتولى مسؤولية معالجتها بين المؤسسات القضائية في البلدين”.
وأشارت المنقوش، وفق البيان، إلى أن “النتائج الإيجابية لمؤتمر استقرار ليبيا لا تزال تلقى صدى واسعا في الأروقة الليبية”، واصفة إياه بـ”الإنجاز الذي سيسهم في تحسين وضع ليبيا وتعزيزه في الساحة الدولية والإقليمية”.
وختم البيان بأن وزارة الخارجية “تنبّه لعدم تداول ونشر الأخبار الكاذبة والمضللة للرأي العام، لأنها تعد من الجرائم التي يعاقب عليها القانون”.
وكان المجلس الرئاسي الليبي، قرر مساء السبت، إيقاف وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش عن العمل بسبب “انفرادها بملف السياسة الخارجية” من دون التنسيق معه، بحسب بيان باسمه.
كما تضمّن البيان قراراً بمنع سفر المنقوش إلى الخارج لحين الانتهاء من التحقيقات والبت في نتائج أعمالها من المجلس الرئاسي.
وتبعا لذلك، شكلّ المجلس الرئاسي لجنة للتحقيق مع المنقوش برئاسة نائب المجلس عبد الله اللافي وعضوية كل عادل محمد سلطان وأحمد جمعة عقوب، وستقدم اللجنة تقريراً بنتائج أعمالها في مدة أقصاها 14 يوماً، بحسب البيان.
وكانت عاصفة من الجدل أُثيرت في الأوساط الليبية خلال الساعات الفائتة، على خلفية تصريحات أطلقتها المنقوش، أعلنت فيها انفتاح بلادها على التعاون مع الولايات المتحدة لتسليم مطلوب في قضية تفجير طائرة فوق بلدة لوكيربي عام 1988.
ونُسب إلى المنقوش قولها في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” إن “ليبيا يمكن أن تعمل مع الولايات المتحدة على تسليم المطلوب في تفجير لوكربي أبو عجيلة محمد مسعود”، مشيرة إلى أن هناك “نتائج إيجابية آتية” في هذا الصدد. وأضافت أن “الحكومة الليبية تتفهم ألم أسر ضحايا الحادث وحزنهم، لكنها بحاجة إلى احترام القوانين”.
وأبو عجيلة محمد مسعود، هو مسؤول سابق في الاستخبارات الليبية، يقبع حاليا في سجن ليبي، بعد إدانته بتهم لا علاقة لها بالحادث، لكن واشنطن كانت وجهت إليه تهماً تتعلق بارتكاب جرائم إرهاب.
وكانت ليبيا أقرت بالمسؤولية عن الحادث في العام 2003 ودفعت تعويضات لعائلات الضحايا.
وتقول واشنطن إن مسعود “ساعد في صنع القنبلة التي أسقطت الطائرة فوق بلدة لوكربي وضبط الموقت”. وأشارت إلى أنه “كان من كبار صانعي القنابل في عهد الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وأحد المتهمين في الهجوم المميت على رحلة “بان أميركان 103″ من لندن إلى نيويورك والذي أسفر عن مقتل 270 شخصا، من بينهم 190 أميركيا”.
انتقادات للمنقوش
وفي حديث لـ “النهار العربي” قال الديبلوماسي الليبي السابق رمضان البحباح إن “قضية لوكربي أغلقت قانونياً بشكل نهائي بعد دفع التعويضات، وإثارتها من جديد ليست لها أي أهمية جنائية عدا نهب المزيد من الأموال الليبية”. وأضاف: “تصريحات المنقوش تكشف أسباب التمسك الأميركي بتعيينها على رأس وزارة الخارجية”.
ووجه عضو مجلس النواب عبد السلام نصية حديثه إلى وزيرة الخارجية الليبية، قائلاً: “هل تدرك المنقوش أن قضية لوكربي قد أقفل ملفها؟ وهل تدرك أنها في حكومة مَوقتة لها مهمات محدده؟”. وأضاف: “الأمن القومي الليبي أكبر من الطموحات الشخصية والشطحات السياسية”، مشدداً على ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها، لوصول ليبيا إلى سلطة منتخبة من الشعب.
ولفت عضو مجلس النواب الليبي جاب الله الشيباني إلى إن حكومة تصريف الأعمال مهماتها محدودة في الداخل الليبي وتقتصر على الأمور ذات العلاقة بمصلحة المواطن الأمنية والغذائية والصحية والتعليمية والاجتماعية وغيرها، مضيفاً: “أما القضايا الدولية فيجب احالتها على السلطة المنتخبة، ولاسيما موضوع في منتهى الحساسية كقضية لوكيربي التي تجاوزها الزمن”.
وندد عضو مجلس النواب مصباح دومة أوحيدة بإعلان المنقوش عن موافقة الحكومة على تسليم المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود.
ليس الخلاف الأول
وهذه ليست المرة الأولى التي تصطدم فيها المنقوش بالمجلس الرئاسي، إذ سبق أن توتّرت علاقات الطرفين بعدما قررت الوزيرة إنهاء مهمات ثلاثة ديبلوماسيين خارج ليبيا منتصف العام الجاري وإعادتهم إلى البلاد. وفي أيلول (سبتمبر) الماضي هدّد مكتب النائب العام الليبي بملاحقة وزيرة الخارجية بتهمة “تجاوز الصلاحيات والتعسف على القوانين وإساءة استخدام السلطة”، إثر شكوى من الدبلوماسيين الثلاثة. وكان المجلس الرئاسي أعلن بطلان القرار مطالباً المنقوش بـ”التريث” في اتخاذ بعض القرارات المتعلقة بإعفاء وتعيين موظفين وسفراء، مشدداً على أن هذه من اختصاص المجلس الرئاسي مجتمعاً دون غيره.
ويأتي الانقسام الجديد بين حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي في توقيت حساس للغاية للبلاد وسياستها الخارجية. فالتحضيرات قائمة لمؤتمر باريس الذي دعت إليه فرنسا لاستكمال العمل والمحادثات في شأن إخراج المرتزقة من ليبيا، وفي ظل استعدادات ليبيا للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة أواخر السنة الجارية، وبعد أيام من انعقاد مؤتمر “دعم استقرار ليبيا” الذي عقد في العاصمة الليبية طرابلس بحضور إقليمي ودولي لافت.
وتنقسم القوى السياسية في ليبيا في شأن ما إذا كان يجب الحفاظ على موعد الانتخابات كما هو أم إرجاؤه إلى السنة المقبلة، وبالتالي هل يجب التمديد للحكومة الحالية أم لا. وليست قضية المنقوش سوى واحدة من القضايا الإضافية التي تندرج في سياق الانقسامات وأبعادها الداخلية والخارجية.