مئوية الأردن (مبروك)
بقلم: د. مناور الراجحي

النشرة الدولية –

تشرفت الأسبوع الماضي بمشاركتي بورقة بحثية معنونة بـ «صورة الأردن في الصحافة الكويتية» والمقدمة لمؤتمر «صورة الأردن في العالم في 100عام» المنعقد في رحاب الجامعة الهاشمية، شاركت الفرحة المئوية للأردن الحبيب على قلوب البشرية كونه (أرض العزم) بنيت بإرادة وعزم القيادة الهاشمية والشعب الأردني، هذه الأرض التي أعطت للعالم اجمع درسا في التعايش والمحبة والتسامح الديني بطعم الإنسانية على مختلف الأعراق والمنابت، فشكرا للجميع دون استثناء على هذا الجهد الجبار في التنظيم والطرح، وهذا ليس بالغريب على جامعة عريقة بعراقة الجامعة الهاشمية التي يتكلل مداخلها باسم أعرق الأنساب «الهاشميين» أكرر شكري لراعي المؤتمر جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين أطال الله في عمره وأعز ملكه، والشكر موصول لرئيس الجامعة فواز الزبون ونائبهه عبدالباسط الزيود ودينامو المؤتمر جمال الشلبي وجميع الباحثين الذين أطربوا مسامعنا بكلماتهم وعلمهم الوفير عن القيادة الهاشمية والأردن الحبيب.

وعلى قدر فرحتي بهذا العرس الوطني المهيب على قدر ما أوجعني ما طالعتنا به الصحف الأردنية عن معاناة ووفاة الخياطة (حمدة)، حمدة ليست في الأردن فحسب بل هنالك الكثير من أمثالها في العالم ما زالت تعنف ويمارس عليها الاضطهاد في العمل، كيف هذا ونحن في القرن الـ21؟

حمدة في حاضرنا إعادة إلى أدهاننا حمدة الماضي، فحمدة الأمس لا تختلف كثيرا عن حمدة اليوم فلكتاهما ماتت ظلما وقهرا مع اختلاف الجاني ودوافعه فكان الأول، كما هو في القصيدة «الحبيب والعشيق»، أما الثاني فكما هو في واقعنا المدير الجائر في العمل كلاهما اشترك في صفة واحدة هي إيقاع الأذى النفسي الصارخ عليهما وأرداهما قتيلتين. فوفاة حمدة الخياطة التي تجرعت مرارة القسوة في العمل والظلم الجائر تحت وطأة الحاجة والالتزام لتغطية نفقات صغارها وأسرتها التي جعلتها تتحمل فداحة الألفاظ وتسلطها المنهالة على رأسها كالصواعق بشكل يومي من مسؤولها بعبارة (احنا ندفعلك مصاري)، هذه العبارة كانت القفل المحكم الذي ألجمت فمها به وصمتت حتى عن الدفاع عن نفسها أمام وجه ملامحه باردة كالثلج وقلبه أشبه ما يكون بالصخر، لم يراع معاناتها من قسوة الحياة ولم يراع ضغوطاتها النفسية التي تراكمت عليها جراء الفقر والعوز، ولوعة تركها لصغارها وهم في امس الحاجة لرعايتها لتلحق بركب العمل لاهثة وراء لقمة عيش كريمة ولم تكن لقمة كريمة بل كانت فتاتا مغمسا بالذل والصراخ وعدم الرضى من مدير ساع وراء مصلحته وازدياد ثروته ضاربا بكل معاني الإنسانية والرحمة جدار الطمع والجشع.

أتطلع اليوم إلى الإجراءات التي قد تسعف سيدات كثيرات في العمل والحد من تغول المسؤولين على ضعاف الجسد والروح، أما آن الأوان لعمل قانون معزز وخاص لحفظ حقوق العاملات؟ يجب إخضاع المسؤولين الذين يتعاملون بشكل مباشر مع العاملات لدورات في حقوق الإنسان وحقوق العاملات والواجبات التي تترتب على كل طرف من أطراف العمل، فالإدارة لا تعني انك تحيي وتميت وتقتل حمدات الفقر والحاجة.

لا يا عيني، لاني نعجه تشتريها، ولاني عبده من عبيدك

قصيدة ما أريدك (حمده) للشاعر السوري عمر الفرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى