هل يمكن تجنب اندلاع حرب بين الصين وأميركا برغم التصعيد المستمر بينهما؟

النشرة الدولية –

تواترت الأنباء عن أن رئيس الوزراء الأسترالي السابق كيفن رود، قدم سلسلة من الإجراءات التي يمكن أن تمنع التنافس الصيني الأميركي من التصعيد، مؤكدا أن الحرب بين البلدين ليست حتمية.

ولخص الكاتب الفرنسي أنطوان كابولاني في مجلة لوبوان Le Point الفرنسية ما ذهب إليه رود قائلا إن فرضية رود بشأن هذه القضية تنطلق من أن عقد عشرينيات القرن الحالي سيكون حاسما في العلاقات الأميركية الصينية، وسيكون مليئا بالمخاطر، وستزداد المنافسة بين البلدين في العديد من المجالات.

ورغم ذلك لا يرى رود في مقاله الذي نشره قبل فترة في مجلة فورين أفيرز (Foreign Affairs) الأميركية أن الحرب ستكون حتمية بين البلدين، لافتا إلى أن ثمة وسط التوترات المتصاعدة نفسها وسائل لكيفية تفادي تحولها لنزاع مسلح.

وفي هذا الصدد، يقترح كيفن رود وضع ضمانات وإطار عمل شامل ومقبول بشكل متبادل أطلق عليه “إدارة المنافسة الإستراتيجية” يكون هدفه الحد من مخاطر التصعيد ومن ترك التوترات تتحول إلى نزاع مسلح.

ويبقى أن نرى أيضا ما الذي سيتألف منه مثل هذا النظام وكيفية وضعه في مكانه، وهنا يعتقد رود في مقاله الذي اختار له عنوان “كي لا يصلا مرحلة الحرب.. كيفية منع المواجهة الأميركية الصينية من الانتهاء بكارثة” أن على البلدين وضع إجراءات وآليات مماثلة لتلك التي وضعتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة في أعقاب الأزمة الكوبية، لكن هذه المرة قبل أن تصل الأمور إلى شفا حرب نووية.

ومع ذلك، فهو لا يقلل من صعوبة المهمة، إذ يرى أنه من الناحية النظرية من الممكن تنفيذ مثل هذا النظام القائم على “إدارة المنافسة الإستراتيجية” للحد من مخاطر الحرب، لكن من الناحية العملية من الصعب جدا تحقيقه بسبب غياب الثقة شبه التام بين واشنطن وبكين.

ويقول كابولاني إن الصين تقدر أن اقتصادها سيكون بحلول نهاية العقد الحالي الأكبر على هذا الكوكب، متجاوزا اقتصاد الولايات المتحدة، وهذا أمر مهم بالنسبة لبكين التي تعتبر حسب رود “الحجم أمرا حاسما”.

ويضيف أن تحول الصين إلى القوة الاقتصادية الرائدة في العالم سيعزز ثقة الحزب الشيوعي الصيني في نفسه، فبكين لا تتوقع التفوق بالمنافسة التكنولوجية في جميع المجالات، بما في ذلك مجال الذكاء الاصطناعي، بل أيضا إكمال برنامج تحديث جيشها في عام 2027، أي قبل ما يقارب 7 سنوات من الموعد المحدد أصلا لذلك، مما يمنح الصين ميزة جديدة في أي سيناريو مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة بشأن مسألة تايوان، وفقا لرود.

ومن شأن إعادة توحيد البر الرئيسي للصين وتايوان أن تضع الرئيس الصيني شي جين بينغ على قدم المساواة مع الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ لينضم بذلك “للمخلدين في الحزب الشيوعي”، وقد أعلن بالفعل نيته البقاء في السلطة حتى العام 2035، حيث سيبلغ إذ ذاك 82 عاما أي بنفس عمر ماو عندما توفي.

كما يعتقد شي جين بينغ والقادة الشيوعيون الصينيون أن الولايات المتحدة قد دخلت مرحلة انحدار لا هوادة فيها، بل يرى هذا الزعيم أن الولايات المتحدة غير قادرة على استعادة مصداقيتها أو حتى إلهام ثقة جديدة باعتبارها قوة مهيمنة على المستوى العالمي أو الإقليمي.

بل على العكس من ذلك، يرى الزعيم الصيني أن الانحدار الأميركي سيقود القوى الأخرى إلى إعادة تقييم عقائدها الإستراتيجية أو حتى الانحياز للصين.

ويضيف رود أن الصين “باستخدام العصا والجزرة” ستسعى لإبعاد العديد من حلفاء الولايات المتحدة التقليديين عنها بما في ذلك أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة.

لكن رود لاحظ أن الصين تدرك جيدا أن تراجع الولايات المتحدة -سواء أكان قد بدأ بالفعل أم لا- لم يكتمل بعد، وهذا هو سبب توجس بكين من واشنطن من جديد واستمرارها في الاستعداد بشكل منهجي لمواجهة محتملة بين القوتين الكبيرتين.

ويرى رود أن مصلحة البلدين والعالم أجمع هي أن يتخذا إجراءات عملية لتفادي استمرار التصعيد، ويقترح في هذا الصدد أن يعين كلا الرئيسين ممثلا شخصيا رفيع المستوى له لدى البلد الآخر، وأن يبعث كل منهما إشارات لاستعادة الثقة، بما في ذلك وقف الهجمات الإلكترونية والعودة إلى سياسة “صين واحدة” الصارمة، وبالتالي إنهاء زيارات كبار الشخصيات الأميركية إلى تايبيه التي بدأها الرئيس السابق دونالد ترامب، ووقف عسكرة الصين للجزر الجديدة في بحر جنوب الصين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى