تصريحات جنبلاط… براعةٌ في اللعب على الخلافات اللبنانية
النشرة الدولية –
لبنان 24 – ايناس كريمة –
لم يمرّ تصريح رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط مروراً خفيف الظلّ في الساحة اللبنانية، حيث فتح اشتباكا سياسياً مع “حزب الله” بعد هدنة فرضها جنبلاط على نفسه، إذ عمد لفترة طويلة الى الاعتكاف عن الخوض في أي إشكالات سياسية مع أي طرف داخلي، على اعتبار أن العاصفة الاقتصادية التي تضرب البلاد تستوجب التعاطي بحذرٍ ومسؤولية وفقاً لما عبّر عنه في أكثر من مناسبة.
وبالرغم من أن جنبلاط لا يبدو “متحمّساً” للاشتباك في هذه المرحلة بل متنازلاً عن مفهوم “رأس الحربة” في أي مشروع سياسي في لبنان أو ضمن أي تحالف سواء كان داخلياً أو خارجياً، غير انه حافظ طيلة الفترة الماضية على موقفه الإيجابي من المملكة العربية السعودية وتمسّك من جهة أخرى بقناعاته المبدئية ضدّ النظام في سوريا.
وبالتالي، فإن جنبلاط الذي سار بين الألغام الداخلية، هادن جميع القوى اللبنانية ومن ضمنها “حزب الله” وتجنّب الدخول في معارك سياسية واعلامية وتصريحات هجومية ضدّ إيران تحديدا، لكنه في المقابل لم يبتعد ابدا عن مواقفه التقليدية. لذلك يمكن اليوم قراءة موقفه الاخير المُستجدّ الذي فتح فيه النار على الحزب من مدخل الخلاف الحاصل مع المملكة العربية السعودية.
ولعلّ “بيك الجبل”،السياسي اللبناني المُخضرم، يُتقنُ جيدا ضرورات “الحدّة” في المواقف ومتى يحسم أو يناور، لذلك فهو لا يتطلّع أبدا الى اعادة الانقسام السياسي في لبنان لسابق عهده، حيث أن سهامه لم تطَل التيار “الوطني الحر” في أي اتجاه، ومجابهته لحزب الله لم تكن الا في إطار المسألة الخليجية.
هذا الاندفاع لا يعني أن جنبلاط قرّر الاصطفاف مجددا في فريق سياسي ضدّ آخر، هو الذي كان أوّل من خرق اصطفاف الرابع عشر من آذار في المرحلة الفائتة وفضّل الابتعاد نحو المنطقة الرمادية حين لم يرَ ضرورة لاستمرار التحالف آنذاك.
ومن هنا بات واضحاً أن الحسابات “الجنبلاطية” تبدو اليوم بعيدة عن الحرب مع “العهد”، بل تنطلق من مبدأ الحفاظ على قنوات التواصل السياسي الداخلي وتحصين علاقته مع المملكة العربية السعودية في الوقت نفسه.
هذا هو سقف التصعيد السياسي لدى “زعيم الاشتراكي” في هذه المرحلة، إذ إنه يحرص على “مصلحة لبنان”من جهة وعلى الاحتفاظ بالمودّة مع الخليج العربي من جهة اخرى، لذلك فهو يتحرّك ضمن هامش صغير لا يُربك علاقته بحزب الله. وما الخطاب المتشنّج اليوم سوى براعة جنبلاط في اللعب على الخلافات والتناقضات السياسية في لبنان.