محض صدفة!
بقلم: طوني فرنسيس
النشرة الدولية –
قبل أيام أصدرت محكمة ايطالية في باليرمو أحكاماً بالسجن ضد 70 من افراد عناصر المافيا الذين عاثوا فساداً وقتلاً في انحاء الجمهورية الايطالية على مدى سنوات طويلة، وينتظر عشرات المتهمين الآخرين صدور الأحكام بحقهم بينهم “العم”، زعيم مجموعة المافيوزي ومعه أحد كبار السياسيين المتعاونين مع العصابة.
والعصابة موضع الحديث لم تكن يوماً بعيدة من السياسة والسياسيين الايطاليين، ففي كل مجال من مجالات نشاطاتها الاجرامية كانت تتقاطع مع شخصيات سياسية واقتصادية وأمنية، تستند اليهم ويستندون اليها في تبادل خسيس للمنافع، لكن، مع ذلك، لم تصل المافيا الايطالية الى ان تكون هي السلطة في بلادها. إستمر الإيطاليون ينتخبون نوابهم وشيوخهم ويتنافسون عبر احزابهم اليمينية واليسارية والوسطية وبقيت لهم في النهاية دولة ومؤسسات.
وإلى تلك الدولة إستند القضاة الذين تولوا التحقيق في جرائم المافيا، ورغم ذلك تمكنت العصابة من قتل إثنين منهم تفجيراً وباطلاق الرصاص، ولم يكن ذلك ليحصل لولا تسريب من داخل اجهزة السلطة التي اخترقتها العصابة في كافة مستوياتها.
الا ان وسائل القتل والإغتيال والتهديد والترغيب لم تردع النواة القضائية الصلبة عن مواصلة عملها. ومنذ ثلاثين عاماً يعيش المدعي العام المكلف ملاحقة العصابة نيكولا فراتيري تحت حماية مشددة من الشرطة. لم يرضخ لتهديد أو وعيد، هجر المطاعم والأماكن العامة واختار الإقامة في مكان محصن جعله مكتبه وغرفة نومه، لا يلاقيه فيها سفاح ولا مرتشٍ ولا شخصية رسمية!
فراتيري كان فخوراً بما انجزه قبل ايام. جمهور الفاسدين والمجرمين نال عقابه في محاكمة شارك فيها عشرات من محامي الإدعاء والدفاع ومتابعون كثيرون في ايطاليا والعالم، والى جانب الشرطة التي تحميه كسب “الحج نقولا” رأياً عاماً اعادت صقله تجربة قضاة الايادي النظيفة الايطالية.
ملاحظة: إن أي تشابه بين هذه الوقائع الايطالية والوضع في لبنان هو محض صدفة فاقتضى التنويه!