قصة مهاجر لبناني حقق “الحلم الأميركي”… واجه العديد من الصعوبات قبل خوض تجربة السياسة

النشرة الدولية –

الحرة –

من قرية صغيرة في جنوب لبنان، انطلق، بيل بزي، نحو بلاد العم سام، وهناك واجه العديد من التحديات الصعبة، لكنها لم تقف عقبة في سبيل تحقيق “الحلم الأميركي”.

بعد وصوله “أرض الأحلام”، تمكن اللبناني، الذي هاجر مع أسرته في سن الـ12 مع اشتداد الحرب الأهلية في بلاده، من تعلم اللغة الإنكليزية وإكمال تعليمه، حتى حصل على درجة البكالوريوس في الهندسة وعمل في مجال تخصصه، قبل أن يخوض تجربة السياسة، وينتخب مؤخرا رئيسا لمدينة ديربورن هايتس في ولاية ميشيغان، ليكون أول عربي ومسلم يتقلد هذا المنصب في المدينة.

في انتخابات الثاني من نوفمبر، هزم بزي (58 عاما) منافسته دينيس مالينوفسكي ماكسويل (61 عاما) ودخل التاريخ مع خمسة عرب أميركيين آخرين في الولاية تمكنوا من الفوز في هذه الانتخابات، من بينهم ثلاثة فازوا بمنصب عمدة مدينة.

ويرى بزي في مقابلة مع موقع “الحرة” أن هذا الفوز يكشف حقيقة أن “أي شخص يستطيع تحقيق ما يريده، سواء مهمة أو وظيفة، بصرف النظر عن أصله وخلفيته ودينه”.

“وهذا الأمر يزداد أهمية بالنسبة لشخص (هو) هاجر إلى الولايات المتحدة في سن 12 عاما، وواجه صعوبات في تعلم اللغة وتحمل مصاريف التعليم، ثم ترشح وفاز برئاسة مدينة يسكنها نحو 65 ألف شخص”.

وهذا الإنجاز، برأى بزي، “نموذج للشباب وأي فرد يريد خوض تجربة مماثلة”.

ويشغل العسكري المتقاعد منصبه منذ يناير الماضي، بعد تعيين مجلس المدينة له خلفا لدانييل باليتكو الذي توفي في ديسمبر 2020 جراء إصابته بكوفيد-19

بعد وفاة باليتكو، تولت منافسته، ماكسويل، رئاسة المدينة مؤقتا وفق القوانين المعمول بها، لكن مجلس المدينة صوت بأغلبية أربعة أصوات مقابل ثلاثة لصالح تعيين بزي في المنصب.

ثم خاض الاثنان حملة شرسة للفوز بالمنصب رسميا والبقاء أربع سنوات، وتخللت هذه الحملة معارك قضائية واتهامات متبادلة، ثم جاء يوم الاستحقاق ليفوز بزي بأكثر من 70 في المئة من أصوات المقترعين في مدينة يمثل الأميركيون من أصول عربية نحو ثلث سكانها.

وبعد تحقيق “النصر”، دعا العمدة المنتخب سكان المدينة إلى “النهوض معا بينما ندفع بشكل جماعي مدينتنا العظيمة إلى الأمام”:

ولد بزي في قرية بنت جبيل اللبنانية الجنوبية القريبة من الحدود الإسرائيلية، ثم انتقلت العائلة إلى بيروت وعاش هناك معظم طفولته، ومع بدء الحرب الأهلية في نهاية سبعينيات القرن الماضي، انتقلت العائلة إلى جنوب لبنان مجددا، قبل أن تقرر الهجرة إلى الولايات المتحدة، وفق تصريحاته لموقع “الحرة.

وبعد أن أنهى دراسته الثانوية في مدرسة فوردسن في ديربورن، أراد بزي الشاب الالتحاق بالجامعة، لكن الدراسة في الجامعات كانت “مكلفة” بالنسبة له، فقرر الالتحاق بالجيش الأميركي الذي يوفر منحا تعليمية تساعد منتسبيه على إكمال دراستهم.

وبالفعل، التحق بقوات مشاة البحرية (المارينز) وحصل على بعض المساعدات التعليمية، واستمر في خدمة المارينز نحو 20 عاما.

وبعد حصوله على البكالوريوس والدراسات العليا في الهندسة، عمل في شركة “بوينغ”، ثم “فورد” مهندس تطوير منتجات، ثم استقال بعد أن أصبح رئيسا للبلدية مطلع هذا العام.

يقول بزي لموقع “الحرة” إن ما دفعه للاهتمام بالسياسة هو أنه “أراد أن يصنع فرقا ويحدث تغييرا في مجتمعه بدلا من الجلوس والشكوى”.

وعن صعوبة تحقيق “الحلم الأميركي”، بحسب ما يرى البعض، يقول إن “الحلم الأميركي يعمل ولايزال حاضرا”، لكنه يحتاج إلى “العمل الجاد، وعدم الاستسلام، والقدرة على مواجهة العقبات”.

ويضيف: “الناس تواجه عقبات طوال الوقت، ليس فقط في الولايات المتحدة لكن في أي مكان في العالم، والمهم هو العمل على تجاوز هذه العقبات”.

وعن المخاوف التي تواجهها المجتمعات العربية في الولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق التمييز، يقول: “التمييز موجود في أي مكان، وفي مجتمعاتنا في الشرق الأوسط، وهذا التمييز يؤدي للنزاعات التي نشاهدها هناك، مثل لبنان حيث تحارب الفصائل بعضها البعض، وهو ما يدفع حقيقة الناس إلى الرغبة في الهجرة إلى الولايات المتحدة”.

ويقول إن التمييز “لا يجب أن يقف عائقا أمام الرغبة في تحقيق الحلم. يجب التركيز على تحقيق هذا الحلم والعمل بجد نحو تحقيقه. يجب التركيز على المكافأة التي ستحصل عليها من تحقيق أهدافك أيا كانت”.

وما يساعد في تحقيق “الحلم الأميركي”، برأيه، أن الولايات المتحدة “مليئة بالموارد” التي تساعد الأشخاص الطموحين على إنجاز ما يريدون إنجازه.

وشهدت “ديربورن هايتس” في السنوات الـ10 الأخيرة ارتفاعا متزايدا في عدد السكان وصل إلى نحو 10 في المئة، مع قدوم مهاجرين عرب من مدن أخرى، ليبلغ عدد السكان حاليا حوالي 64 ألف نسمة، بحسب موقع “ديترويت فري بريس”.

وتواجه المدينة مشاكل تردي البنية والفيضانات، وهو القضية التي يعتبرها أولوية له في المرحلة المقبلة، حيث يسعى لإصلاح البنية التحتية لتكون أكثر قدرة على التعامل مع الفيضانات التي تحدث بسببب تغير المناخ.

ويسعى أيضا إلى تطبيق سياسة “الباب المفتوح” للسماح لموظفي المدينة في القطاعات كافة للقدوم إلى مكتبه وطرح أية مشكلات يواجهونها سواء تلك المتعلقة بالتمييز أو أية مشكلات أخرى.

ويشير إلى أنه نظم احتفالات في المدينة، خلال الصيف الماضي، لإتاحة الفرصة أمام السكان للتواصل مع جيرانهم من مختلف الخلفيات، وهو ما ينوي الاستمرار في تطبيقه بعد انتخابه رسميا على رأس المدينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى