كاسباروف: المشكلة مع فيسبوك أو تويتر هي غياب الشفافية بالكامل بشأن طريقة إدارة شركاتهما

النشرة الدولية –

أبدى أسطورة الشطرنج غاري كاسباروف الذي قارع طويلا “ديب بلو” الممهد لتقنيات الذكاء الاصطناعي قبل أن تهزمه الآلة، قلقه من تجاوزات عمالقة القطاع الرقمي على صعيد حماية الخصوصية، مؤكدا في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن انتهاكات البشر أشد خطورة من تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وجمع بطل الشطرنج الروسي المتقاعد منذ 2005، أخيرا في كتاب نشرته شركة “أفاست” المتخصصة في الأمن السيبراني والتي يتولى دور سفير لها، قصصا امتدت على أكثر من خمس سنوات بشأن التوازن الهش بين الابتكارات التقنية المستمرة واحترام الحريات في زمن التكنولوجيا الرقمية.

وفي ظل التسلل المتنامي للذكاء الاصطناعي إلى حياتنا اليومية وخطر انتشار الأخبار المضللة والخطر على الخصوصية بفعل توسع العلاقة بين الإنسان والآلة، نادى كاسباروف خلال مشاركته في قمة الإنترنت في البرتغال بإجراء “نقاش عام جدي في العالم الحر” لإصدار “توصيات للحكومات المختلفة” بهدف تخطي هذه التحديات الجديدة.

وقال كاسباروف لوكالة فرانس برس على هامش الملتقى الأوروبي الرقمي الضخم في لشبونة إن “الحكومات هي التي تسنّ القوانين اللازمة لإرغام الشركات على القيام بما يلزم للحد من الأضرار”.

التكنولوجيا تسجل تقدما متسارعا وتثير قدرا موازيا من الوعود والمخاوف على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي

وأشار إلى أن “المشكلة تكمن في أن أفراد العامة ليست لديهم فكرة واضحة بعد عن الاتجاه الذي نسلكه، لأن الحكومات تعتبر التقنيات الكبرى كمصدر للدخل”، منتقدا الانتشار المتنامي للأخبار الكاذبة.

وفيما تواجه فيسبوك اتهامات بإعطاء الأولوية لأرباحها المالية على حساب مصلحة المستخدمين أو مستلزمات مكافحة التضليل الإعلامي منذ التسريبات الأخيرة التي طاولت الشبكة، يطالب غاري كاسباروف بـ”محاسبة” عمالقة الإنترنت.

ويقول “المشكلة مع فيسبوك أو تويتر هي غياب الشفافية بالكامل بشأن طريقة إدارة شركاتهما”.

ويضيف الناشط الحقوقي البالغ 58 عاما والمقيم في الولايات المتحدة، “أساس الحل برأيي هو الإشراف. إذا ما أرغمناهم على الشفافية، عندها سنفهم طريقة عملهم وسنتمكن من التصدي للانتهاكات الكثيرة”.

لكنّ تساؤلات تُطرح عن مدى فعالية تدابير الإشراف على القطاع الرقمي رغم مبادرات عدة بينها من الاتحاد الأوروبي، مع قانون حماية البيانات أو مشروعي “قانون الخدمات الرقمية” و”قانون الأسواق الرقمية”.

وأكد كاسباروف أن القوانين المعتمدة في أوروبا والولايات المتحدة “لا تعيرها الشركات الصينية أو الحكومة الروسية أي اهتمام”، مضيفا “العالم مقسوم بين عالم حر وآخر غير حر”.

وتابع قائلا “للأسف، العالم غير الحر أكبر حجما… فهو يمثل 60 في المئة (من إجمالي بلدان العالم) إذا ما اعتبرنا الهند بلدا ديمقراطيا. أما إذا بدأنا في التشكيك بوضع الهند، فستكون الأرقام أسوأ بعد”.

وإضافة إلى تصنيفه أفضل لاعب في تاريخ لعبة الشطرنج، اشتُهر كاسباروف أيضا بمواجهاته مع الكمبيوتر الخارق “ديب بلو” المطور من “آي.بي.أم”، والذي شكّل الخطوة الأولى للذكاء الاصطناعي نهاية تسعينات القرن الماضي.

وبعدما غلب “ديب بلو” سنة 1996، خسر البطل الروسي في المواجهة الثأرية في العام التالي. وشكّل ذلك أول نصر للآلة في وجه الذكاء البشري خلال لعبة.

ومنذ ذلك الوقت، تسجل التكنولوجيا تقدما متسارعا إلى درجة أنها تثير قدرا موازيا من الوعود والمخاوف على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

ويقول كاسباروف “سيكون الأمر مؤلما بلا شك. لا أريد أن أبدو فاقدا للإحساس، لكن ثمة أشخاصا سيفقدون وظائفهم. يجب النظر إلى الوضع من منظور شامل: البشرية تربح دائما بفعل التقنيات الجديدة”، ضاربا مثلا تطوير اللقاحات المضادة لكورونا بسرعة كبيرة.

ويؤكد أن “تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة، حين ستصبح أكثر تعقيدا، قد تُستخدم في المساعدة على جعل العلاقة بين الإنسان والآلة أكثر فعالية بكثير”. ويضيف “من حيث المبدأ، هذه الآلات ستجعلنا أكثر ذكاء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى