تمويل الكهرباء من أموال المودعين اللبنانيين… هل ينقذ الكهرباء والودائع؟

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

تتصدّر الكهرباء لائحة الأزمات في لبنان لتشكّل علّة العلل. بالمقابل ترهق فاتورة المولّدات الخاصة جيبة المواطن، وباتت تحوز على ما يفوق الـ 60 % من متوسط الرواتب. في هذا التوقيت برز طرحٌ للنائب طوني فرنجية، تقدّم به بصيغة اقتراح قانون إلى المجلس النيابي، لتأمين الكهرباء 24/24 خلال سنتين ونصف، من أموال المودعين. ينصّ اقتراحه على “إتاحة الخيار أمام المودعين الراغبين بالاكتتاب بشركات خاصة تمتلك معامل كهرباء، بقيمة معينة من أموالهم بأسهم تطرح لاحقاً في البورصة، تكون موجودة على شكل أسهُم”.

ماذا يستفيد المودع من استثمار أمواله في الكهرباء؟

“خلال 20 سنة يستردّ المودع أمواله كدولار حقيقي بدلًا من اللولار”، أي يسترد دولاراته العالقة في المصارف بدلًا من أن يسحبها حاليًا بالقطارة وبهيركات يصل إلى 80%، فضلًا عن حصوله على مردود سنوي بقيمة 5%. طرح فرنجية يرتكز إلى مبدأ “الطاقة من الناس للناس”، ولكن هل لدى الناس طاقة بعد لتستثمر وتنتظر عشرين عامًا كي تسترجع أموالها؟

يأخذ بعض المراقبين على طرح فرنجية المهلة الزمنية لجهة لتأمين الكهرباء 24/24 بعد سنتين ونصف السنة، ولجهة استرداد الوديعة بعد عشرين سنة، ويقول خبير مصرفي تعليقًا، بعملية حسابية بسيطة، متوسط عمر المودع لن يكون أقل من أربعين عامًا، وإذا رغب بالإستثمار بمعامل الكهرباء وفق طرح فرنجية، ستعود إليه وديعته بالدولار الحقيقي في عمر الستين، وفي عمر السبعين إذا كان مودعًا خمسينيًّا، وهكذا دواليك. أي ستعود الأموال بعد أن ينقضي عمر المودع الإنتاجي، ويصبح في سن التقاعد. لكن هذا لا يلغي ما أظهره فرنجية من إيجابيات في طرحه، “من توفير قرابة ملياري دولار او أكثر بعد إنشاء معامل وتحويل انتاج الكهرباء الى الغاز الطبيعي. كما أنّه يؤمّن التمويل من خارج الأموال التي ننتظرها من المؤسسات الدولية التي قد تأتي وقد لا تأتي، وإذا لم يكن هناك هيئة ناظمة، وكلنا نعرف ظروف الهيئة الناظمة”، كما أنّ مشاركة المودعين عملية اختيارية.

سألنا المهندس شكري مكرزل، وهو رجل أعمال وصناعي، عن إمكان أن يستثمر وديعته بإنشاء معامل للكهرباء وفق طرح فرنجية، خصوصًا أنّ أزمة الكهرباء ترفع من الكلفة الإنتاجية لمصانعه، فأجاب “كيف لي أن استثمر أو أدخل شريكًا في قطاع لا أفقه به، ثم ما الذي يمنع أن تتكرر تجربة سوليدير في الكهرباء، بحيث تمّ شراء الأسهم بمبالغ ثم انخفضت الأسعار. نحن كمودعين نريد إستعادة أموالنا من المصارف لنستثمرها في القطاعات التي نفهم بها والتي نعمل بها. ثم كيف للمتقاعد الذي أودع تعويض نهاية الخدمة في المصرف بعمر الستين أو السبعين، أن ينتظر وديعته عشرين عامًا بعد. والمسألة الأهم من سيدير هذا المشروع؟ الفريق نفسه الذي أفسد في قطاع الكهرباء؟ هل ينفع تمويل شركة لا تعرف أن تدير نفسها؟”.

علامة : من المستبعد تحقيق مردود 5%

مبدأ الإقتراح ليس بجديد يوضح الخبير الإقتصادي الدكتور بلال علامة “قدّمناه منذ سنوات عبر وزارة الصناعة، وكان مموّلًا من الصندوق الإستثماري الذي تم فتحه في فرنسا، وجمع 750 مليون دولار لدعم الصناعات في لبنان. يقوم على أساس استخدام أموال من صندوق “Cedar Oxygen” وأخذ ما يقابلها من الأموال المحجوزة، التي تذهب كأسهم وسندات واستثمارات، عبر المشاركة في صناعة رأس المال وتقاضي مردود سنوي من الأرباح. لكن المسألة تخطاها الزمن بحيث ضاعت أو سُرقت بعض أموال الصندوق”.

علامة في حديث لـ “لبنان 24″ رأى أنّ هناك نقطة غير واضحة في طرح فرنجية، لجهة تحديده نسبة 5% كمردود سنوي، فمن المستبعد أن يحقق المشروع الأموال المفترضة، كما أنّه ليس هناك ما يشجّع المستثمر سوى خشيته من خسارة أمواله. بالمقلب الآخر الإعتماد على أموال الإحتياط الإلزامي دونه خطر كبير على ما تبقى من أموال المودعين، ولا أرى أنّ الطرح قابل للحياة، ومن الأجدى البدء بمعامل صغيرة لإنتاج محلّي وجزئي”.

قد يعتبر البعض أنّ طرح فرنجية جدير بالبحث، ويشكّل حلًا لأزمة الكهرباء، ويضمن للمودع ما لا يضمنه المصرف. لكنّه ينطوي على خطورة قد لا تكون مقصودة، ولكنّها فعليًا تنسف الآمال بهيكلة القطاع المصرفي في المدى المتوسط واحتمال إعادة أموال المودعين قبل عشرين عامًا. فإذا افترضنا أنّ الودائع ستُدفع لأصحابها بعد عشر سنوات بقيمتها الدولارية الحقيقية، لماذا يستخدمونها في معامل الكهرباء لقاء استرجاعها بعد عقدين من الزمن؟ وهل الفائدة السنوية من الأرباح مضمونة؟

فرنجية دعّم اقتراحه بآليات لضمان الشفافية، كإخضاع “تمويل إعادة تأهيل الشبكة وتركيب العدادات الذكية لأعلى شروط الشفافية في دائرة المناقصات”، لكن ما يحول دون ترجمة طرحه هو عامل الثقة المفقودة لدى المودعين وخشيتهم من أن تتبخّر أموالهم في صفقات بناء المعامل. يقول فرنجية ردًا على هذه الهواجس “وضعنا شروطاً في هذا القانون عن مهل لإطلاق مناقصات تعالج موضوع النقل والتوزيع مع شركات عالمية، وحددنا أن يكون هناك استشاري عالمي، ليضمن المودع والمساهم أن هذا المشروع سيكون شفافاً وأن أمواله ستعود إليه”. هل تكفي الشروط والضمانات لتشجع المودعين على الإستثمار في الكهرباء؟ الأشهر المقبلة كفيلة بتبيان تجاوب المودعين من عدمه مع طرح فرنجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى