الفرشيشي: علاقتي مع الكتابة الإبداعية أثناء دراستي الثانوية…هي نتاج ارتسامات تخييلية وصور زاخرة في الذاكرة بتفاصيل الأمكنة والشخصيات في فضاءات طبيعية

النشرة الدولية –

هيام الفرفيشي، هي كاتبة وقاصة وناقدة وروائية تونسية، تشرف على أنشطة ثقافية على غرار “بيت السرد” الذي أسسته منذ 2016.

الفرشيشي هي عضو في الهيئة المديرة “بنادي القصة” بالوردية أعرق ناد أدبي في تونس، وعضو في هيئة “جائزة علي بلهوان” بمدينة تونس

صدر لها في مجال القصة ثلاث مجاميع قصصية وهي: “المشهد والظل” حازت على جائزة زبيدة بشير بتونس، “أوشام سرية” ترجمت بعض نصوصها في مجلات أمريكية وبريطانية وأسترالية مختصة

من هي هيام الفرشيشي؟

هيام الفرشيشي قاصة وناقدة وروائية تونسية وكاتبة صحفية. أشرف على أنشطة ثقافية على غرار “بيت السرد” الذي أسسته منذ 2016 ويهتم بالاشكاليات النقدية التي تطرحها المدونة الأدبية الحديثة، و أشرف على “بيت الفكر والإبداع” في المكتبة المغاربية بن عروس منذ 2017. عضو في الهيئة المديرة “بنادي القصة” بالوردية أعرق ناد أدبي في تونس، وعضو في هيئة “جائزة علي بلهوان” بمدينة تونس. و شاركت في ندوات مهمة هنا وهناك.

حدثينا عن أعمالك أو نتاجاتك الأدبية؟

صدر لي في مجال القصة ثلاث مجاميع قصصية وهي: “المشهد والظل” حازت على جائزة زبيدة بشير بتونس، “أوشام سرية” ترجمت بعض نصوصها في مجلات أمريكية وبريطانية وأسترالية مختصة، “خيال الموج” اتخذت من الموج تيمة ثقافية. وصدرت لي أخيرا رواية “أطياف ماء قديم”.

كم حصلت الفرشيشي على جوائز والتكريمات؟

لست من الذين يشاركون في مسابقات أدبية أو من الذين يبيعون مواقفهم للحكام.  وقد يكون مرد ذلك موقفا من الجوائز التي تمنح للأصدقاء واستجابة لعلاقات نفعية ومع ذلك فازت مجموعتي القصصية الأولى “المشهد والظل” بجائزة زبيدة بشير للإبداع الأدبي عن مركز الدراسات والبحوث والإعلام والتوثيق حول المرأة. وقد رشحت آليا أيام الثورة التونسية وتوجت في 2011. كرمت في المعرض الوطني للكتاب وفي مناسبات ثقافية متعددة وهي تكريمات ثقافية لا غبار سياسي عليها.

كيف بدأت العلاقة بينك وبين الكتابة ومن شجعك حتى أصبحت ما انتِ عليه الآن؟

بدأت علاقتي مع الكتابة الإبداعية أثناء دراستي الثانوية وهي نتاج ارتسامات تخييلية وصور زاخرة في الذاكرة بتفاصيل الأمكنة والشخصيات في فضاءات طبيعية ومعمارية وأثرية مختلفةمنذ الطفولة. وتغذت بشغفي بالمطالعة لأهم الأدباء العرب ثم انجذبت للأدب الغربي والأمريكي، الانجلوسكسوني خاصة إذ وجدت من خلاله  العوالم التي أختزنها، وتداخل الواقع مع الغامض والسحري والأسطوري والتحليل النفسي للشخصيات.

وفي البداية وجدت التشجيع من بعض الأدباء والمشرفين على الإبداع الثقافي على غرار يوسف رزوقة، فاطمة سليم، الدكتور عبدالرزاق الهمامي، أحمد ممو وغيرهم من المشرفين على الإعلام الثقافي المكتوب والمرئي والمسموع.

كيف كانت بداية هيام الفرشيشي؟

في البداية لم أتوقع أن أجد نفسي في “نادي القصة” بالوردية أعرق النوادي الأدبية تحت إشراف الأديب الكبير محمد العروسي المطوي. ونخبة من كتاب القصة والنقاد. وحدها الصدفة جعلتني أقابل الأديبة الراحلة فاطمة سليم في إحدى المدن التونسية. كانت أول من قرأ لي وأخذتني إلى ذلك النادي العريق.

هل كانت لكِ بداية صعبة أم سهلة بالكتابة؟

في “نادي القصة” قرأت نصوصي القصصية ضمن ورشات النقد، واكتسبت تقنيات الكتابة، واستفدت من خبرة كتاب متمرسين في هذا الفن القصصي. وفتحت لي صفحات أدبية في الصحف و نشرت لي المجلات التونسية والعربية. لم تكن البداية صعبة بل وجدت الطريق السالكة للنشر وإثبات الذات.

ما هي  قناعتك بأهمية الكتابة من الداخل الإنساني وعنه في الوقت ذاته؟

أكتب من الداخل الإنساني لأقاوم التشيء وأصور الحيوات العميقة، وأواجه الظلال النفسية العاتمة. والكتابة تنبثق من الداخل، تفتق الكمون، وتعكس شحنات ذاتية عاطفية وفكرية خلاقة، وحين نتجاهل العمق الإنساني نصنع كتابات آلية خالية من الروح.

هل يؤثر بك النقد سواء الإيجابي أو السلبي على حد سواء؟

أنا ضد النقد المتسلط على النص والنقد المسلط من خارج النص والنقد المتعسف على النص. الناقد كالمهندس إن لم يكن فنانا سيقيس النص بنظريات مكدسة وتصورات محنطة دون أن يعي العملية الإبداعية. أنا ضد النقدة الذين يربطون بين الكتابة الأدبية والاختصاص الأدبي. وكأن الأدب يصنع في جامعات الآداب. فتكون اختياراتهم محلية لا قيمة إنسانية لها.

كيف طقوسك للكتابة؟

ارتبطت طقوسي بالكتابة سابقا بالعودة لفضاءات الذاكرة التي شكلت لي تجاربا حسية سابقا فالروائح والألوان  والصور و نمط الشخوص والأصوات تشكل لي الحنين لتخيلاتي القديمة في تلك الأمكنة، وقد أرصد ما رسخ وما فقد واندثر ، فأكتب في ربط بين الذاكرة والحاضر وأنسج الأحداث والقصص، أما الآن تقترن الكتابة لدي باليقظة في الصباح الباكر.

ما هي أهم القضايا التي تناولتها الأديبة هيام الفرشيشي بكتابتها؟

كتبت في مجموعتي الأولى “المشهد والظل” عن تحكم الظل في المشهد وعتمة الواقع، وعن شخصيات تعيش حالة بحث عن الحرية في كل المجالات. و تعمقت في تصوير الشخصيات من الداخل. في المجموعة الثانية “أوشام سرية” عالجت فنيا توتر الواقع والشخصيات من الخارج وتحول الواقع المتوتر إلى شخصيات متوحشة عنيفة مثل “أرملة العنكبوت” و “الرجل الذئب”، في المجموعة الثالثة “خيال الموج” تحدثت عن علاقة الذات بالآخر وعلاقة الذات بنا من خلال البحر عودة إلى ايقاع الموج يذكرنا بحكايات قديمة تتجدد وتعيد نفسها في صور جديدة..

روايتي “أطياف ماء قديم” هي رواية وجودية فكرية تلمس حركة الماء في اندفاعه من الباطن وكل تحولاته الفيزيائية ترسم مسار الشخصيات في رحلات وجودية تتقاطع و تنفرط. وكل هذه الشخصيات تهرب من أطياف قديمة سكنت البحيرات ومازالت تتجسد كحقيقة تذكر الإنسان بماضيه النرجسي. فهو المرآة التي تهرب منها الشخصيات لترى الجوانب الأخرى الداكنة المظلمة تحت تأثير الشموع والمصابيح والإنارة المختلفة. وقد تتحول الرؤية في هذا الإطار إلى إبداع خلاق أو رؤى عبثية لا عقلية. . وهي رواية تصور الوجود الاجتماعي باستعارات وجودية و تدور وقائعها في فضاءات تونسية لها خصوصية طبيعية و معمارية ساحرة وغامضة.

في العام 2011 نالت الأدبية هيام الفرشيشي جائزة الكريديف، حدثينا اكثر عن ذلك؟

نلتها أيام الثورة التونسية،  وقتها كنا في فترة تاريخية مفصلية، لا توجد لجان مسيسة، لذلك نلت الجائزة.

هل تجد الكاتبة هيام نفسها في القصة القصيرة أم في النقد الأدبي؟

أجد نفسي أكثر في السرد القصصي والروائي، هذا لا يعني أنني لا أجد نفسي في النقد الأدبي، ولكن متعة الكتابة حين تواجهني الشخوص والأحداث التي ابتكرتها وخضت معها رحلة فكرية ووجودية.

باعتبارك تكتبين الشعر… من كان له النصيب الأوفر بالتأثير على تجربتك وأيضاً في مشوارك الأدبي؟

أكتب الشعر في لحظات خاصة جدا، ورصيدي من النصوص الشعرية قليل ومع ذلك ترجم للغات أخرى، في بداياتي وجدت في الشعر ايقاع الروح و عمق العاطفة وبهاء الانعتاق، غير أنني ظللت طريق الشعر ولا أهتدي إليه إلا نادرا. ومن المؤثرين علي شعريا في تلك البدايات شعراء المدرسة الرومنطيقية الأنجليزية. وحاليا أتعامل مع الشعر كقارئة دون أن يؤثر على وجداني.

ما هي نصيحتك للمواهب الأدبية الشابة التي ما تزال في بداياتها؟

نصيحتي لهم هي المطالعة والتمكن من اللغة وتقنيات الكتابة، ثم المرور لمرحلة التجديد ومغامرة الكتابة الإبداعية. نصيحتي لهم أن لا ينضووا في تيارات ايديولوجية تسيطر عليهم وعلى أفكارهم.

كيف تنظرين إلى أعمالك وهي تخاطب لغة أخرى؟

حين ترجمت بعض نصوصي القصصية للأنجليزية كتبت عنها قراءات نقدية بالأنجليزية، واعتبرت نصوصي قريبة جدا من المرجعية الثقافية الغربية والحكي الشعبي الغربي، وهذا صحيح لأنني أميل للثقافة الغربية أكثر من توظيف التراث العربي. وهذا يعود إلى تعلقي بتيارات الحداثة والمعاصرة كما يعود إلى شخصيتي ورؤيتي الذاتية. فأنا منفتحة على الضفة المتوسطية وعلى التراث الفكري الهندو -أوروبي،  وعلى شمال القارة الأمريكية أكثر من انفتاحي على الشرق وعلى الواقعية السحرية في أمريكا الجنوبية.

كيف تقييم الفرشيشي المشهد الأدبي التونسي والعربي؟

المشهد التونسي كما المشهد العربي في حركية لافتة و برزت فيه كتابات قلقة متمردة مجددة،  تتفاوت مستوياته، ولكن ما ينخره توظيفه ايديولوجيا وخدمة تيارات  تخدم السلط القائمة، أو توجهات حزبية لها ثقلها وتأثيرها على الحقل الإبداعي والثقافي،  أي أن هامش الحرية الذاتية يقل في إطار ما ترتضيه أو توجهه تلك اللوبيات. ويعيش من خلاله المبدع العربي انفصاما بين هامش التخييل وتبعيته خارج النص.

أين تجد الكاتبة هيام الفرشيشي نفسها؟

أجد نفسي مع ذاتي وحريتي التي لن أتنازل عنها تحت تأثير كل الإغراءات التي تقدم للمبدعين بمقابل الانضواء والتموقع. الكتابة كالحلم لا يمكن إلا أن يعبر عن شخصيتك. فأنا لا أؤمن بتناسخ الأفكار والرؤى والنهل من مرجعية ايديولوجية مسبقة ومسقطة.

هل ترى الكاتبة والشاعرة هيام ان ما سمي بالربيع العربي كان له تأثير على الثقافة العربية والتونسية؟

الربيع العربي لم يغير الواقع الثقافي وعلاقة المبدع بالسلطة في البلدان العربية، فمازالت قائمة على سياسة العصا والشجرة، ما تغير في البداية هو ظهور تيارات ايديولوجية مسيطرة، ولكنها سرعان ما امتزجت مع قوى ما قبل الثورة، وهي تنهل من المرجعيات الخليجية الفاعلة والمؤثرة فتكاثرت المؤسسات  الثقافية الخليجية في بلداننا من طرف قطر الإمارات  وغيرها، وتكاثرت مراكز البحوث و مراكز الفكر العربي. وكلها منظمات غير حكومية أو مؤسسات تمنح المال للمثقفين وللمبدعين العرب لكي يدورا في فلكها. وهناك دعم خليجي للجمعيات الثقافية ودور النشر.  فماذا تغير بعد ما يسمى بالربيع العربي. لقد باع المثقف ذمته وانضوى داخل هذا الأخطبوط العربي مقابل المنح المالية والجوائز والمناصب.  أين هو المشروع الثقافي الوطني، وهل تقبل سلط ما بعد الثورة بدور المثقف في رفع الوعي. أشك في ذلك.

=

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى