بين تأليف الحكومة اللبنانية وتعطيلها الدولار يقفز تسعة الآف ليرة

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

كلنا يذكر كيف هبط سعر صرف الدولار بسرعة قياسيّة بالتزامن مع تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في أيلول الماضي، حيث انخفض من 22 ألف ليرة إلى حدود الـ 13 ألف ليرة بغضون أيام قليلة، على وقع الأجواء الإيجابية على خط التأليف، أي بمعدل تسعة الآف ليرة في حينه. كان يمكن لهذا المسار أن يستمر، فيما لو وضعت المكونات الحكومية في قائمة أولويتها التعاون مع رئيس الحكومة لمعالجة الأوضاع المعيشية الحرجة، والتخفيف من وطأة الإنهيار المالي والإقتصادي، والتوصل إلى خطة اقتصادية إنقاذية مع صندوق النقد الدولي تلجم جنون الدولار، والقيام بالإصلاحات المطلوبة في قطاعات متعددة وعلى رأسها قطاع الكهرباء، والاهم عدم تعطيل جلسات مجلس الوزراء.

مرّ حوالي شهرين على تأليف الحكومة، عاود الدولار المنحى التصاعدي على وقع التأزم السياسي، وتخطّى بأيام قليلة عتبة الـ 23 ألف ليرة، وذلك للمرّة الأولى منذ تموز الماضي. الأمر ليس مفاجئًا بالنظر إلى تعطيل جلسات مجلس الوزراء، في وقت يبدو البلد بأمس الحاجة لتعزيز عمل الحكومة وتكثيف جلساتها ليلًا نهارًا، لحلّ الأزمات العالقة الصحية والمعيشية بالدرجة الأولى، كذلك، ليس مفاجئًا تجاهل بعض القوى لحراجة الواقع المعيشي المأساوي، ومضيها قدمًا في شروطها المعطّلة للمؤسسات، فما عودتنا غير ذلك.

تقلبات بورصة الدولار بهوامش تقارب عشرة الآف ليرة بغضون شهرين، تؤكد أنّ أسعار الصرف المعتمدة في السوق الموازية مبالغٌ فيها، ولا تعكس السعر الحقيقي للدولار، وفق رؤية مصادر اقتصادية، وأنّ بورصة الدولار لا تحكمها المؤشرات الإقتصادية وقاعدة العرض والطلب وحدها، بل تفرض المعادلة السياسية إيقاعها على تقلبات السعر. بمعنى أنّ الإنفراج السياسي ينعكس انخفاضًا في سعر الصرف، بالمقابل التأزم السياسي يرفع السعر، وذلك بظل المؤشرات الإقتصادية نفسها.

في السياق تشير المصادر إلى ظاهرة غريبة في لبنان “كأن يرتفع سعر الصرف منتصف الليل وفي عطل نهاية الأسبوع حيث لا أسواق مالية أو تجارية، وهو أمر يثبت الدور السلبي والمشبوه للتطبيقات التي تتلاعب بالسعر وتحدده وتحقق الأرباح على حساب البلد وناسه، وكأنّ هناك سعرًا يُوضع غب الطلب بمعزل عن قواعد العرض والطلب”.

المعطى السياسي المأزوم، الذي بدأ بتعطيل جلسات مجلس الوزراء على خلفية موقف حزب الله وحركة أمل من القاضي طارق البيطار، والذي تفاقم مع افتعال أزمة دبلوماسية مع دول الخليج، كان له دور كبير في ارتفاع سعر الصرف. لكن ذلك لا يلغي الأسباب الأخرى لهبوط الليرة، منها ارتفاع الطلب على الدولار من السوق الموازية لاستيراد المحروقات، بعد قرار مصرف لبنان عدم تأمين الجزء الأكبر من الطلب على الدولار لعملية الإستيراد، الأمر الذي خلق طلبًا إضافيًا وكبيرًا على الدولار من السوق الموازية، كذلك الحال بالنسبة لارتفاع الطلب على الدولار لاستيراد الأدوية غير المدعومة. يضاف إلى ذلك، التداعيات الإقتصادية للأزمة الخليجية، لجهة وقف الصادرات اللبنانية، ما أدى إلى  تضرر القطاعات الإنتاجية، وفي مقدمها الزراعية والصناعية، التي كانت تشكل مدخلًا للدولار.

الكل بات مدركًا أنّ السبيل إلى عقلنة الدولار تمر بعقلنة الأداء السياسي، في هذا الإطار يسعى الرئيس ميقاتي لمعاودة استئناف جلسات مجلس الوزراء، وتفعيل السلطة التنفيذية، كمدخل وحيد لحل الأزمات المتفاقمة في البلد، لكن حتّى اليوم لا يبدو أنّ التصدي لإفقار للبنانيين وتجويعهم في أجندات البعض

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى