فورين بوليسي: هل تستعد روسيا لغزو أوكرانيا؟
النشرة الدولية –
الحرة –
تثير الحشود العسكرية الروسية بالقرب من أوكرانيا المخاوف في واشنطن، فيما تستحوذ خطوات بيلاروس الاستفزازية المتزايدة ضد الاتحاد الأوروبي على المزيد من الاهتمام، وفق تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي.
في الأيام الأخيرة، ندد كل من حلف شمال الأطلسي وواشنطن وباريس وبرلين بتعزيز الوجود العسكري الروسي عند الحدود الشرقية لأوكرانيا حيث يدور نزاع مسلح مع انفصاليين موالين لروسيا منذ العام 2014. ويخيم توتر شديد على المنطقة منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية في العام نفسه.
وأظهرت تسجيلات مصورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا أن روسيا تحرك قوات ودبابات وصواريخ باتجاه الحدود الأوكرانية، ما أثار القلق من احتمال حدوث تصعيد في النزاع.
وقامت روسيا في ربيع العام 2021 بعمليات عسكرية واسعة النطاق قرب أوكرانيا، ما أثار مخاوف من اجتياح.
ماثيو كروينيغ من مركز سكوكروفت للاستراتيجيات والأمن التابع للمجلس الأطلسي، يرى أن المخاوف مبررة من استمرار زيادة أعداد الجنود الروس بالقرب من أوكرانيا، والذين يقدر أعدادهم حاليا بنحو 100 ألف جندي.
وأضاف أن “القدرة على الغزو موجودة، وهي ليست موضع شك، حيث يرغب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بإعادة دمج أوكرانيا في روسيا الكبرى، والتي يأمل أن تكون بتكلفة معقولة”.
ويرى كروينيغ “أن بوتين قد يعتقد أنه من الأسهل احتلال أوكرانيا، خاصة وأنه ليس من الواضح ما يمكن للغرب فعله لمنعه من ذلك، وهو ما يجعل عملية الغزو مغرية في عيون بوتين”.
ولم يستبعد أن يبحث بوتين عن تسوية سلمية، أو السعي لاحتلال مناطق محدد من البلاد، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يزال يشكل مدعاة للقلق، حيث كان ضم موسكو لجزيرة القرم في 2014 تطورا جيوسياسيا مهما انتهك سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، وهو ما يستدعي من قادة الدول الغربية عدم السماح بعملية استيلاء ثانية على الأراضي الأوكرانية.
احتلال لنصف البلاد
إيما أشفورد من مركز سكوكروفت للاستراتيجيات والأمن التابع للمجلس الأطلسي أيضا، ترى إن تمركز القوات الروسية قرب أوكرانيا لا يدعو للقلق، خاصة وأن موسكو فعلت الشيء ذاته في أبريل الماضي، وأن القادة الروس أنفسهم لا يعرفون ما إذا كانوا يعتزمون تنفيذ إجراء ضد أوكرانيا أم لا.
وأضافت أن روسيا تستخدم هذه القوات كـ”قوة ضغط ضد أوكرانيا”، مشيرة إلى أنه ليس “من الواضح ما الذي يحاول الروس تحقيقه على الصعيد العسكري”، لكن الروس منزعجون من استمرار الدوريات البحرية للولايات المتحدة والناتو في البحر الأسود.
وذكرت أشفورد أن المنطقة تشهد مزيدا من التصعيد بسبب السلوك الاستفزازي لحليف روسيا، رئيس بيلاروس، ألكسندر لوكاشينكو.
وتستبعد أشفورد أن يقوم بوتين باحتلال أو غزو أوكرانيا خاصة “لأنها دولة كبيرة وليس من الممكن احتلالها ودمجها في روسيا الكبرى”، وترى “ربما أن الهدف قد يكون أقل طموحا بضم بعض الأراضي الأوكرانية شرق نهر دنيبر، ما يعادل نحو نصف البلاد”.
وأضافت “أن روسيا قد تبقي على القوة العسكرية لفرض تسوية سلمية بشأن أوكرانيا، وستسعى لفرض سيطرة مباشرة على مناطق أصغر في البلاد، وهو ما يعني أن الفوائد قد تفوق التكاليف”.
مناورات البحر الأسود
بوتين اتهم الغرب الخميس بـ”تصعيد” النزاع مع كييف عبر إجراء مناورات في البحر الأسود وإرسال قاذفات للتحليق قرب الحدود الروسية، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.
وقال في خطاب إن “شركاءنا الغربيين يصعدون الوضع عبر تزويد كييف بأسلحة حديثة فتاكة وإجراء مناورات عسكرية استفزازية في البحر الأسود”، مشيرا إلى أن قاذفات غربية حلقت “على بعد 20 كيلومترا عن حدودنا وهي تحمل، كما نعلم، أسلحة خطيرة جدا”.
واتهم الغرب بالنظر إلى تحذيرات موسكو من تخطي “الخطوط الحمر” بـ”طريقة سطحية”.
وتابع “إن هواجسنا وتحذيراتنا في ما يتعلق بتوسيع حلف شمال الأطلسي شرقا تم تجاهلها كليا”.
حلفاء كييف
وأعلنت كييف الخميس أنها تسعى للحصول على مساعدات عسكرية إضافية من حلفائها الغربيين بعدما أعربوا عن قلقهم حيال تحركات القوات الروسية عند الحدود الأوكرانية.
وأفاد وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا “ازدادت عدائية روسيا الدبلوماسية والعسكرية بدرجة كبيرة في الأسابيع الأخيرة”.
وقال للصحفيين إن “أوكرانيا تعزز تعاونها مع حلفائها بشكل نشط لمواجهة التهديدات”.
ولفت الوزير إلى أنه بعد زيارتين أجراهما إلى واشنطن وبروكسل في الأيام الأخيرة، فإن “العمل جار لتطوير حزمة شاملة لاحتواء روسيا”.
وأوضح أن الحزمة تترجم بـ”دعم سياسي” لأوكرانيا من حلفائها الغربيين و”تكثيف الضغط الدبلوماسي ومن خلال العقوبات” على روسيا، إلى جانب “إمداد جيشنا بمزيد من الأسلحة الدفاعية”.
وأعرب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي عن قلقه حيال تحركات القوات الروسية وحذر موسكو من تنفيذ أي غزو محتمل.
وأسفر النزاع في شرق أوكرانيا عن مقتل 13 ألف شخص.