هل ينجح الدفع الدولي لإنهاء ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية قبل نهاية العام الحالي؟

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

عاد الحديث عن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، بعد أن تجمّدت المفاوضات غير المباشرة بينهما منذ كانون الأول الماضي، بسبب رفض اسرائيل خريطة جديدة للمنطقة الاقتصادية الخالصة، تثبت حق لبنان بزيادة مساحة 1430 كيلومتراً مربعاً على الخط البحري رقم 23.

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفي رسالة الإستقلال تطرّق إلى ملف الترسيم لافتًا إلى “إشارات إيجابية بدأت تلوح للتوصل الى اتفاق يضمن مصلحة لبنان وسيادته على مياهه وثرواته الطبيعية، ويؤدي الى استئناف عملية التنقيب عن النفط والغاز”. وكان عون قد أبلغ السبت الماضي وفدًا أمريكيا زاره، أنّ بلاده تتطلّع إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية.

ما الجديد في ملف الترسيم البحري؟ وهل ستُثمر جولات التفاوض هذه المرة في حال استؤنفت؟

عوامل عديدة تدفع باتجاه إنجاز ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، لاعتبارات تفوق بطبيعة الحال استثمار لبنان لثروته من النفط والغاز، لتشمل الصراع الدولي ودور سياسة الأنابيب في تقاسم النفوذ الدولي في العالم. من هذا المنطلق تبدو الولايات المتحدة الأميركية مهتمّة بإنجاز الترسيم، وتأمين بديل عن الغاز الروسي إلى أوروبا من خلال غاز شرق المتوسط، كي لا تبقى “القارة العجوز” رهن الغاز الروسي. إذ تحتكر روسيا شبكات أنابيب الغاز المتجهة إلى أوروبا من خلال شركة “غازبروم” المملوكة من الحكومة الروسية، وهي ثاني أكبر شركة في مجال الطاقة في العالم بعد شركة “اكسون موبيل” الأمريكية، وتصدّر موسكو الغاز للسوق الأوروبيّة من خلال أربعة أنظمة خطوط أنابيب رئيسيّة. هذا الواقع، وفق مقاربة الخبير الإستراتيجي العميد ناجي ملاعب، لا يروق للولايات المتحدة، التي كانت قد أوقفت مرّات عدّة استكمال خط أنابيب “نورد ستريم2” الذي يربط روسيا بألمانيا، خوفًا من استخدامه كسلاح جيوسياسي، قبل أن تعود الإدارة الأميركية الجديدة وتوافق على استكماله بشروط معينة. وفي العاشر من أيلول الماضي أعلنت روسيا أنّ الخط أُنجز بالكامل، وتبلغ قدرة نقله 55 مليار متر مكعب من الغاز في العام، ويمتد على 1230 كيلومتراً تحت مياه بحر البلطيق، وقد بلغت كلفته حوالي عشرة مليارات يورو.

حاولت الولايات المتحدة أن توصل الغاز الصخري الذي تنتجه إلى أوروبا، وأنجزت تعاونًا مع قطر، وألزمتها بشراء أسطول كبير بكلفة 20 مليار دولار يجلب النفط من الولايات المتحدة إلى أوروبا، لكن تبيّن أن سعره يبلغ ضعف أسعار الغاز الروسي الآتي عبر الأنبوب مباشرة. لم يبق أمام الولايات المتحدة سوى غاز شرق المتوسط، من هنا تدفع واشنطن باتجاه استكمال الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل لإيصال غاز المتوسط إلى القارة الأوروبيّة.

الترسيم حاجة إسرائيلية، في السياق يلفت ملاعب في حديث لـ “لبنان “24 إلى أنّ إسرائيل أبرَمت عام 2016 اتّفاقاً مع اليونان وقبرص لمدّ أنبوب للغاز من الحقول الإسرائيلية والقبرصية إلى اليونان، ومنها إلى باقي دول الإتّحاد الأوروبّي. هذا الخط الذي يفترض أن ينجز عام 2025 يمر في أماكن معينة ما بين حيفا وقبرص بانحدارات قويّة في البحر، وفيما لو تمّ سحبه صعودًا باتجاه المياه الاقتصادية الخالصة للبنان يخف الإنحدار ويسهل مروره. كما أنّ اسرائيل لزّمت شركة إنرجيان اليونانية البدء بالتنقيب في حقل كاريش اعتبارًا من 1-1- 2022، وأي تأخير بالبدء في التنقيب سينتج عنه غرامة، لذلك تحاول إسرائيل أن تنجز الترسيم قبل نهاية العام الحالي.

الوسيط الأميركي في عملية التفاوض غير المباشر لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين، اتّبع منذ تعيينه الدبلوماسية المكوكية متنقلًا بين بيروت وتل أبيب، من أجل تقييم مواقف الفريقين قبل العودة إلى الناقورة وإكمال المفاوضات، طارحًا معادلة جديدة في الترسيم “لا تقوم على اساس خط بحري بل على اساس حجم الثروة تحت الارض” فق ما يشير ملاعب.

بالخلاصة يرتبط الترسيم بحسابات الإدارة الأميركية وحاجتها إلى غاز شرق المتوسط، وعلى لبنان أن يكون حاضرًا بموقف رسمي موحّد لتلقف الفرصة، من هنا تبدو أهمية عودة العمل الحكومي كي لا يجلس لبنان على طاولة الترسيم ضعيفًا مشرذمًا ومنقسمًا.

زر الذهاب إلى الأعلى