مزيد من التعسف
بقلم: أ.د. غانم النجار
النشرة الدولية –
أثناء الغزو العراقي لاحظنا أن عدداً كبيراً من الأشخاص دخلوا الكويت من العراق، ضمن تنظيم ملحوظ، وقد طرحنا ذلك حينها في نشرتنا السرية “الصمود الشعبي”، وأبلغت بها الشهيد يوسف المشاري ورفاقه، رحمهم الله، الذي أكد لي أنه نقلها للحكومة في المنفى كما نقلها آخرون، نظراً لخطورتها. ثم تفاقم الوضع مع اقتراح الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران باستفتاء الشعب الكويتي على طبيعة نظامه، وكان ضرورياً إيصال ديسكات المعلومات المدنية، التي كانت في بدايات تكوينها، إلى نيويورك، ومن ثم توثيقها رسمياً في الأمم المتحدة. وقد تصدى لهذه المهمة أشخاص ضحوا بحياتهم لنقلها، عبر رحلة معقدة، ومنهم غير كويتيين، إلى أن وصلت لنيويورك.
يوم أمس الأول، حلت بنا الذكرى الـ 31 لقرارٍ لمجلس الأمن فريدٍ من نوعه حول هذا الموضوع، لا يعطى أهمية مثل القرارات الأخرى، ولتعميم الفائدة نذكر أهم ما جاء فيه:
“إن مجلس الأمن… وإذ يكرر تأكيد قلقه للمعاناة التي لحقت بالأفراد في الكويت من جراء غزو واحتلال العراق للكويت… وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة:
1 – يدين محاولات العراق لتغيير التكوين الديموغرافي لسكان الكويت، وإعدام السجلات المدنية التي تحتفظ بها الحكومة الشرعية للكويت.
2 – يكلف الأمين العام بأن يودع لديه نسخة من سجل سكان الكويت، تكون قد صادقت على صحتها الحكومة الشرعية للكويت وتشمل تسجيل السكان حتى 1 أغسطس 1990 .
3 – يطلب إلى الأمين العام أن يضع بالتعاون مع الحكومة الشرعية للكويت نظاماً للقواعد واللوائح التي تنظم الوصول إلى النسخة المذكورة من سجل السكان واستخدامها.
اتخذ القرار بالإجماع في الجلسة 2963 ، وأيده بالإضافة إلى الدول الخمس الدائمة العضوية، كندا وساحل العاج وكولومبيا وكوبا وإثيوبيا وفنلندا وماليزيا ورومانيا واليمن وزائير.
قد تكون الكويت هي الدولة الوحيدة، التي أودعت سجل سكانها في الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن، استناداً إلى الفصل السابع من الميثاق.
ويعني ذلك أن الحكومة الكويتية بإيداعها ذلك السجل في الأمم المتحدة، كانت تتصدى لمحاولات العراق تغيير التركيبة السكانية حتى 1 أغسطس 1990 ، بما في ذلك البدون.
ألا يفترض أن يعني ذلك شيئاً للحكومة، وأن تعتمد وجود البدون بمعيار جديد من 1 أغسطس 1990 ، خاصة أن الكثير منهم تم تسجيلهم حينذاك ككويتيين؟ وإن صح صدور تعميم وزارة العدل بمنع توثيق زواج البدون، حتى لو صدر بحكم قضائي، إلا إذا كان أحد طرفي الزواج كويتياً، فإن ذلك يدل على أن الحكومة تتمادى في التعسف، والتفنن في إجراءات مخالفة للدستور والقانون والشرع، غير مكترثة للمجتمع الدولي. ألا يكفينا من إجراءات أدت إلى إثراء بعض المسؤولين عن طريق استغلال وضع البدون ببيعهم الجوازات؟